شبابنا والثقافة الحديثة ـ في التقدم

شبابنا والثقافة الحديثة ـ في التقدم * د. رضا العطار

تتقدم الامم وترتقي بجملة وسائل، منها التسلط على الطبيعة، وذلك باختراع الآلات التي توفر على الانسان مشقة العمل تزيد بذلك حريته ورفاهيته، ومنها الارتقاء في الاخلاق، وليس هذا الارتقاء سوى الرضا بالتعاون بدلا من التنازع، والنزول عن الاثرة من اجل الايثار، ومنها رفع المستوى في التعليم حتى يفوز كل انسان بحقه من الثقافة العالمية.

ولكن الى جانب هذا التقدم الصناعي نجد تقدما في الاخلاق. فالرق الغي منذ قرنين، وكان الغاؤه لحافز انساني، لان الاديان لم تحرمه قط.

وكانت المرأة الى وقت قريب، في معظم ارجاء العالم تعيش كالامة التي لا يأبى بها، في شأن امام زوجها، ولكن الرجل تنازل عن حقوقه راضيا ورفعها الى مستواه، فصار لها رأي في البرلمانات وسائر المنظمات النقابية، أليس هذا ارتقاء في الاخلاق ؟

ومن الظواهر التي تدل على التقدم، في الاخلاق، ذلك العناية التي نراها لمصلحة العمال وتعليمهم واسكانهم في مسكن نظيفة، وتحديد ساعات العمل لهم ومنحهم المعاشات عندما يبلغون سن الشيخوخة، فهذه العناية قد قام بها اناس اغنياء لمعاونة الفقراء.

وكان الدافع لتلك الاريحية التي يشعر بها الرجل المهذب، تكريس نفسه للاصلاح، ولو كان فيه بعض الخسارة او المشقة عليه، وقد قامت احزاب الاحرار في ارجاء الدنيا بضروب من الاصلاح، حتى ان انكلترا غدت اشتراكية اكثر من روسيا.

وثم وسيلة ثالثة نراها في التقدم والارتقاء بين الامم المتمدنة، فمعظم الامم الان لا تقنع بالتعليم الابتدائي الاجباري بل تتجاوز التعليم الثانوي اجباريا، ولم يعد التعليم يجري على التقاليد القديمة بل هو يماشي ما جائت الثقافة الحديثة. ففي المانيا في سبيل المثال يتعلم التلاميذ الصغار في المرحلة الابتدائية كيف يصنعون الطيارات ويركبونها.

* مقتبس من كتاب في الحياة والادب للموسوعي سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here