الدكتور فاضل حسن شريف
قال تعالى “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” (سبأ 14) أي فصلنا في أمر موته فإن قضاء أو فصل أمر الموت لا يعرفه غير الله وحده فلا الجن أو غيره يستطيع تحديد هذا القضاء وفي الاية معنى القضاء مشترك بين الفصل والموت. و الجاهل بان الجن يعلم ان هذا يموت او ذاك فهو مخطأ بدليل هذه الاية المباركة.
عن تفسير الميسر: قوله جل جلاله “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” (سبأ 14) فلما قضينا على سليمان بالموت ما دلَّ الجن على موته إلا الأرَضَةُ تأكل عصاه التي كان متكئًا عليها، فوقع سليمان على الأرض، عند ذلك علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما أقاموا في العذاب المذلِّ والعمل الشاق لسليمان؛ ظنا منهم أنه من الأحياء. وفي الآية إبطال لاعتقاد بعض الناس أن الجن يعلمون الغيب؛ إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة سليمان عليه السلام، ولما أقاموا في العذاب المهين.
وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله جل جلاله “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ” فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” (سبأ 14) “فلما قضينا عليه” على سليمان “الموت” أي مات ومكث قائما على عصاه حولا ميتا والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة على عادتها لا تشعر بموته حتى أكلت الأرضة عصاه فخرّ ميتا، “ما دلهم على موته إلا دابة الأرض” مصدر أرضت الخشبة بالبناء للمفعول أكلتها الأرضه “تأكل منسأته” بالهمز وتركه بألف عصاه لأنها ينسأ يطرد ويزجر بها، “فلما خرَّ” ميتا “تبينت الجن” انكشف لهم “أن” مخففة أي أنهم “لو كانوا يعلمون الغيب” ومنه ما غاب عنهم من موت سليمان “ما لبثوا في العذاب المهين” العمل الشاق لهم لظنهم حياته خلاف ظنهم علم الغيب وعلم كونه سنة بحساب ما أكلته الأرضة من العصا بعد موته يوما وليلة مثلا.
جاء في التبيان للشيخ الطوسي: قوله جل جلاله “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ” فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” (سبأ 14) اخبر تعالى أنه لما قضى على سليمان الموت وقدره عليه وقبضه اليه لم يعلموا بذلك من حاله حتى دلهم على موته دابة الارض وهي الأرضة، فأكلت عصاه فانكسرت، فوقع لأنه روي أنه قبض وهو في الصلاة، وكان قال للجن اعملوا ما دمتم تروني قائماً، واتكأ على عصاه من قيام، وقبضه الله اليه وبقي مدة فيجيء الجن فيطالعونه فيرونه قائماً فيعودون فيعملون إلى أن دبت الأرضة فاكلت عصاه فوقع وخر، فعلموا حينئذ موته وتبينت الجن أن لو كانوا يعلمون ما غاب عنهم من موت سليمان لم يلبثوا في العذاب الذي أهانهم وأذلهم والمنسأة العصا الكبيرة التي يسوق بها الراعي غنمه قال أبو عبيدة: معنى “تبينت الجن” أي أبانت الجن للناس “أن لو كانوا” الجن “يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين” والمنسأة أصلها الهمزة من نسأت إلى سقت، وقد يترك الهمز، قال الشاعر: إذا دببت على المنساة من هرم * فقد تباعد عنك اللهو والغزل. إلا أنه يترك همزها، كما يترك في (البرية) وهي من برأت، وقيل: إنه كان متوكئا على عصاه سنة لا يدرك أنه مات. وقيل: المعنى ” فلما خر تبينت ” جماعة من عوام ” الجن ” أغواهم مردتهم أن المتمردين ” لو كانوا يعلمون الغيب ” لأنهم كانوا يقولون لهم نحن نعلم الغيب، وفي قراءة أهل البيت ” فلما خر تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ” قالوا: لان الجن كانت تعلم أنها لا تعلم الغيب قبل ذلك. وإنما تبينت الانس ذلك من حال الجن.
جاء في الموسوعة الاسلامية عن اربع معجزات لسيدنا سليمان عليه السلام للدكتورعمرو خالد: قال تعالى: وداعاً سليمان: أراد الله أن يجعل وفاته عبرة شديدة، لتنبه كلّ من يظن أنّ الجن يعلم الغيب، كان سيدنا سليمان عليه السلام قبل أن يموت بعدة أشهر قد أمر الجن أن يبنوا للإسلام بناءً عظيماً، فالجن تعمل وسيدنا سليمان واقف في شرفة يتابع الجن واضعاً يده على عصاه ومتكأ عليها وسانداً جسمه عليها يراقب الجن، فيخافون أن يحبسهم فيظلون يعملون، وبينما هو واقف مات، مات على هذه الحالة، أراد الله له أن يموت على هذه الحالة ولم يتوقع من يراه أنّه ميت، لأنّه كان متكأً على عصاه وجاء خليفته من بعده وجده قد مات، لكن وجد الجن يعملون فأراد أن يكمل الجن هذا البناء للإسلام فتركه مثلما هو وكان يأتي ويهمس في أذنه مثلما كان يفعل وهو حي ليشعر الجن أنّه موجود ويرجع والجن متعجبة، لأنّه واقف منذ أسابيع لم يجلس يوماً ولم يأكل ولم يشرب ولم ينم، واقف يراقبهم وهم يعملون بجد والبناء يكتمل، إذن الجن لا يعلم الغيب، إلى الذين يقتنعون بأنّ الجن تعلم الغيب إليهم هذه الآية القرآنية قال تعالى: “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ” (سبأ 14)، مرّت أسابيع والأمر اقترب من شهر وسليمان واقف إلى أن جاء الدود والأرضة وبدأت تأكل في العصا من أسفلها، فالعصا ضعفت فلما ضعفت وقع سيدنا سليمان عليه السلام من الاتكاء عليها فعرفت الجن أنّ العصا نخرت وهو ميت منذ زمن، متى ستفيقون يا من تتعلقون بالجن؟ هل تريدون أوضح من كلام الله في هذه القضية؟
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط