بعد الضربات الإسرائيلية.. ما هي فرص بناء جيش جديد في سوريا؟


2024/12/12
إسرائيل قصفت سفنا وقوارب عسكرية بميناء اللاذقية – رويترز
بعيد الإعلان عن إسقاط نظام الأسد وهروب الأخير إلى موسكو، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على أهداف ومواقع عسكرية، ودمرت نحو 80% من قدرات القوات البرية والبحرية والجوية لجيش النظام، وتقدمت قواتها بريا في المنطقة العازلة بالجولان السوري المحتل لعدة كيلومترات.

وتقول إسرائيل إنها دمرت مقدرات جيش النظام السوري حتى لا تستولي عليها قوات المعارضة المسلحة أو جهات أخرى، وتوغلت في الجولان لتعزيز حماية حدودها.

وتطرح تساؤلات عن فرص بناء جيش سوري جديد في المستقبل، والتحديات التي يمكن أن تواجه القيادة الجديدة في سوريا بهذا الشأن، فيما يؤكد خبراء أن ذلك يحتاج لسنوات ولميزانيات ضخمة.

سنوات لبناء جيش جديد
ويرى الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، أن ما قامت به إسرائيل ضد مقدرات جيش النظام “هو عمل جبان”، ويثبت أن الأسد كان “عميلا” لها، لأن الطائرات والصواريخ والسفن لم توجه يوما نحو إسرائيل، وكان النظام يحميها.

وقال أبو أيوب في حديثه لموقع “الحرة” إن “التحديات بالنسبة للقيادة الجديدة في سوريا كبيرة جدا، وهي لا تستطيع أن تخوض حربا مع إسرائيل الآن، وإذا أرادت الدولة الوليدة بناء جيش تحتاج على أقل تقدير من 3 إلى 5 أعوام”.

وذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أن إعادة ترميم الجيش السوري قد تكلف عشرات أو مئات المليارات من الدولارات، وقد تمتد لجيل كامل.

وبعيد سقوط الأسد، الأحد، شنت إسرائيل خلال 48 ساعة مئات الضربات من الجو والبحر، قالت إنها طالت “أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية”.

التطورات في الجولان
واحتلت إسرائيل معظم هضبة الجولان السورية خلال حرب يونيو عام 1967. وبعد حرب أكتوبر 1973، أقيمت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت سيطرة الأمم المتحدة، عقب اتفاق لفض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية عام 1974. وضمت إسرائيل القسم المحتل من الجولان عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

ومنذ اتفاق فض الاشتباك، لم تشهد جبهة الجولان أي تحرك عسكري من جانب سوريا.

والآن، يبدو أن القادة الإسرائيليين يخشون أن تكون الفوضى قد حلت في سوريا أصلا، ويتصرفون وفقا لذلك.

وفي يوم سقوط الأسد، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أن اتفاق 1974 انهار، وأمر قواته بالسيطرة على المنطقة العازلة.

وشن الجيش الإسرائيلي مئات الضربات ضد أصول عسكرية سورية، مستهدفا خصوصا مخازن أسلحة ودفاعات جوية تابعة للبحرية السورية لإبعادها عن أيدي المقاتلين، كما قصف مواقع طائرات حربية ومروحيات عسكرية ومراكز البحوث العلمية التابعة لوزارة الدفاع، وسفن وقوارب عسكرية بميناء اللاذقية.

مشكلة في الخزينة
وأشار أبو أيوب إلى أن الخزينة السورية لا توجد بها أموال أجنبية، وبالتالي فإن هذه المشكلة قد تعترض طريق بناء الجيش في المستقبل.

وقال رئيس الحكومة السورية المؤقتة، محمد البشير، الأربعاء، “لا توجد لدينا سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئا ولا عملة أجنبية لدينا”.

وأضاف الخبير العسكري أبو أيوب أن الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والفوسفات مسيطر عليها من قبل جهات خارجية، وأن هناك معوقات كثيرة لبناء جيش جديد في سوريا.

ولفت إلى أن إسرائيل تستمر باستهداف مقدرات القوات البرية والبحرية والجوية السورية، ويشمل ذلك الرادارات وأجهزة الإنذار المبكر ومراكز البحوث العلمية وغيرها من مستودعات الأسلحة.

من جانبه يؤكد الخبير العسكري، محسن المصطفى، في حديثه لموقع “الحرة” أنه “من ناحية القدرة اللوجستية من الأكيد أنها تحتاج سنوات طويلة، فالدولة بحاجة لأموال طائلة لإعادة بناء القدرات العسكرية السورية عن جديد وبحاجة لدول تقبل بتزويد سوريا (بالأسلحة) والعمل على استمرار تطوير هذه الأسلحة بشكل مستدام”.

غارات على الساحل
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأربعاء، بأن غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام السابق في اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري.

وقال المرصد ومقره في لندن “شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات جوية استهدفت ميناء اللاذقية، وضهر الزوبة في بانياس ومستودعات عسكرية للنظام السابق في ضهر صفرا بريف طرطوس”.

وأضاف في بيان “يواصل الطيران الحربي الإسرائيلي تدمير ما تبقى من ترسانة سوريا العسكرية، لليوم الرابع على التوالي منذ سقوط النظام السابق”.

وأوضح البيان أن الغارات الإسرائيلية استهدفت في طرطوس وريف اللاذقية “مواقع رادار ودفاع جوي”.

وبحسب المرصد فقد “نفذت إسرائيل أكثر من 352 غارة جوية على 13 محافظة سورية” منذ فر الرئيس المخلوع بشار الأسد من سوريا فجر الثامن من ديسمبر الحالي.

الأولويات
وأوضح المصطفى، أن “أغلب الأسلحة التي دمرتها إسرائيل لم تكن لتصمد أمامها بأي حرب مقبلة، وهذه الأسلحة أغلب ما تكون خردة، فنظام الأسد لم يعمل على تطوير الجيش منذ سنوات طويلة حتى قبل بداية الثورة في عام 2011”.

وقال إنه “في الواقع، لا تبدو أولوية بناء جيش واضحة لدى الحكومة الجديدة، فالأولوية اليوم هي لبسط الأمن وتقديم الخدمات، وإعادة فرض السيطرة على كامل الأراضي السورية، ولكن يمكن تفعيل مسار مواز لما سبق عبر خطوات أولية لإعادة بناء الجيش بهدوء، حاليا، وبحسب ما أفاد به قائد العمليات، أحمد الشرع، هو العمل على حل الأجهزة الأمنية أما الجيش السابق لم يتم الحديث عنه بشكل موسع وكل ما تم الحديث عنه هو في إطار الإيحاءات حول المؤسسة العسكرية”.

وتابع “منذ عدة أيام تم منح عناصر الجيش في الخدمة الإلزامية عفوا عاما، بالتزامن مع منحهم بطاقات لعدم التعرض لهم حتى حين، ولم يتم الحديث عن مصير المتطوعين.
في حين أن الهيكلية الجديدة قد تخضع لمناقشات طويلة لإقرارها، خصوصاً أن الفصائل العسكرية تختلف تماما عن هيكلية جيش منظم، وسيظهر سؤال جوهري لاحقا، هل سيكون التوجه لبناء جيش احترافي قائم على المتطوعين؟، أم إعادة تفعيل الخدمة الإلزامية بطريقة مختلفة عما كانت عليه؟”.

وشدد على أن “الأولويات مختلفة والتحديات جمة خصوصا أن نظام الأسد دمر البنية التحتية السورية بشكل شبه كامل، وأكملت إسرائيل تدمير البنية والقدرات العسكرية”.

أحمد عقل

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here