ما هو الحل ؟

كامل سلمان

الحياة عبارة عن سلسلة من المشاكل والهموم تقابلها سلسلة من الحلول التي تسعد القلب خاصة عندما تكون الحلول في الوقت المناسب ، فالمشكلة الواحدة قد تكون لها أكثر من حل واحد وقد يكون الحل مستعصياً في بادىء الأمر أو إلى الأبد ، والمشاكل رغم مرارتها إلا إنها كانت دوماً سبباً في التفكير لإيجاد الحلول ، حلول المشاكل وما يصاحبها من ابداعات هي السر وراء تطور حياة الإنسان و رقيه وسموه عن باقي الكائنات ، لذلك سعى الإنسان منذ القدم أن يستفيد من عقم المشاكل لتطوير الحلول وإيجاد المخارج الأفضل من خلال المحاولات والتجارب ثم نقل اساليب الحلول الناجحة للأخرين أو من جيل إلى جيل ، فكانت هذه الطريقة الرائعة منهاجاً لتطوير حياة الإنسان وجعلها أكثر علمية وعملية في مختلف مجالات الحياة ، ويستثنى من ذلك العمل السياسي والعمل الإداري و قيادة البلدان فالتجارب وحدها لا تكفي ولا تفي بالغرض للنجاح ولإيجاد الحلول المناسبة لمشاكل البلد ومشاكل الناس ، فيجب أن تضاف إليها خصال ومزايا معنوية أخرى تتجسد في شخص القائد أو المسؤول كشرط اساسي لنجاح الحلول ، ومن هذه الخصال الحس الوطني عند المسؤول والإخلاص في العمل والوفاء مع الناس والنزاهة أمام المغريات ، هذه الخصال شرطية أكثر من أية شهادة دراسية أو تجربة حزبية نضالية أو وجاهة اجتماعية ، فإذا توفرت هذه الخصال عند المسؤول أو القائد بالإضافة إلى التجارب التي يتعلمها بالمدارس الخاصة والعامة وتجارب الواقع تصبح خطوات هذا المسؤول ناجحة بلا ادنى شك وتصبح الحلول أمامه سهلة لمجمل مشاكل البلد ومشاكل الناس ، وكأنما البركة تنزل من السماء بين يدي هذا المسؤول لشدة حرصه وعزيمته في خدمة مجتمعه ، ما يعيب مجتمعاتنا وحكوماتنا كثرة المشاكل وندرة الحلول وهذه إشارة واضحة على أن مسؤولينا فيهم عيوب ليست متعلقة بضعف فهمهم واستيعابهم للتجارب ولا شحة معلوماتهم السياسية والعلمية والاقتصادية ولكن بإنعدام الخصال المعنوية المطلوبة في نجاح المسؤول والتي ذكرناها أعلاه ، بمعنى إن هؤلاء المسؤولين فيهم نجاسة معنوية لا يصلحون أن يكونوا في مواقع القيادة والمسؤولية ، وهذه حالة خطرة يجب أن ينتبه إليها كل إنسان وكل فرد في المجتمع ، ، ، فلو قالوا أن بلداً يبدع فيه القائد في حل مشاكل الدولة ومشاكل الناس سأقول ما هو قياس نزاهة وشرف واخلاق والحس الوطني لقائد ذلك البلد ، فهو مقياس علمي ثابت بالنسبة للقادة والمسؤولين ( الشرف والاخلاق والوفاء والوطنية مضافة لخبرة العمل تعني النجاح في حل مشاكل البلد ) وإلا فالمقياس يقرأ بالسالب ، إذا كان المسؤول غير نزيه مهما كانت خبرته لا تسعفه في إيجاد الحلول الصحيحة ، المجتمعات المتقدمة تعرف قياس هذه الأمور ولها باع طويل في التجارب ، لذلك تجد تلك المجتمعات لا يهمها شكل المسؤول وطول لحيته وسواد جبينه وفصاحة لسانه بل يهمها تفانيه ونجاحه في عمله فهذا هو مقياسها ، وهم يعلمون جيداً لا نجاح بلا حب ووفاء للناس واخلاص ونزاهة للعمل ، فهي ليست فزورة أو لغز مستعصي لكي نعيش المتاهة في عدم معرفة القائد أو المسؤول المناسب أو لمعرفة نزاهة هذا القائد أو هذا المسؤول . . الناس لا تحتاج أن تراقب المسؤول عن كثب و لا تحتاج أن تراقب ممتلكاته وتراقب صرفياته وسهراته وسفراته أو تستمع لخطاباته لكي تعرف شخصيته ، بل تحتاج أن تراقب إنجازاته ونجاحاته فهو المقياس الوحيد الذي تعتمده العقول الواعية . أما العقول الخرفة المتحجرة فهي تنظر للمسؤول من باب التزامه بالمراسيم الدينية وحضور الشعائر والطقوس . فالحلول لمشاكل البلد عند القادة الوسخين معنوياً تكون صعبة ومستحيلة لإنهم ليسوا أهلها . لذلك اعتاد القادة الفاشلين ايجاد المبررات السخيفة لفشلهم في جميع مشاكل الناس ومشاكل البلد ، وما يزيد العيب في مجتمعاتنا هو أن العيب يكون مشتركاً بين المسؤول وبين الناس ، فالناس أنفسهم يتعاطفون بكل سذاجة مع المبررات التي يطرحها المسؤول عن اسباب فشله وكأن عقولهم مسلوبة عن الفهم الصحيح لطبيعة شخصية القائد التي لا تتقبل القسمة على أثنين ، يجب أن تجتمع الخبرة مع النزاهة ليحصل النجاح . كلما غالطنا الحقيقة و سوّفنا عقولنا أمام الحقيقة ورفضنا الانصياع للواقع كلما زادت همومنا وكثرة مشاكلنا واستباح المسؤولون سذاجة عقولنا و استخفوا بنا فتزداد آلامنا ثم نذهب إلى الله ندعوه ليلاً ونهاراً ليغير حالنا ولينقذنا من مشاكلنا وهمومنا ، ولم ولن نتوقع استجابة من الله لدعواتنا وتوسلاتنا لأن ذلك جاء من سوء إختيارنا أو سوء ردة فعلنا ضد الفاسدين الضالين الذين تبوأوا المناصب والمسؤوليات فعاثوا في الارض فسادا وخربوا البلاد وزادوا من وتيرة المشاكل وتركوا الناس حيارى في البحث عن الحلول . فهل بعد هذا نحتاج إلى طرح السؤال الذي طالما طرحناه ( ما هو الحل ؟ )

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here