عزل الكورد الفيلية عن كوردستان

كامل سلمان

ما تجري من محاولات هنا وهناك لقطع حبال الترابط بين الكورد الفيلية وقوميتهم الأم في كوردستان ومحاولة تصويرهم بأنهم مكون مذهبي قومي مستقل قائم بذاته وليست له صلات جذرية ببقية الكورد أينما كانوا ، تعتبر تصرفات غريبة وغير مقبولة ، نعم هذا ما يحاول بعض الكورد الفيلية القيام به بحجة المذهب أو بحجة الفاصل الجغرافي عن كوردستان أو بحجة العمق الثقافي التأريخي المرتبط بإيران أو تحت ذريعة بأن بعض أفراد الشعب الكوردي في كوردستان لا ينظرون إليهم نظرة الكورد للكورد ، هذه الأعذار من صناعة أعداء الكورد ، وللأسف يشاركهم فيها من ينظر لمصالحه الخاصة أو من صار مطية للجهل ، وهذا التوجه لا يمثل حقيقة الكورد عامة ،، وأن محاولة إعطاء صبغة الإستقلالية لهذا المكون بعيداً عن كوردستان جريمة بحق الفيليين يجب التوقف عندها ومنعها وصد من يروج لها . . الفيليون كورد ولغتهم هي اللغة الكوردية وطبيعتهم التأريخية والاجتماعية لا تختلف عن طبائع شعب كوردستان وهم سكان وادي الرافدين الأصليين التي تمتد مساحاتها إلى جبال كوردستان فأي محاولات لإبعادهم عن أصولهم الكوردستانية خيانة كبرى لا يسمح بها ولا يمكن السكوت عليها ، فالأمة الكوردية أمة واحدة ولها اديان مختلفة ومذاهب متعددة ولهجات كثيرة حالها حال أية أمة كبيرة . لقد تعايش الفيلية مع باقي مكونات الشعب العراقي بحكم القرب الجغرافي منهم وساهموا في بناء الوطن والتضحية من أجل الحفاظ على تربته واحترام نسيجه الاجتماعي والتصاهر مع الأخرين والانتماءات الدينية والمذهبية المختلفة لا تعني بأي حال من الأحوال الانفصال عن القومية الكوردية ، فالقومية دم ونسب وعروق وليست اختياراً أو اعتقاداً . هناك مواطنون في الأردن وفي لبنان وفي اليمن والسودان وفي دول كثيرة من العالم ذوات أصول كوردية ، فبالرغم من اعتزازهم بهويتهم الوطنية وولائاتهم لأوطانهم ولكن مازال عنوانهم كورد ومعروفين عند مجتمعاتهم بإنهم من أصول كوردية ويسمونهم بالعوائل الكوردية وتم تثبيت ذلك في هوياتهم الوطنية ، فهل يستثني الفيليون أنفسهم من الولاء القومي وهم قلب كوردستان النازف .. جميع التجمعات أو التنظيمات أو التحزبات الفيلية التي ظهرت على مدى أكثر من عقدين من الزمن منذ عام 2003 م جميعها أصابها الفشل والخذلان بسبب عدم قدرة قادتها على التوازن في حفظ الولاء القومي مع التبعية الحزبية الدينية والمذهبية ، فكانت ارتباطاتهم العقائدية تتشكل على حساب الإنتماء القومي فسرعان ما تتفتت تلك التنظيمات وتنهار وتبقى أثارها الجانبية هموم وانتكاسات وغصة في الحلق ، اليوم تظهر في الساحة السياسية الفيلية تنظيمات وتيارات فيلية كبيرة وقوية ولها وزن ثقيل وقواعد جماهيرية واسعة تقودها نخب معتبرة محترمة لها باع طويل في العمل السياسي والتنظير الفكري ، نخشى أن تقع بنفس الخطأ وتلاقي نفس المصير وهو الفشل إذا أعطت ظهرها للجذور القومية وعززت من توجهاتها الأخرى ، وما يجب أن يؤخذ بالحسبان عند الفيليين عموماً هي أن نظرة جميع الأطراف السياسية والمجتمعية العراقية سواء أكانت القومية العربية أو الفارسية أو التركية أو المذهبية الدينية أو الأحزاب التابعية أو الولائية أو العشائرية جميعهم ينظرون للفيليين على أنهم كورد أمتداد لشعب كوردستان ، والفيليون في غفلة من هذا وللأسف يظنون غير ذلك ، يظنون بأنهم شيء مختلف بحكم ولاءهم المذهبي ، وهذا بيت الداء وهو الخطر الحقيقي الذي يهدد كيان الكورد الفيلية ، حتى في الجلسات العشائرية لا يعاملونهم كنظرائهم من العشائر العربية بل يشيرون إليهم بالكورد ويتعاملون معهم بأعراف عشائرية مختلفة ، وحتى في حالة المصاهرة والعمل يقولون فلان تزوج أمرأة كوردية أو فلانة تزوجت رجل كوردي أو يقول أحدهم عندي صديق كوردي ، فمفردة كوردي تضع كعلامة قبل أسم هذا الشخص الفيلي الذي يريد أن يدير ظهره لأبناء جلدته في كوردستان ويتزلف لمن يقف في الصف الذي لا يكن الود للشعب الكوردي .. هذه حقائق لا ينبغي العبور عليها ، مهما كان الحزب أو المرجع الديني أو الطائفي أو الولاء العقائدي عزيز على القلب فلا يصح أن يكون ذلك على حساب الإنتماء القومي ( القومية خط أحمر ) لقد عشنا منذ طفولتنا يسموننا في محل سكنانا أكراد ولا ينظرون إلى ديننا ومذهبنا وتركيبتنا ، فهل بعد هذا الدهر سنكون شيء مختلف وهم مازالوا يطلقون علينا مفردة أكراد ، فهي دعوة لجميع الكورد الفيلية لرص الصفوف وبذل الجهود للعمل من أجل استرداد الحقوق التي سلبت في زمن النظام السابق وفي هذا الزمن ويكون ذلك العمل تحت يافطة الولاء والإنتماء القومي الكوردي أولاً ، أما الولاءات الأخرى فهي شخصية ولا تمثل التوجه الجمعي ولا يمكن أن تكون طريقاً لخط فكري جماعي ، فأي ولاء ثانوي إذا تعارض مع الإنتماء القومي فهو ناقوس خطر على المكون الفيلي يجب الأسراع في تعديله . ملخص القول ، لا ينبغي للإنسان العاقل أن يتشبه بغيره الإ بما ينفع نفسه وما ينفع أهله وملته وغير ذلك فالتشبه والتزلف للأخرين هي منقصة ، وحاشى للفيليين الذين ذاقوا كل أنواع المرارات وتحملوا أنواع العذابات أن تسوقهم أفكارهم إلى هذا المنحدر الخطير ، فنحن بأمان ونحن أعزة وقافلتنا آمنة طالما هويتنا في الساحة هي الكوردية ، أما الإنتماءات الدينية والمذهبية والإلحادية والعقائديات المختلفة فكلها حق شخصي لكل فرد يجب أحترامها ولكن لا يجوز معاينتها ووضعها بميزان القومية .
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here