د. فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله عز وجل “قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ﴿البقرة 94﴾ قل أيها الرسول لليهود الذين يدَّعون أن الجنة خاصة بهم؛ لزعمهم أنهم أولياء الله من دون الناس، وأنهم أبناؤه وأحباؤه: إن كان الأمر كذلك فادْعُوا على الكاذبين منكم أو من غيركم بالموت، إن كنتم صادقين في دعواكم هذه. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل “قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ﴿البقرة 94﴾ أمرهم ان كانوا صادقين بتمني الموت، لأن من اعتقد انه للجنة قطعا آثر الموت المريح على حياة البلاء والشقاء.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل “قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ﴿البقرة 94﴾ ال تعالى لنبيه: “قل إن كانت لكم الدار الآخرة” أي سعادة تلك الدار فإن من ملك دارا فإنما يتصرف فيها بما يستحسنه ويحبه ويحل منها بأجمل ما يمكن وأسعده وقوله “عند الله” أي مستقرا عنده تعالى وبحكمه وإذنه، فهو كقوله تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ” (آل عمران 19) وقوله تعالى: “خالصة” أي غير مشوبة بما تكرهونه من عذاب أو هوان لزعمكم أنكم لا تعذبون فيها إلا أياما معدودة، قوله تعالى: “من دون الناس” وذلك لزعمكم بطلان كل دين إلا دينكم، وقوله تعالى: “فتمنوا الموت إن كنتم صادقين” وهذا كقوله تعالى: “قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء الله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين” (الجمعة 6) وهذه مؤاخذة بلازم فطري بين الأثر في الخارج بحيث لا يقع فيه أدنى الشك وهو أن الإنسان بل كل موجود ذي شعور إذا خير بين الراحة والتعب اختار الراحة من غير تردد وتذبذب وإذا خير بين حياة وعيشة مكدرة مشوبة وأخرى خالصة صافية اختار الخالصة الهنيئة قطعا ولو فرض ابتلاؤه بما كان يميل عنه إلى غيره من حياة شقية ردية أو عيشة منغصة لم يزل يتمنى الأخرى الطيبة الهنيئة فلا ينفك عن التحسر له في قلبه وعن ذكره في لسانه وعن السعي إليه في عمله. فلو كانوا صادقين في دعواهم أن السعادة الخالصة الأخروية لهم دون غيرهم من الناس وجب أن يتمنوه جنانا ولسانا وأركانا ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم من قتل الأنبياء والكفر بموسى ونقض المواثيق والله عليم بالظالمين.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز وجل “قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ﴿البقرة 94﴾ لا تحبّون رحمة الله وجواره ونيل النعيم الخالد في الجنان؟ ألا يحب الحبيب لقاء حبيبه؟ لقد كان اليهود يهدفون من كلامهم هذا وأن الجنّة خالصة لنا دون سائر النّاس: أو أن النار لا تمسّنا إلاّ أيّاماً معدودات إلى توهين إيمان المسلمين وتخدير عقائدهم. لماذا تفرون من الموت، وكل ما في الآخرة من نعيم هو لكم كما تدّعون؟ لماذا هذا الإِلتصاق بالأرض و بالمصالح الذاتية الفردية، إن كنتم مؤمنين بالآخرة و بنعيمها حقّاً؟ بهذا الشكل فضح القرآن أُكذوبة هؤلاء وبيّن زيف ادعائهم.
عن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا سلمان، من أحبّ فاطمة عليها السلام ابنتي فهو في الجنّة معي، ومن أبغضها فهو في النار. يا سلمان، حبّ فاطمة عليها السلام ينفع في مائة موطن، أيسر تلك المواطن: الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة عليها السلام رضيت عنه، ومن رضيت عنه رضي الله عنه، ومن غضبت عليه فاطمة عليها السلام غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه. يا سلمان، ويل لمن يظلمها ويظلم ذرّيّتها وشيعتها.
عن صفحة أساتذة العربيّة بباجة: التقابل الاعتباري: مثل قوله تعالى: “أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ” (الأنعام 122)، فليس بين الإحياء والإماتة تقابل حقيقي، لأنهما لا يتقابلان إلا باعتبار بعض الصور، وهو أن يتعلق الإحياء بحياة جرم في وقت والإماتة بإماتته في ذلك الوقت، وإلا فلا تقابل بينهما باعتبار أنفسهما،ولا باعتبار التعلق عند تعدد الوقت،ومع هذا فوجود هذا النوع من التقابل كاف في تحقيق المطابقة متى وُجد. تنبيه: اتفق البلاغيون على أن الطباق هو الجمع بين الشيء وضده.لكن وجهات نظرهم اختلفت حول الرابط بين الدلالة الاصطلاحية والدلالة اللغوية، فمنهم من فهم المطابقة بمعنى الموافقة، في حين أن الجمهور ربطها بمطابقة البعير في مشيته، فرأوا أنّ البعير قد جمع بين الرجل واليد في موطئ واحد،والرجل واليد ضدان أو في معنى الضدين، فرأوا أن الكلام الذي جمع فيه بين الضدين يحسن أن يسمى مطابقا، فدلت المطابقة عندهم على المخالفة.وشذ عنهم ابن أبي الحديد الذي فهم من المطابقة معنى المشقة،فقال:الطبق في اللغة المشقة، قال الله سبحانه: “لتركبن طبقا عن طبق” (الانشقاق 19) أي مشقة بعد مشقة،فلما كان الجمع بين الضدّين على الحقيقة شاقا بل متعذّرا،ومن عادتهم أن تعطى الألفاظ حكم الحقائق في نفسها،سمّوا كل كلام جمع فيه بين ضدين مطابقة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط