صبري حمد خاطر
رجل يغادر هيكله رواية عجيبة وغريبة
رواية لا تشبه غيرها
وهي تتحدى القارئ على الصبر أولا والفهم ثانيا ثم الحصول على متعة نادرة قوامها ما تمنحه هذه الرواية من قيم جمالية قائمة على تحدي القوالب الجاهزة ، وتحطيم المعايير المعروفة أو المتوقعة ..
لم اطلع على رواية يكشف فيها المؤلف آليات بناء روايته فنيا ، لكن الدكتور صبري حمد خاطر يفعل ذلك ويقوده على سبيل الاعتذار ليس إلا ..! فهو يزرع الشك في أية قناعة يمكن أن تتشكل ، ما يعني فتح بوابة تليها عشرات الطرق ، والقارئ حر في سلك أي طريق ..
رجل يغادر هيكله تعتمد على تعدد الأصوات كتبت عبر ثماني وعشرين فصلا ، تعقبه خاتمة ، هدفها ليس إلقاء الضوء على مصائر أبطاله ، أو توضيح محنتهم ، بل اضافة شك جديد لسلسلة الشكوك التي تثيرها الرواية ..
المزيد من الغوص في فهم سلوك بشري في لحظات محتدمة ، لا يقود إلى الوضوح ، بل إلى عتمة أشد ، حيث يتداخل الواقع بالحلم ، ويصبح ما هو متخيل أساسا لفهم حالة تالية ، ما يزيد في رسم مشهد تتفجر فيه الأزمات والرغبات والمصالح وما فعلته الحروب في تدمير الأخلاقيات .
هي رواية لا يمكن تلخيصها ، فالاحاطة بحركة شخوصها تتطلب شرحا بعدد كلمات أكثر مما منحها المؤلف للفصول برغم تعددها .
من الصعب حقا أن نشبه هذا العمل أو ثيمته بعمل سابق للمؤلف أو لمؤلف آخر ، فالدكتور صبري حمد خاطر يوحي بأنه بعيد تماما عن التأثر بما أنجزته الرواية العربية أو العالمية سلبا أم ايجابا . فهو في روايته العجيبة نسيج خاص ، يتدخل في كل شيء ، ولا يوفر فرصة إلا وينفي تدخلاته جملة وتفصيلا ، ليقدم كما يوحي ، بأن أبطاله أحرار تماما ، يساعده في ذلك سلوك وأحداث وحوارات وتأملات لا تلتزم منهجا معينا ..
لكن القارئ الذي يصر على فك الشفرات المتداخلة يكتشف بعناء وليس بسهولة أن المؤلف غير بريء ، وما يشفع له أنه استطاع أن يقدم رواية طليعية تستحق دراسات وندوات ومناقشات لكشف قيمها الجمالية ، والقدرة الفذة للمؤلف في بناء عمل شديد التعقيد بكل هذا الجمال ..
رجل يغادر هيكله للدكتور صبري حمد خاطر ، صدرت عن دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد / 2024 / 416 صفحة .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط