هي أسماء بنت عميس بن مَعْد بن الحارث بن تَيْم بن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله بن شهران بن عِفرس بن خلف بن أَفْتَل، وهو خثعم. وكانت أمّها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن كنانة أكرم الناس أصهارا وأبناءً. وكانت أختها سلمى زوجة الحمزة سيد الشهداء. ومن أخواتها سلامة زوجة عبد الله بن كعب، وعصماء وهزيلة. كانت أسماء مواليةً لأمير المؤمنين وللصديقة الزهراء الطاهرة (سلام اللّه عليهما).
وقد ترحَّمَ عليها الامام الصادق(عليه السلام) بقوله: (…. فالسِّيَر تذكر كثرة دعاء النبي – صلى الله عليه واله- لها في دنياها وآخرتها، ولطالما قال لها: “جزاك الله خيرا”… ولقد ودّعتِ السيدةُ فاطمة الزهراء الدنيا وهي تدعو لها بالستر).
وروي عن الامام الصادق(عليه السلام) أيضا أنه قال: (رحم الله الأخوات من أهل الجنة: أسماء بنت عميس الخثعمية، وكانت تحت جعفر بن أبي طالب- عليه السلام- وسلمى بنت عميس الخثعمية، وكانت تحت حمزة، وخمسا من بني هلال: ميمونة بنت الحارث كانت تحت النبي- صلى الله عليه واله – وأم الفضل كانت عند العباس واسمها هند والغميصاء، وعزة كانت في ثقيف عند الحجاج بن غلاظ وحميدة ولم يكن لها عقب).
وكانت أسماء من أوائل مَن دخل في الإسلام، ومن النساء اللواتي صحبن رسول الله (صلى الله عليه واله) ومن أوائل المهاجِرات. فقد تزوّجت جعفرَ بنَ أبي طالب(رضوان الله عليه) وهاجرت معه إلى الحبشة، وأنجبت منه عبد الله ومحمدا وعونا (وقيل عوفا). وبعد استشهاده في غزوة مؤتة سنة 8 للهجرة النبوية الشريفة، تزوّجت أبا بكر، وولدت منه محمدا. وبعد وفاة أبي بكر، تزوّجت عليا بن أبي طالب(عليه السلام) وأنجبت منه يحيى، قيل أنّه توفي في حياة أبيه، ولم يعقب، وكذلك عوناً.
وتوصف أسماء بمهاجرةِ الهجرتين ومصلّية القبلتين. وتُعدُّ من النساء اللواتي روَين أحاديث رسول الله(صلى الله عليه واله)، ورُويت عنها. وكانت حاضرةً عند استشهاد سيدتنا الزهراء(عليها السلام) وعند تغسيلها أيضا.
وكما أسلفنا، هاجرت أسماء مع زوجها جعفر بن أبي طالب(رضوان الله عليه) إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة. فولدتْ له هناك عبد الله ومحمدا وعونا. ورجعت معه إلى المدينة في السنة السابعة للهجرة. وروي أن الخليفة الثاني قال لها عندما قدِمت من الحبشة: (يا حبشية ، سبقناكم بالهجرة).
فقالت: (لعمري، لقد صدقت: كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعَكم، ويعلِّم جاهلَكم، وكُنّا البعداء الطرداء. أما والله لأذكرنَّ ذلك لرسول الله).
فقال لها الرسول(صلى الله عليه واله): (للناس هجرة واحدة، ولكم هجرتان). وقيل أنه قال: (لكم الهجرة مرتين، هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إليّ).
كانت أسماء(رضوان الله عليها) ملازمةً للزهراء(عليها السلام) في ليلة زفافها تنفيذا لوصية السيدة خديجة الكبرى(عليها السلام). كما كانت القابلة الشخصية للسيدة الزهراء عند ولاداتها للحسن والحسين (عليهما السلام) وغيرهما. وهي التي ناولت الوليد الأول، الحسن(عليه السلام)، إلى جده رسول الله(صلى الله عليه واله) بعد ولادته.
وكانت المعينة للزهراء في شؤون البيت. كما كانت مصدرا لرواية أحاديث رسول الله وأمير المؤمنين والزهراء(صلوات الله عليهم أجمعين). وكانت قربَها عند وفاتها، وحسب طلب الزهراء، فجهّزتها بالنعش المبتَكر الذي كانت قد رأتْهُ أثناء هجرتِها إلى الحبشة. فكان أولَ نعشٍ أحدث في الاسلام. فدعت لها الزهراء بالستر. وأسهمت بمواساة آل البيت لفقدهم الزهراء. وذُكر أن أسماء قالت: (أوصت إلي فاطمة-عليها السلام- ألا يغسلها إذا ماتت إلا وعلي-عليه السلام- وأنا، فأعنتُ عليا على غسلها).
ثم كانت فيما بعد حليلة الامام علي(عليه السلام)، لتكون أما أخرى لأولادِ الزهراء.
توفيت أسماء(رضوان الله عليها) سنة 38 للهجرة. وقيل أنّها عاشت بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام). ولها قبرٌ في العراق في ضواحي (الهاشمية) على نهر الجربوعية.
وثمة من يُشكِل على وجود أسماء بنت عميس بصحبة الزهراء عند زواجها من أمير المؤمنين (عليه السلام)، لأنها كانت آنذاك في الحبشة. ولذلك جواب، بل أجوبة. فأسماء (رضوان الله عليها) هاجرت إلى الحبشة، ثم رجعتْ إلى مكة لتُهاجرَ إلى المدينة، ثمّ كررت الهجرة إلى الحبشة. فالمسافة عن الحبشة مسافة عرض البحر فحسب، وهي مما يسهل عبوره ذهابا وإيابا.
والأمر الثاني الذي يسندُ الأمرَ الأول أن النبي(صلى الله عليه واله) أمر بنات عبد المطلب وأهل البيت حمزة وعقيل و(جعفر) وسائر أهل البيت(عليهم السلام)بأن يمشوا خلف فاطمة(عليها السلام)خلال زفافها. فوجود جعفر في الزفاف دليل على وجود أسماء.
والأمر الثالث ما نصّتْ عليهِ الروايات المنقولة عن الرواة الثقات من أن أسماء كانت حاضرةً في زواج الزهراء، وكذلك عند ولادة الامام الحسن(عليه السلام). وما ورد عن النبي الكريم وأمير المؤمنين من أحاديث خصَّتْ تلك الولادة المباركة قد تضمنت تلك الأحاديث من أن أسماء هي التي أتت بالمولود الجديد إلى النبي. وتبِعَ ذلك حديثٌ عن الرسول من عدم لف المولود بخرقةٍ صفراء.
ثم أن أسماء لازمت الزهراء في أيامها الأخيرة. وهي التي قالت لها الزهراء لحظةَ وفاتِها: (انتظريني هنيهة وادعيني، فإن أجبتك، وإلا فاعلمي أني قد قدمتُ على أبي)، وهي التي كلمت الحسن والحسين عندما سألا عن امهما وقالت لهما بأنها نائمة. ومرَّ علينا طلبها من أسماء حول النعش وألا يغسلها إلا علي وأسماء.
وقد تزوج الامام علي (عليه السلام) من اسماء، وبقيتْ في كنفِهِ حتى استُشهد. وهي من بين أربعِ زوجاتٍ: أمامة بنت أبي العاص وليلى بنت مسعود وأم البنين فاطمة بنت حزام(رضوان الله عليهن). وقد عاصرتْ أسماء الامام السجاد(عليه السلام)، وقيل أنها تُوفيت في حياته (وقيل غير ذلك).
د. حميد حسون بجية
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط