تأثير الجامعات على المجتمع المحلي

ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد- جامعة شط العرب – البصرة
تأليف: زيولي كيو Xiuli Guo (جامعة غرب أسكتلندا) 2024

للجامعات دور محوري في المجتمعات المحلية التي تحل فيها، فقد أظهرت الكثير من الدراسات وجود علاقة متبادلة بين وجودالجامعة في مدينة كبيرة ومايحصل في تلك المدينة من تطور أجتماعي واقتصادي.وتعتبر الجامعات أيضا بمثابة محفزات أساسية للأبتكار الأجتماعي والتكنولوجي والأقتصادي. هنا يطرح السؤال الآتي: كيف نضمن أن مثل هذا التأثير على المدينة أو (المجتمع) يتسم بالديمومة ومطابقة الأهداف؟ ولأنه لاتوجد ثمة أجابة واحدة لذلك فأن الأمر يتطلب دراسة معمقة ودقيقة للسبل التي يمكن للجامعات أن تنتهجها بهدف تعزيز تأثيرها على المجتمع المحيط بها.
الشراكة مع المجتمع المحلي
يتعين عقد شراكات تعاونية بين الجامعات وأصحاب الأعمال في المجتمع ومن ثم الأهتمام برعايتها. ويتضمن ذلك عقد تحالفات مع المنظمات المحلية والجهات الحكومية والأعمال والمدارس والجماعات المحلية والمنظمات الخيرية. وتعتبر أوجه التعاون تلك مهمة للغاية في التعاطي مع الأهداف والتحديات المشتركة والمساهمة في الموارد وتعزيزالخبرات الجماعية. ومن خلال توطيد تلك الشراكات تتاح لكل من الجامعات والمجتمعات المحلية الفرصة لتأسيس منصات حيوية هدفها تبادل المعرفة والمصادر والمهارات.
ولاشك أن مثل تلك الشراكات سوف تعمل على تعظيم تأثير المبادرات الأمر الذي يؤدي الى تنمية مستدامة أكثر فاعلية. فعلى سبيل المثال تشترك الكثير من الجامعات في (شراكات نقل المعرفة) Knowledge Transfer Partnerships (KTPs) وبالتالي المساهمة الفاعلة في أوجه التعاون الناجحة مع الأعمال التجارية. كما أن لمثل هذا التعاون دورا جوهريا في تسهيل عملية الأبتكار لتحقيق التنمية وكذلك أحداث تاثير أيجابي على كل من النشاط الأقتصادي والمجتمع عموما.
كما تعمل الجامعات أيضا على تجسير الفجوة بين الأكاديميين والصناعة من خلال تقديم فرص التدريب والمعايشة وكذلك تنظيم برامج لتنمية الوظائف. ومثل هذه المبادرات لاتعمل على تعزيز مهارات الطلبة العملية فحسب أنما تعود بالفائدة الكبيرة على الأعمال المحلية من خلال أتاحة الفرصة اليهم للوصول الى منظومة من الأفراد من ذوي المهارات والمعرفة الواسعة. كما أن العلاقة التبادلية بين الجامعات والأعمال المحلية تؤدي الى تعضيد الصلة بين مؤسسات التعليم العالي والمجتمعات التي تقدم الخدمة اليها مما يؤدي الى بلورة نظام بيئي مفيد للطرفين.
تحديد أحتياجات المجتمع والعمل على تلبيتها
يتعين على الجامعات أن تعي التحديات وكذلك الفرص المتاحة أمام المجتمعات المحلية. ومن الأساليب الأستراتيجية في هذا الخصوص أجراء البحوث ذات الصلة بالمجتمع المحلي ومعالجة القضايا ذات الصلة المباشرة بالمجتمع المحلي، وهذا يتيح للمؤسسة التعليمية الفرصة للمساهمة الفاعلة في أحداث تنمية مجتمعية شاملة. وبهدف تعزيز تأثير مثل هذه البحوث لابد من توجيه الدعوة لأفراد المجتمع المحلي والجماعات المحلية للمشاركة في العملية البحثية، وهذه المساهمة ربما تأخذ شكل نشاطات مثل تحديد أسئلة البحث وجمع المعلومات والعمل معا في عملية التحليل والتوصل الى النتائج. ومن شأن أشراك المجتمع المحلي في مثل هذه العمليات العلمية أن يجعل الجامعات تتيقن من أن عملها البحثي الأكاديمي ينسجم مع أحتياجات المجتمع المحلي وأولوياته وأن يكون البحث منصبا على خدمة المجتمع بشكل مباشر وتحقق التأثير المطلوب. ثم أن أيصال نتائج البحوث بشكل سلس الى المجتمع المحلي يمكّن واضعي السياسة المحليين وكذلك أصحاب القرار من الأستناد الى القرائن الرصينة في أعمالهم.
نقل المعرفة التعليمية الى المجتمع المحلي
بمقدور الجامعات أن تضيّق الفجوة بين العمل الأكاديمي الصرف والأعمال المحلية والأفراد في المجتمع من خلال تنظيم الورش التدريبية والحلقات الدراسية والفعاليات التعليمية. ولابد من تكييف مثل هذه الفعاليات للتعاطي مع أحتياجات ومهارات محددة من الواقع المحلي. كما لابد أن تضم الفعاليات طيفا واسعا من المواضيع الأكاديمية التي ترمي الى تنمية المهارات العملية فضلا عن تزويد كل من الأفراد ومنظمات المجتمع بالمعرفة المتوافقة مع أعمالهم وحياتهم اليومية. أضف لذلك يمكن وضع برامج توعية مثل المحاضرات العامة والمنتديات المجتمعية والمبادرات التعليمية بهدف خلق حوار متواصل بين الجامعة والأعمال المحلية وكذلك الأفراد. كما أن التعاون مع الكليات والمدارس المحلية يهيء الفرصة لتحفيزالطلبة وتأسيس برامج رعاية خاصة وبالتالي بلورة علاقة تكافلية بين مؤسسات التعليم العالي والمجتمع المحلي.
دعم التنظيم
يتعين وضع محاور أبتكار أو حواضن أعمال بهدف تعزيز التنمية الأقتصادية المحلية. وتمثل هذه المحاور والحواضن بيئات تعاونية تشجع المنظمين المحليين على صياغة مشاريعهم التجارية وتطويرها وأطلاقها. وأن أسهام الجامعات يمكن أن يتجاوز الجوانب المادية ليشمل الرعاية الخاصة وأقامة الورش التدريبية وتوفير المصادر لأصحاب الأعمال المتطلعين للتطور. ومثل هذا الشكل من الدعم لايساهم في التنمية الأقتصادية واستحداث الوظائف فحسب أنما في تحسين رفاهية المجتمع المحلي أجمالا.

خلاصة القول، بمقدور الجامعات من خلال المساهمة في الشراكات التعاونية وأجراء البحوث الرصينة وتقديم النشاطات التعليمية للمجتمع المحلي ودعم لمبادرات التنظيمية أن تترك تأثيرا ايجابيا ودائما يتجاوز الحرم الجامعي ليجد صداه في المجتمع المحلي.

https://www.tieshighereducation.com/campus/four-ways-universities-can-enhance-their-community-impact

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here