سرعة الأرهابيين

كامل سلمان

لو أرادت تركيا بجيشها الجرار المصنف ثانياً في حلف الناتو أحتلال الأراضي السورية سوف لا تستطيع تحقيق معشار ما حققته التنظيمات الإرهابية عندما أحتلت ثلاثة مدن سورية كبيرة في غضون 72 ساعة . من أين جاءوا بهذه القوة والسرعة ؟ ولماذا تنهار أمامهم الجيوش ؟ هؤلاء مقاتلون عقائديون ينظرون للأمام ولا يلتفتون إلى الخلف يتقدمون بحماسة وبشحن عالي ويهجمون من جميع الجبهات بلا هوادة ولا يحترمون القوانين الدولية ولا يهمهم المدنيين العزل ، ولا يخافون أحداً ، يشترون الموت بدماءهم ، فعقولهم تم تصفيرها وغسلت أدمغتهم ، فعندما يكون للإرهاب غطاء ديني متطرف يصبح الأرهاب عنيفاً كاسحاً فلا يتجرأ أحد من مجاراتهم . هذا ما حصل فعلاً في شمال سوريا ، أرهابيون بغطاء ديني وتدريب قتالي محترف وبدعم مادي كبير من دولة نفطية تشاركهم في المعتقد ، أسلحتهم حديثة ، غذاءهم درجة أولى ، قيافتهم العسكرية مميزة لكنهم لا يرتدون الخوذ العسكرية كي لا تنكشف الجهة التي تقف وراءهم ، التسهيلات اللوجستية كانت حاضرة معهم من خلال الصور المنقولة . في اليوم الأول لتوغلهم داخل المدن السورية أعلنت تركيا بإنها لا علم لها بما يحدث وبعدها بساعات حذرت تركيا الكورد بعدم استغلال الوضع الجديد في شمال سوريا ، ما هي الاهداف التي يريد تحقيقها هؤلاء الأرهابيون ؟ بالتأكيد ليست لديهم أية أهداف بدليل الفديوات المنشورة على اليوتيوب عندما صرح أحدهم بأنهم سيصلون دمشق قريباً وكأنهم في نزهة . بالطبع لن يصلوا دمشق لأن أهدافهم الحقيقية نجدها في أنقرة التي هدفها لا يتعدى استقطاع جزء كبير من الأراضي السورية . أهداف أنقرة يعرفها الكورد قبل غيرهم ، فهم الأدرى بنوايا الحكومة التركية وهي كالأتي ، أولاً تقسيم سوريا وإضعاف النظام السوري إلى أقصى حد والذي ستكون حدوده الجغرافية الجديدة دمشق وبعض المدن السورية ، ثانياً ضرب ومشاغلة الكورد وإضعافهم بدرجة كبيرة ، ثالثاً تشكيل ضغط على العراق للإستجابة للسياسات التركية مستقبلاً وخاصة فيما يخص الكورد وقد يكون هؤلاء الارهابيون نواة لداعش جديد يكتسح مناطق من العراق إن شاءت تركيا فعل ذلك كما فعلت من قبل في الموصل ، فتركيا اليوم تكشر عن أنيابها في المنطقة وتعلن نفسها بالثوب العثماني القديم مستغلة التراجع الإيراني الذي أنكسر في جنوب لبنان وفي سوريا ومستثمرة قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي صرح مراراً وتكراراً عدم دفاعه عن أية جهة مجاناً . أمريكا القوة الأولى في العالم وفي المنطقة سوف لن تدعم أي طرف وحتى العراق سوف لن تدعمه بسبب المواقف المعادية للحكومة العراقية ضد أمريكا ونكرانهم للجميل ولكن التحالف الدولي سوف لن يسمح بهزيمة الكورد ، على الحكومة العراقية الإسراع في ترسيخ علاقاته مع التحالف الدولي قبل فوات الأوان فاللعبة أصبحت مكشوفة والحكومة التركية تنتظر بفارغ الصبر تعثر العلاقات العراقية مع التحالف الدولي لتبدأ المرحلة الثانية من نواياها الخبيثة . فهل سيكون العراقيون بمستوى العقلية التركية ونواياها أم أنهم سيحسبونها بالطريقة الخطأ ؟ وهل ستعمل الحكومة العراقية على دفع الأموال للتحالف الدولي للإبقاء على قوات التحالف بعد أن كان وجودها مجاناً وبرغبة من التحالف الدولي ، كما يقول المثل العراقي ( اللي ما رضى بجزة رضى بجزة وخروف ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here