“نقطة وصل”.. لماذا يبدو الصراع على حماة أكبر من حلب؟


2024-12-04
معارك طاحنة في ريف حماة – صورة أرشيفية – رويترز
لا تقل حماة السورية أهمية عن حلب التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة قبل أسبوع، وقد تتجاوزها أيضا في هذا الجانب بناء على معطيات الميدان الحاصلة الآن والمشهد السياسي والعسكري الذي طالما عرفت به المدينة منذ عقود، وفقا لحديث باحثين وخبراء لموقع “الحرة”.

وتحاول الفصائل المسلحة، منذ يومين، اختراق دفاعات قوات النظام السوري من جهة ريف حماة الشمالي، وفي حين أنها حققت تقدما واسعا في العديد من القرى والبلدات التابعة للمدينة هناك اصطدمت، خلال الساعات الماضية، بحشود عسكرية كبيرة وبـ”حالة استماتة” على الأرض لم يراها مسلحوها عندما سيطروا على حلب وكامل محيطها.

تقع مدينة حماة وسط سوريا تقريبا، مما يجعلها نقطة وصل بين المحافظات الرئيسية، مثل دمشق، حمص، حلب، إدلب. ويمنحها قربها من المناطق الريفية والحدود الإدارية لمحافظات مثل إدلب واللاذقية موقعا استراتيجيا، للتأثير على الكثير من الديناميكيات السياسية والعسكرية أيضا.

علاوة على ذلك، تعد حماة رمزا للمحطات التاريخية في سوريا، خاصة بعد أحداث عام 1982. وشكل هذا الحدث جزءا من الذاكرة الجماعية في البلاد، وأثر على المشهد السياسي السوري لعقود طويلة، كما أن الرئيس السوري حينها، حافظ الأسد، حرص آنذاك على إبراز سيطرته على المدينة، باعتبارها دليلا على قوته ووحشيته في مواجهة أي حراك من المعارضة.

لماذا الاستماتة على حماة؟
ويوضح الباحث السوري في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، محسن المصطفى، أن حماة تشكل مكانا استراتيجيا هاما جدا، لجميع الأطراف المتصارعة في سوريا، وبالأخص الفصائل المسلحة التي تحاول السيطرة عليها الآن.

وتنبع أهمية المدينة بحسب حديث المصطفى لموقع “الحرة” من موقعها الجغرافي على الطريق الدولي (M5)، وكذلك رمزيتها في الثورة السورية حيث تملك تاريخا طويلا في مقارعة النظام السوري.

ويقول الباحث: “من يسيطر على مدينة حماة سوف يملك زمام المبادرة للتقدم العسكري بشكل أكبر. كما أن المدينة تملك عقدة مواصلات هامة، تساعد في تنفيذ عمليات عسكرية واسعة”.

وتتصل حماة مع البادية السورية، وأيضا مع أرياف إدلب ويوجد فيها مطار عسكري.

كما أن السيطرة عليها تعني السيطرة على حمص بشكل أسهل من المتوقع، بحسب الباحث السوري.

ويتابع: “وربما تسهم في تحرك مناطق في ريف دمشق ودرعا والسويداء، من أجل التخلص من وحدات النظام العسكرية، وبالتالي فرض واقع عسكري جديد”.

ومن جهته يرى الخبير العسكري السوري، إسماعيل أيوب، أن “حماة بمثابة الخطر للحواضن المرتبطة بالنظام في الساحل السوري، وغالبيتها من الطائفة العلوية”.

ويقول لموقع “الحرة”: “هذه الحواضن تعتبر حماة مصدر خطر دائم.. ولذلك يجب السيطرة عليها في كل الظروف والأحوال”.

من ناحية أخرى يضيف أيوب أن حماة تضم مراكز حساسة للدولة، مثل فرع الأمن العسكري ومطار ورحبات عسكرية، فضلا عن مستودعات أسلحة تقع إلى الشرق منها، وألوية للجيش ومدارس، مثل “مدرسة المجنزرات”، التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة ليل الثلاثاء – الأربعاء.

وبالتالي يشرح الخبير العسكري أن السيطرة عليها “تفتح الباب أمام الفصائل باتجاه ريف حماة الجنوبي وحمص الشمالي مما يشكل خطرا على النظام”.

“مصيرية وتحمل بعدا سياسيا”
وفي مطلع أحداث الثورة السورية عام 2011 كانت حماة خرجت في مظاهرات مناهضة للنظام السوري وطالبت في احتجاجات كبيرة بإسقاط رئيسه، بشار الأسد.

لكن لم يصل المشهد حينها إلى حال بقية المحافظات، إذ بقي مركز مدينتها تحت سيطرة النظام السوري، دون أن تتمكن الفصائل المسلحة من الدخول إليها.

“النظام السوري الآن يعتبر معركة هذه المدينة مصيرية”، وفق أيوب.

ويضيف أنه “في حال تمكنت الفصائل المسلحة من السيطرة عليها سيكونون أمام جبهة طويلة ممتدة مع قرى حواضن النظام على طول سهل الغاب باتجاه الجنوب”.

كما تفتح سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة الباب أمامهم باتجاه مدينة الرستن ومن ثم حمص.

ويتابع أيوب: “حماة وحمص تشكل ثنائي لحواضن النظام من الطائفة العلوية. في حال سقطتا سينقطع الطريق بشكل كامل باتجاه مناطق الساحل، ولهذا يستميت النظام في الدفاع عنها”، على حد تعبير الخبير العسكري.

في المقابل يقول الباحث السوري المصطفى إن “المفاوضات السياسية ستكون أسهل” في حال سيطرت الفصائل المسلحة على المدينة وتوقفت عندها.

ويوضح أن “السيطرة على مراكز محافظات كحلب وحماة يعطي دافعا قويا للمعارضة”، كما سيكون لدى المعارضة أو تركيا كدولة راعية “أوراق كبرى تفاوض بها، وبالتالي رفع فرص نجاح الحل السياسي”.

ولا يعرف ما إذا كانت الفصائل المسلحة ستتمكن من دخول المدينة بالفعل في الأيام المقبلة.

وقالت في بياناتها الرسمية، الثلاثاء، إنها أصبحت على مداخل حماة من عدة محاور.

وأوضح “المرصد السوري”، صباح الأربعاء، أن الفصائل خاضت معارك “طاحنة” مع قوات النظام السوري، التي شنت هجوما معاكسا بعد منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، بدعم جوي من طائرات حربية.

وقال المرصد إن قوات النظام تمكنت من استعادة قرية كفراع ومعرشحور، وأبعدت الفصائل بينها “هيئة تحرير الشام” – المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة – عن مدينة حماة نحو 10 كيلومترات.

ويرى الخبير العسكري أيوب أن “النظام في موقف محرج الآن، بعد خسارة أكثر من 30 ألف كيلومتر مربع في أيام قليلة. بينها حلب وكامل أريافها”.

ويضيف: “بالتالي قواته تريد الصمود وتدافع عن حماة بكل ما تملك”.

ضياء عودة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here