عقلية شرق أوسطية عجيبة ومتميزة , ما حاول أصحابها النظر فيها والتفكير بأسلوب معاصر , لحل أزمات السكن المتفاقمة في كل مكان وزمان!!
فحكومات دولنا أمضت عشرات العقود بهذه العقلية اللامواكبة , المساهمة في تفاقم أزمات السكن , لأنها لا تستوعب دفق نهر الأجيال.
فكل نظام حكم لا يعرف إلا أن يوزع قطع أراضي , وكأنه بهذا الأسلوب قد حل مشكلة السكن , فيترك المواطن في مسيرة العناء والقهر والإبتزاز , لكي يبني له دارا وبمواصفات رديئة وعمران مشين.
ويبقى ناعور توزيع الأراضي السكنية يدور وبلا توقف , في بلدان لا تمتلك البنى التحتية الضرورية , ولا الشركات الهندسية التي تقوم بالبناء وتكفي المواطن شرّ المقاساة!!
بينما في المجتمعات المتقدمة , يكون السلوك السائد هو بناء المجمعات والعمارات السكنية المتكاملة , وتوزيع الشقق على الناس بأسعار وتقسيطات مناسبة.
الصين تفعل ذلك واليابان ودول أوربا الغربية والشرقية وأمريكا والعديد من بلدان المجتمعات المعاصرة , فالدول تبني البلاد وتريح العباد.
في أوربا الشرقية – على سبيل المثال – شيّد الروس عشرات الآلاف من العمارات السكنية العملاقة , التي آوت الناس ولا تزال ذات قدرات إستيعابية عالية لإيواء الأجيال المتوافدة.
فلماذا نعجز عن إقامة العمارات والمجمعات السكنية المتكاملة بمرافقها الحيوية , من أسواق ومدارس ومراكز صحية وميادين رياضية , ومتنزهات ومسارح وغيرها من الحاجات المعاصرة؟
ولماذا تفشل دولنا في حل أزمات السكن ولا تفهم إلا بتوزيع قطع الأراضي؟!
أيها الناس الدنيا ما عادت تتفاعل بهذه الأساليب البائدة , بل تبني وتشيّد وتنجز المشاريع العمرانية العملاقة الجميلة الرائعة , ذات البنى التحتية المتكاملة وبفنية وتقنية عالية.
فعلى حكوماتنا أن تعيد النظر بآليات تفكيرها , وتستحي من نفسها عندما تتشكى من مشكلة السكن , وأن تخجل من هذا الطرح المخزي الذي يدل على العجز والضعف , فالصين بملياراتها البشرية , لا تعاني من أزمات سكن , لأنها لا توزع أراضي وإنما شقق سكنية , وتبني العمارات بالجملة لإيواء الملايين.
فهل أنتم معاصرون أم متغابرون؟!!
د-صادق السامرائي
21\8\2018