شرفت أيتها الخيبة في مروجنا السليبة

علي الكاش

يبدو ان سياسيي العراق حفظوا على ظهر قلب جميع المفردات في قاموس السرقة والعمالة والطائفية، ولم يفوتهم منها شيئاـ فباتوا أشد أبالسة من ابليس نفسه.
في لقاء مع قريب لي سبق منذ عدة سنوات حصل على الجنسية الامريكية ويشتغل في مكتب استشاري في ولاية ميشيغان الامريكية، جرى نقاش حول صلاحيات الرئيس الأمريكي، وما يستلمه من راتب ومخصصات وامتيازات وغيرها من الأمور، ثم قارنا الحال برئيس مجلس الوزراء العراقي من هذه النواحي، ليتبين الهول الشاسع من حيث الصلاحيات والامتيازات. طبعا لن نتحدث عن الرئيس العراقي لأنه منصبه تشريفي وصلاحياته اقل من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء رغم انه يتجاوز على الأراضي والمساكن والرواتب وبقية الامتيازات. فالطماع النهم لا يمكن ان يكون مستقيما وشهم، رغم انه على قاب قوسين او أدنى من قبره، ربما يظن انه تلك الأموال سيستفيد منها في الآخرة لشراء ذمم الملائكة، كما هو الحال في الأرض.
يبلغ راتب الرئيس الامريكي جون بايدن (400) ألف دولار سنويًا. وقد حدد الكونغرس هذا الراتب منذ عام 2001، مع إقرار بند في مشروع قانون مخصصات الخزانة، وكانت راتب من سبقه من الرؤساء (200) الف دولار سنويا خلال مدة ثلاثين عاما. وتم مضاعفتها وفقا للظروف الحالية والمحافظة على هيبة الرئيس اما بقية الامتيازات فهي (50) الف دولار كنفقات خاصة، (19) الف دولار للترفيه، ومخصصات سفر (100) الف دولار، اما احتياجات مكتبه من اثاث وديكور وكذلك دار السكن فهي (100) الف دولار. اذا تجاوز هذه النفقات فهو يطلب مساعدة من وزارة المالية وبعد موافقة مجلسي النواب والشيوخ تتم الموافقة، والا فهو يدفع من جيبه الخاص. وليس للرئيس اية صلاحية في منح مساعدات مالية للمؤسسات الداخلية والدول الخارجية الا بموافقة مجلس الشيوخ، وليس عند صلاحية في منح قطع أراضي لمؤسسات الدولة او المواطنين الامريكان وغيرها من المساعدات سواء كانت مدنية او عسكرية.
فيما مضى، كان الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم هو اول من بدأ بتوزيع سندات الاراضي الزراعية على الفلاحين عام 1959 ، وقام بتوطين النازحين من جنوب العراق في أطراف مدينة بغداد في مناطق الثورة والحبيبية والفضيلية والكمالية، قدموا مع دوابهم، وعندما توسعت العاصمة دخلوا ضمنها، وبدلا من يطوروا انفسهم مع أهالي بغداد المتحضرين، سحبوا أهالي بغداد الى تخلفهم وانتشار العادات والتقاليد العشائرية البالية.
فيما يتعلق برئيس مجلس الوزراء العراقي فقد أقر ما اقره مجلس النواب طبقاً لأحكام البند (اولا) من المادة (61) والبند (ثالثا) من المادة (73) من الدستور، قانون رقم ( 27 ) لسنة 2011، وجاء في المادة/1 التالي: يحدد راتب رئيس مجلس الوزراء ومخصصاته الشهرية على النحو الآتي:
اولاً- (8000000) ثمانية ملايين دينار راتباً اسمياً
ثانياً- (4000000) أربعة ملايين دينار مخصصات رئاسية.
أقر رئيس مجلس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي ان له مخصصات شهرية تبلغ (مليون دولار) يستخدمها كيفما يشاء بما في ذلك تنزيلها في جيبه. طبعا هذا الراتب والمخصصات غير خاضعة للتدقيق، وللعلم ان عام 2014 لا توجد ميزانية سنوية للعراق، فأكثر من مائة مليار دولار تصرف بها رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي دون ان يقدم وصلا واحدا لوزارة المالية عن مصروفاته، وأين انفق المائة مليار دولار، والطريف ان رئيس مجلس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني كان وزير المالية في ذلك الوقت، والساكت عن الحق شيطان اخرس، والساكت عن سرقة أموال الشعب اكثر لصوصية من السارق الأصلي، وهناك مسؤولون وابوق إعلامية مدفوعة الأجر تتحدث عن نزاهة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني! لا عجب في العراق، كل شيء ممكن.
الرواتب ليست الطامة الكبرى، فرئيس مجلس الوزراء يمتلك العراق ماعدا إقليم كردستان، كل ثروات العراق تخضع لمشيئته، هو من يقرر حتى دون الرجوع الى مجلس النواب، توزيع الأراضي، القصور، النفطـ، المساعدات للدول الأخرى، لذلك كان العراق، ملكا للزعيم الأوحد قاسم، ثم تحول الى عراق صدام حسين، والى عراق المالكي، ثم الى عراق الصدرين، وحاليا عراق محمد شياع السوداني، رغم انه لا توجد صلاحيات لرئيس مجلس الوزراء في الدستور، الذي طالما ينتعل إذا لم تتوافق نصوصه مع جشع واهداف الزعماء السياسيين، سيما ان المحكمة العليا سند قوي في الفساد والتغطية على السرقات، يصدق على السلطات الثلاث المثل (شيلني واشيلك). الحقيقة ان النزاهة الرئاسية اقتصرت على العهدين الملكي (الملوك الثلاثة) والعارفي (عبد السلام وشقيقه عبد الرحمن عارف) فقط.
خذوا هذه الحقائق التي يتنين من خلالها ان رئيس مجلس وزراء العراق يتمتع برواتب ومخصصات وصلاحيات لا يتمتع بها رئيس اقوى واغنى دولة في العالم.
توزيع الأراضي من قبل رؤساء مجالس الوزراء، وهي توزع اما لرفاقهم في الحزب، او لأغراض انتخابية او لغرض المحاباة وشراء الذمم، وليس لأغراض إنسانية كما يظن بعض أصحاب القلوب الطيبة.
أولا: نوري المالكي وزع (29000) قطعة ارض بمساحات تتوافق مع الولاءات، ومنها لبوق الاطار التنسيقي احمد ملا طلال بواقع (4000) دونم، لا نعرف ما علاقة اعلامي باستثمار ارض زراعية بهذا الحجم، لا احد يعرف سور المانح الكريم المالكي، فقد وهب الأمير بما لا يملك للإعلامي الصغير.
ثانيا: حيدر العبادي، فقد منح (16000) قطعة ارض بمساحات مختلفة حسب الولاءات.
ثالثا: عادل عبد المهدي، الإرهابي جزار ثورة تشرين، منح (1100) قطعة ارض لرفاقه في الحزبين المجلس الأعلى وشقيقه تيار الحكمة.
رابعا: مصطفى الكاظمي، منح (470) قطعة أرض معظمها لموظفي مكتب ومستشاريه.
خامسا: محمد شياع السوداني، ستتبين الخيسة بعد خروجه من منصبه، مع ان عشيرة السوداني هي المهيمنة على عطاياه.
لا تظن ان رؤساء مجالس الوزراء مثل اياد علاوي والخبل ابراهيم الجعفري كانوا اكثر نزاهة من البقية، بل يمكن حصر نزاهتهم في عدم توزيعهم أراضي، لكنها استولوا على قصور رئاسية وغير من الامتيازات واهمها التعيينات، في داخل العراق وخارجه (السفارات والملحقيات).

أسباب توزيع الأراضي
أولا: شراء ذمم الناخبين قبل اجراء الانتخابات التشريعية، ونستذكر قيام القاضي (المحمود) بتوزيع سندات أراضي على العشائر في حال انتخابهم نوري المالكي.
ثانيا: الولاءات الحزبية، حيث يوزع رئيس مجلس الوزراء الأراضي على عناصر حزبه كنوع من التكريم وضمان عدم انتقالهم الى حزب آخر.
ثالثا: كسب أصوات شيوخ العشائر من خلال تخصيص عدة أراضي لشيخ العشيرة يوزعها حسب رغبته.
رابعا: منح الميليشيات المسلحة أراضي بمساحات كبيرة كمعسكرات او لغرض استثمارها لتمويل عملياتهم الإرهابية.

تمدد الصلاحيات
لم يقتصر منح الأراضي على رؤساء مجالس الوزراء بل امتد الى الوزراء، مثلا وزع وزير الدفاع جمعة عناد سعدون، الاثنين 7 حزيران 2021 في نادي اليرموك، سندات قطع الأراضي السكنية في بغداد على عدد من عائلات الشهداء والضباط الجرحى الأبطال خلال احتفالية خاصة”.. في 8/3/2024 وزع نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، اليوم الجمعة، الأوامر الإدارية وعقود البيع والسندات العقارية لقطع الأراضي الخاصة بمقاطعة 28 البيبان في قضاء شط العرب على المنتسبين والمستحقين. وقال عبد الغني في كلمة له خلال حفل التوزيع في المركز الثقافي النفطي في البصرة وحضره مراسل المربد انه بحدود 6500 قطعة ارض سكنية تم توزيعها. من جهة أخرى قال نائب محافظ ذي قار محمد الصويلي ان ” الأسبوع المقبل سيشهد توزيع سندات تمليك الاراضي لـنحو 250 شخصا ينتمون الى مؤسسة السجناء السياسيين في المحافظة ، وان ” دائرة التسجيل العقاري/ الشامية مستمرة بإكمال إجراءات نحو 250 مستند تمليك قطع الأراضي سيتم توزيعها على السجناء السياسيين بالمحافظة. كما صرح رئيس نقابة صحفيي محافظة ديالى ساجد المهداوي في عام 2014 حديث لـ”السومرية نيوز”، إن “ملف توزيع سندات الاراضي لصحفيي ديالى والبالغة 167 سنداً جرى وفق الاطر القانونية واعتماد مبدأ الشفافية والالتزام بالضوابط والإجراءات التي أقرتها نقابة الصحفيين المركزية”. في 23/5/2014 اعلنت الشركة العامة للأسمدة، الجمعة، عن المباشرة بتوزيع الوجبة الثالثة من سندات قطع الاراضي المخصصة لمنتسبي الشركة من قبل الحكومة المحلية في البصرة وضمن البرنامج الوطني للسكن الذي باشرت به الحكومة للحد من ازمة السكن. وقال مدير الشركة العامة للأسمدة وكالة عباس حيال في تصريحات صحافية، إن “الحكومة المحلية في محافظة البصرة باشرت تسليم سندات الوجبة الثالثة من قطع الاراضي لمنتسبي شركته وضمن المبادرة الوطنية للسكن. في 6/5/2024 وزعت الشركة العامة لموانئ العراق عددا من سندات الأراضي في منطقة البيبان على موظفيها كما وأجرت قرعة توزيع لأراضي منطقة الداوودية

الخلاصة
هل تعلم انه ليس من حق الملوك والزعماء في الدولة المتقدمة التصرف بمتر واحد من أراضي الدولة ومنحها للمواطنين بغض النظر عن السبب؟
اليس من المفترض ان تسحب تلك الأراضي التي منحت للمواطنين بلا وجه حق او لأسباب انتخابية او بسبب القربى والوساطة والتحزب؟
اليس من واجب المدعي العام ان يفتح هذا الملف، على الرغم من انه منح عدة أراضي؟ اقصد مدعي عام شريف قادم وليس الحالي، وأين القضاء العراقي من هذا الأمر؟
اليس من المفروض ان يناقش مجلس النواب هذا الامر بدلا من الانشغال بتفخيذ الرضيعة وزواج القاصر؟
الا يفترض ان يجرم رؤساء مجلس الوزراء من بعد أياد علاوي ويحاسبوا على فعلهم؟
الخاتمة
على الشعب العراقي ان يفهم ان من احنث باليمين مع الله اثناء القسم، سيحنث بوعوده معهم.

علي الكاش

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here