تكنوقراط أم جهلوقراط !!

التنكنوقراط مصطلح مؤلف من “تكنو” وهي كلمة إغريقية تعني فني أو تقني , أو المعرفة والعلم والدراية والوعي والفهم والإدراك المعاصر , إذا أخذناها إلى معاني أرحب , و”قراط” تعني الحكم.

والتكنوقراط هم النخب الأكثر علما وتخصصا في مجالات نشاطهم والتعبير عن معارفهم , وغالبا ما يكونون غير منتمين إلى أحزاب تشوش تفكيرهم وتمنع تعبيرهم الصحيح عن علومهم وخبراتهم الفنية, وتعني أيضا حكم الطبقة العلمية المتخصصة المثقفة.

والحكومة التكنوقراطية , هي الحكومة المتخصصة غير الحزبية , التي تتجنب إلتزام موقف أي حزب أو فئة أو فرد , وتصلح مثل هذه الحكومة في حالة الخلافات السياسية.

والجهلو قراط , مصطلح يتألف من كلمة عربية ” الجهل” وهي عكس العلم , وجهل الأمر أي خفي عنه , وفهمه بدون إحاطة كاملة , وفهم الأمر على خلاف ما هو عليه أو اللاعلم بالمسألة التي يجادل فيها, وهو الإعتقاد الفاسد علميا ومنطقيا وبديهيا , وهو عكس الحكمة والعقل ويعني تحكيم القوة.

والحكومة الجهلوقراطية هي الحكومة الحزبية الفئوية الطائفية , التي تعرف تثمير الخلافات والصراعات وإشاعة الخراب والفساد , وسحق الوجود الوطني والإنساني في المجتمع.

فالحكومة التكنوقراطية حكومة بناء وإعمار وتقدم ورقاء وسلام , والجهلوقراطية حكومة دمار وإحتراب وتأخر وتخلف وإندحار في جحور الظلام.

والمجتمعات ترجّح حكومة تكنوقراطية لتجد مخرجا من أزماتها السياسية وخلافاتها الحزبية , التي لا تصل إلى نتيجة مُرضية ونافعة للمجتمع , خصوصا عندما تتمذهب الأحزاب بالكراسي وتدين بعقيدتها , وتنسى الوطن والواجبات الوطنية والمسؤولية التأريخية , والإلتزامات الإنسانية تجاه أبناء المجتمع.

وفي الواقع العاجز عن تشكيل حكومة بعد الإنتخابات الديمقراطية الحرة المفترضة , لا بد من النظر في الأمر وتقرير إتجاه الحياة وفقا للخيار المطلوب.

ويبدو أن لا خيار أفضل من حكومة تكنوقراطية بعيدة عن الأحزاب والفئات , تتسلم أمر البلاد وتشرع بالبناء والإعمار والإصلاح , إلى أن يستعيد (السياسيون) رشدهم ووعيهم ويستفيقون من حالة غيبوبة الشعور الوطني , ويسترجعون الوعي والإدراك الوطني , يكون من الأنسب أن نطالب بحكومة تكنوقراطية.

فقد جرِّبَت الحكومات الجهلوقراطية على مدى الأعوام , فساهمت بتوفير أسباب ودواعي ومسوغات التدحرج إلى مستنقعات الأسوأ والأسوأ.

لقد تعبنا من حكومات الجهلوقراط وعانينا من أوجاعها وأخطائها وقراراتها القاتلة , فانقلبنا وثرنا ورفعنا شعارات ونادينا بأهداف وتطلعات لم ننجز إلا ضدّها وحولناها إلى أمّ المستحيلات , وما أبدعنا سوى المشاكل والمعوقات , وهذا السلوك ونتائجه يؤكد الدور المدمر للجهلوقراط في مسيرة وطن أحرقه الجهلة فوق نيران الأطماع الشخصية والحزبية والفئوية , وأسروه بالكراسي التي حوّلوها إلى وجودٍ لا فوقه ولا تحته موجود.

ويبدو أن الحل الموضوعي والمعقول والمعاصر الذي يحفظ البلاد ويتفاعل مع قدراته بآليات حضارية ذات تأثيرات إيجابية نافعة للمجتمع , أن ندعو إلى تشكيل حكومة تكنوقراطية تأخذ على عاتقها مسؤولية بناء الوطن وترفع إسمه فوق كل المسميات والمواصفات , وتجعل الحيارى يعلمون بوضوح أن كل فردٍ وحزبٍ وفئةٍ بلا قيمة ومعنى إذا عبّرت عن إرادة قتل البلاد.

فلنصيح بقوة نريد تكنوقراط لا جهلوقراط وبهذا ندرك الوطن!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here