في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العراق والمنطقة، تزداد التقارير عن نشاط متصاعد لمافيات تهريب العملة التي تستغل هذه الأوضاع لصالحها.
وتعمل هذه الشبكات على نقل الأموال إلى الخارج بطرق غير قانونية، مما يشكل تهديدًا متناميًا للاستقرار الاقتصادي والأمني في العراق.
وتشير التقارير إلى أن هذه العمليات تستفيد من هشاشة المؤسسات الحكومية وانتشار الفساد، وهو ما يفتح الباب أمام خسائر ضخمة على مستوى الاحتياطي النقدي والقدرة على تمويل الاحتياجات الأساسية، فضلاً عن تفاقم التضخم وتدهور قيمة الدينار العراقي.
وكشف المختص في الشأن الاقتصادي، محمد الكبيسي، أن “مافيات تهريب العملة في العراق والمنطقة تستغل الأزمات الاقتصادية والسياسية لزيادة عمليات تهريب الأموال إلى الخارج، مما يترتب عليه أضرار جسيمة على الاقتصاد العراقي”.
وأوضح أن “هذه المافيات تعمل على تحويل مبالغ ضخمة بطرق غير قانونية، مما يؤثر بشكل مباشر على قيمة الدينار ويزيد من حدة التضخم في البلاد”.
وأشار إلى أن “عمليات التهريب تؤدي إلى نقص في احتياطي العملة الصعبة، وهو ما يضعف قدرة العراق على تمويل احتياجاته الأساسية من الواردات ويزيد من تدهور ميزان المدفوعات”.
وأضاف أن “خروج هذه الأموال بشكل غير قانوني يسهم في تراجع الاستثمار الداخلي وخلق بيئة اقتصادية غير مستقرة، حيث يعتمد التهريب على قنوات فاسدة تقوّض من فعالية المؤسسات الحكومية وتزيد من تفشي الفساد”.
وأكدالمختص أن “تهريب العملة لا يقتصر تأثيره على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا، حيث تُستخدم هذه الأموال في تمويل أنشطة غير مشروعة تشمل تجارة المخدرات وتمويل الجماعات المسلحة، مما يفاقم التحديات الأمنية في البلاد والمنطقة ككل”.
واختتم الكبيسي حديثه بـ “التحذير من خطورة هذه الممارسات التي تضعف السيادة المالية للعراق، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لوقف عمليات التهريب وتعزيز الرقابة على التحويلات المالية، بهدف حماية الاقتصاد الوطني واستعادة الثقة في المؤسسات المالية”.
من جهته، قال المختص في الشأن الاقتصادي، ناصر الكناني، إنه “ما أن تصاعدت الحرب في لبنان وغزة والتوترات الأمنية في عموم المنطقة، حتى برزت مافيات متخصصة تعمل على استغلال هكذا ظروف أمنية من اجل زيادة عملية تهريب العملة من العراق، وهناك طرق مختلفة لهذا التهريب بعضها يتم عبر الاستيرادات الخارجية، التي تتم خارج المنصة”.
وأضاف، أن “العراق يعمل على تقوية عملته الوطنية، لكن هناك من يعمل على إضعاف هذه العملة من طريق جعل الدولار مرتفعًا كثيرًا أمام العملة الوطنية، والبعض يعمل على حصر التعاملات التجارية الكبيرة بالدولار حصرا، وبيع العقارات والسيارات وغيرها، وهذا أيضا يضعف العملة الوطنية، رغم كل الحملات لمنع التعاملات الداخلية بالدولار”.
وتابع المختص في الشأن الاقتصادي، أن “العراق لا يمكن أن يستغل الصراعات والحروب في تقوية عملته الوطنية، خاصة وهو يعمل بكل جهد، داخلي وخارجي، بأن يكون بعيدًا عن تلك الحروب، فالعراق يدرك الخطورة الاقتصادية الكبيرة، إذا ما دخل ضمن دائرة الصراع والحروب”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط