صندوق إعمار ذي قار… بين الفساد والصفقات المشبوهة

راجي سلطان الزهيري

تأسس صندوق إعمار ذي قار في عام 2021 كمبادرة حكومية استجابةً لمطالب المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجًا على الأوضاع المتردية في المحافظة. كان الهدف من الصندوق هو تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية وتعزيز التنمية الاقتصادية في ذي قار، إحدى أكثر المحافظات العراقية تهميشًا. إلا أن ما كان يُفترض أن يكون مشروعًا للإصلاح، تحوّل مع مرور السنوات إلى نموذج جديد للفساد وسوء الإدارة.
على الرغم من تخصيص ميزانيات ضخمة للصندوق، بما في ذلك مخصصات تنمية الأقاليم، إلا أن النتائج على أرض الواقع كانت مخيبة للآمال. تم منح عقود مشاريع ضخمة لشركات تفتقر للخبرة والكفاءة، ما أدى إلى تنفيذ مشاريع غير مكتملة أو ضعيفة الجودة. هذه المشاريع، التي كان يُنتظر أن تغير وجه المحافظة، أصبحت مجرد واجهات شكلية لا تخدم المواطن البسيط.
تكشف التحقيقات عن أن معظم العقود لم تُمنح بناءً على معايير مهنية أو مناقصات عادلة، بل وُزعت وفقًا لعلاقات القرابة والمصالح العشائرية. أصبحت المشاريع فرصة لتوزيع المكاسب على المقربين، بينما تم تجاهل احتياجات سكان المحافظة الأساسية.
وفقًا لمصادر محلية، فإن المستفيد الأكبر من صندوق إعمار ذي قار هو شخصية معروفة تقيم في بغداد، حيث يمتلك النصيب الأكبر من الصفقات المربحة. تُتهم هذه الشخصية بالتلاعب بالعقود لصالحها، بينما تعمل على تلميع صورتها عبر جيش إلكتروني يتقاضى رواتب عالية، ليبقى الرأي العام تحت السيطرة.
رغم الإمكانات المالية الكبيرة التي وُضعت في الصندوق، إلا أن المحصلة النهائية هي مشاريع ضعيفة أو فاشلة، لا تساهم في تحسين حياة سكان ذي قار. الفساد المستشري جعل الصندوق أداة لتعزيز المصالح الشخصية، بينما بقيت المحافظة تعاني من نقص الخدمات وارتفاع نسب الفقر والبطالة.
ويطالب سكان ذي قار بفتح تحقيق عاجل وشامل في إدارة الصندوق، مع مراجعة العقود والمشاريع التي أُبرمت. كما يدعون إلى محاسبة جميع المتورطين في الفساد، سواء كانوا من داخل المحافظة أو خارجها.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستشهد ذي قار محاسبة حقيقية تعيد الأمل إلى أهلها، أم سيبقى الفساد سيد الموقف؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here