شبابنا والثقافة الحديثة : الطبيعة مبعث النشاط (اقتباس) د. رضا العطار
رغم ان (ديفز) كان اديبا انكليزيا إلا انه فضل حياة التشرد. وكلمة التشرد تحمله كثيرا من المعاني. ولكن ديفز كان متشردا من حيث انه آثر التجوال في الريف من الاقامة في المدينة. فكان ينتقل من بقعة الى اخرى كي يستمتع بمناظر الطبيعة سواء أكان زرعا نضرا او ام ماء يجري ام جبل يشمخ ام غابة تحفل بالاشجار والطيور.
والف ديفز كتابا عن حياته المتشردة هذه وكتب برناردشو مقدمته، ومما قاله في هذه المقدمة انه يغبط ديفز على هذه الحياة التي عاشها وهو متشرد وانه اسف على انه هو نفسه لم يتخذ هذا الاسلوب في حياته، ولم يستمتع بهذه الدنيا الحافلة بمباهج الطبيعة التي استمتع بها ديفز.
وظني ان برناردشو كان مبالغا في اعجابه، ولو انه كانت قد اتيحت له هذه الحياة لما رضيها، ذلك لان احساسه الاجتماعي عميق، وهو لذلك لا يستطيع ان يتخلص من المسؤوليات التي يجد نفسه مضطرا الى تحملها، ولا يمكنه ان يترك مكتبه ويؤثر عليه حياة التجوال في الريف الا بضعة ايام يعود بعدها وهو مجدد متحمس للكتابة والتأليف.
وهذه هي العبرة التي يجب ان نستخلص من حياة ديفز وهو ان ننطلق من وقت لاخر الى الريف وان نجدد اتصالنا بالارض، وان نتشمم الربيع حين يستأنف النبات والحيوان كيانهما، وحين تنادي الاجيال القادمة من الحشرات والطيور و سائر الكائنات الحية فينبعث الحب و يتذبذب الهواء بانغام الغرام، ويجب ان يكون لكل منا احساس الارض، نشتاق الى رؤية الحرث حين تفوح منه نكهة الخصوبة كما نشتاق الى نضرة الزرع. وليس من الضروري ان نكون متشردين. كي نستمتع بجمال الطبيعة ولكن حسبنا ان نتخلص من حين لاخر من حبسة المدن. كي ننطلق في مرح وطرب بين الحقول نتعرف الى العشب والشجر والطير والحيوان.
* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للموسوعي سلامة موسى.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط