طريق طهران-بيروت “على المحك” والتوتر قد يصل العراق.. ماذا يجري في “البوكمال” السورية؟


الاثنين 11 نوفمبر 2024
“هناك علاقة لوصول ترامب”
تشهد مدينة “البوكمال” السورية، توتراً منذ أيام بين العشائر والفوج 47، وهو فصيل مسلّح تابع إلى إيران، حيث شهدت المدينة انتشاراً عسكرياً من الطرفين وبناء حواجز، فضلاً عن اشتباكات.
ماذا يجري؟
في السابع من تشرين الثاني الجاري، استنفر أبناء قبيلة العقيدات الممتدة على الجانبين السوري والعراقي، في منطقة البوكمال (شرق دير الزور) ضد الفصائل الإيرانية التي تسيطر في المنطقة خصوصاً “الفوج 47″ التابع للحرس الثوري الإيراني، احتجاجاً على ممارسات الفصيل تجاه أبناء المنطقة، وفق شهادات من أبناء المدينة.

وشنت قبيلة العقيدات هجوماً على عناصر الفصائل ومواقعهم وآلياتهم في المنطقة، واعتقلت عدداً من قادة تلك الفصائل وأحرقت سياراتهم ومقارهم، مطالبة بـ”إبعاد الفصائل الإيرانية من المنطقة”.
وشاركت عشائر الحسون والدميم والبو مريح والشويط والبو رحمة والجغايفة الرحبيين “القلعيين”، والشعيطات والبوجامل من قبيلة العكيدات في الاشتباك والمساندة ضد الفوج 47، حيث أدت التوترات إلى قطع المعبر البري الواصل بين العراق وسورية (القائم -البوكمال)، وتمركز الفصائل الإيرانية خارج المدينة.

وأفادت شبكة “دير الزور 24” المحلية، بأن “الميليشيات المدعومة من إيران أعلنت حالة الاستنفار القصوى في مدينة البوكمال بريف دير الزور. وأصدرت تعليمات بمنع الدخول والخروج من المدينة، مع تشديد التفتيش على الحواجز، والتعامل بالسلاح مع أي تهديد أمني يستهدف مواقعها العسكرية”.

وتصاعد التوترات في جبهة الحدود الشرقية دفع المسؤولين في الحكومة السورية إلى الدخول على الخط، وعقد اجتماع بين وفد يضم مسؤولين في الحكومة السورية، وممثلين عن عشيرة الحسون في منزل الشيخ “أيمن الدحام الدندل” بمدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، توصل فيه لاتفاق يقضي بـ “تسليم كافة العناصر المتورطين في استهداف منزل وسيارة الشيخ (أيمن الدحام الدندل)، ومنع نصب أي حاجز عسكري من قبل جميع الأطراف باستثناء قوات النظام وأجهزته الأمنية، على أن يعاقب أي طرف يقوم بنصب حاجز”، أي إجبار الفصائل الإيرانية على الانسحاب من حواجزها واستبدالها بقوات النظام.
وشهدت مدينة البوكمال توقفاً بحركة أسواق المدينة، تزامناً مع قطع الطرقات في قرى “السكرية” و”الصالحية” و”الهري” بريف دير الزور.

هل ستمتد المشكلة إلى العراق؟

ويؤكد الخبير في الشؤون الأمنية، سرمد البياتي، أنّ ما يجري من أحداث في منطقة البوكمال داخل الأراضي السورية يشكل خطورة على العراق.

وقال البياتي لمنصة “الجبال” إن “البوكمال مدينة قريبة جداً من الحدود العراقية ترتبط جانبين بأواصر عشائرية. إن ما حصل مشكلة بين عشيرة العكيدات وجهات أخرى والحدث واقع خارج الحدود العراقية في داخل العمق السوري”.

وأضاف: “هناك خشية من امتداد المشكلة بسبب امتداد الأواصر العشائرية إلى العمق العراقي، وهذا التطور سيكون له تداعيات خطيرة على المستوى الأمني ومن المؤكد أن القوات الأمنية العراقية سيكون لها تدخل سريع لمنع أي ارتدادات خطيرة أمنية وغيرها”، مبيناً أن “الحدث فيه جزء من الخطورة على الوضع الأمني، والساعات المقبلة ربما سوف تكشف الأمور بشكل أوضح”.

وأشار الخبير في الشؤون الأمنية إلى أنه “عندما نضع أحداث البوكمال الأخيرة وقبلها أحداث دير الزور وتحرّك أذرع الإيرانيين في تلك المنطقة تحت مسمى (العشائر) في سياق الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، يتبين أن ما يحدث حالياً هو قصقصة لأجنحة إيران وتقليص نفوذها درجة تلو الأخرى ومحطة تلو الأخرى”، لافتاً إلى أن “ذلك يأتي في سلسلة الاغتيالات التي طالت قياداتها في بيروت ومستشاريها وضباطها في الجنوب السوري وحلب ودير الزور”.

“تعد مدينة البوكمال محوراً استراتيجياً بالغ الأهمية ضمن خط (طهران – بيروت)، أي هناك منفذ إيراني إلى البحر المتوسط وحدود مشتركة مع إسرائيل. وهي تمثل نقطة الدخول الأولى للإمدادات الإيرانية عبر الحدود السورية-العراقية”، حسب قول البياتي الذي يضيف: “وقد شهدت المدينة سيطرة الميليشيات الإيرانية منذ عام 2017 بإشراف مباشر من قاسم سليماني، بعد معارك عنيفة مع تنظيم داعش، لتصبح اليوم معقلاً مهماً للميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني”.

بوابة طريق “طهران-بيروت” على المحك

ويقول الصحفي شيروان يوسف، وهو صحفي بشمال شرق سوريا، إن “الميليشيات الإيرانية سعت منذ طرد تنظيم (داعش) والسيطرة على ريف دير الزور وبوابة طريق (طهران-بيروت) لاستمالة عشائر دير الزور إلى جانبها، عن طريق الترهيب تارة والترغيب تارة أخرى، وبطرق مختلفة منها التقرب من شيوخ العشائر، وإعطاء ميزات معنوية وأخرى مادية لجذبها”، مشيراً إلى أن “العشائر في دير الزور انخرطت بصفوف الميليشيات الإيرانية لأسباب عديدة، منها ضعف موقف بعضها أمام عشائر أخرى لها ما جعلها في جو تنافسي وترى في الميليشيات الإيرانية كياناً قادراً على حمايتها، مثل العشائر التي توجد في مناطق غرب دير الزور الشامية. كما أن رغبة تلك العشائر في زيادة مكاسبها الاقتصادية كان عاملاً آخراً دفعها للانضمام إلى الميليشيات والاستحواذ على حصة من الموارد التي يشكل التهريب وتبادل البضائع بين مناطق (قسد) من جهة والعراق من جهة أخرى أهم الموارد لها”.

وذكر الصحفي أن “أحداث مدينة البوكمال وريفها في 7 تشرين الثاني، كشفت خطورة الحال التي وصلت إليها الميليشيات الإيرانية و(الحاضنة الشعبية) الهشة التي سعت إيران وميليشياتها خلال 7 سنوات، لبنائها بأشكال مختلفة كالتعليم والنشاطات الترفيهية، وتأمين فرص عمل في منشآتها التعليمية ومشاريعها الصناعية وغيرها، فضلاً عن تجنيد الشبان في صفوفها وإغرائهم مادياً ومعنوياً، منذ سيطرة قوات النظام على مدينة دير الزور في تشرين الثاني 2017 والاتجاه نحو البوكمال بدعم من ميليشيات موالية لإيران”.

دور أميركي

ومع عودة دونالد ترامب إلى سدّة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، يرى مراقبون أن تغييرات جذرية ستصيب المعادلات السياسية الاستراتيجية في المنطقة، ذلك استناداً إلى الوعود والسياسة التي أعلن ترامب اتباعها في حال فوزه بالانتخابات.

وفيما يتعلّق بالدور الأميركي في سير الأحداث بسورية، ذكر الخبير الأمني سرمد البياتي في حديثه لمنصة “الجبال” أن “التعامل الأميركي مع الوجود الإيراني في دير الزور سيكون بشكل منفرد عبر الحلفاء المحليين وتفعيل (قاعدة التنف)”، منوّهاً إلى أن “الأميركيين عملوا على دعم قوات سورية الديمقراطية في عدة صراعات كبيرة مع وكلاء إيران في دير الزور خلال 2023-2024 إلى جانب وجود القوات الأميركية في (التنف)، وقد شهدنا عروضاً وتدريبات عسكرية مشتركة بين قوات مغاوير الثورة في تلك المنطقة”.

وأكد أن “هذا الدعم يؤدي إلى إضعاف النفوذ الإيراني وقطع الطريق اللوجستي بين طهران وساحل البحر المتوسط، مما يحدّ من تدفق المقاتلين إلى المناطق المجاورة للأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, , ,
Read our Privacy Policy by clicking here