اضواء على طائفة الصابئة المندائيين

اضواء على طائفة الصابئة المندائيين
بقلم الاستاذ الدكتور عماد جاسم حسن العكداوي/ جامعة ذي قار

مما لاشك فيه ان طائفة الصابئة المندائيين من اقدم الطوائف والاديان التي لها جذور عميقة في التاريخ تمتد الى عصور تاريخية قديمة ،وعلى الرغم من الاختلاف حول اصل هذه الديانة من عدمه الا اننا تعايشنا مع طائفة موجودة في الواقع ،وفي هذه المقالة نسلط الضوء على تلك الطائفة.
بداية ان معنى كلمة صابئة مشتقة من الفعل الارامي صبا أي غطس او ارتمس أي تعمد في الماء الجاري وهو ركن اساسي من اركان الديانة المندائية .اما كلمة المندائيون فهي مشتقة من الفعل الارامي مندا والتي تعني العالم او العارف فيكون معنى الصابئة المندائيين (الصابغون العارفون ).ولذا فقد حتمت عليهم ديانتهم الاستقرار قرب مصادر المياه وخصوصا الشواطئ والانهار والاهوار لان ديانتهم ترتكز على الطهارة بالماء الجاري .
تقوم هذه الديانة على عدة اركان اولها التوحيد والايمان بوجود الله سبحانة وتعالى وهذا الايمان والتوحيد يذكرة كتابهم المقدس كنز ربا ،كما انهم يؤمنون بعدد من الانبياء ولهم ادم واخرهم يحيى .
ويعد التعميد ركن مهم في تلك الديانة ويطلق عليه الصباغة وهو فرض وواجب على كل صابئي ليكون صابئيا مندائيا ويهدف الى فتح باب الخلاص والتوبة وغسل الذنوب والخطايا والتقرب الى الله سبحانة وتعالى ويجب ان يتم في الماء الجاري وفي يوم الاحد .
ومن الاركان الاخرى للديانة المندائية الصلاة التي يطلق عليها (براخا)ويسبقها الوضوء الذي يطلق علية (رشامة )وتكون صلاتهم بأتجاه الشمال الذي هو اتجاه قبلتهم التي يعتقدون فيها الجنة وتكون الصلاة ثلاث مرات يوميا ،فضلا عن ذلك فأن لديهم نوعان من الصيام احدهما يسمى الكبير ، وهو الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات ،وثانيهما الصوم الصغير وهو الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات ومدته 36 يوما متفرقة على ايام السنة .
كذلك تؤكد الديانة المندائية على الصدقة ويشترط فيها السر وعدم الاعلان عنها لان في ذلك افساد لثوابها كما جاء في كتابهم المقدس (اعطوا الصدقات للفقراء واشبعوا الجائعين واسقوا الظمأن واكسوا العراة لان من يعطي يستلم ومن يقرض يرجع له القرض ).كما يؤمن الصابئة المندائيين باليوم الاخر ،اذ يرون ان هنالك قيامة بعد وفاة الانسان وهنالك حساب وعقاب وحياة ازلية .
الواقع ان الصابئة لهم مجموعة من الكتب المقدسة التي يؤمنون بها ويتقدون بها ويسيرون على خطاها ويعدونها المصدر الرئيس لديانتهم ،يأتي في مقدمتها كتاب كنز ربا ثم كتاب سيدرا اد نشماثة (كتاب الانفس ) وكتاب الصلوات (نياني ادرهمي )وفيه الصوات والتسابيح وهناك كتاب دراشا اديهيا وهو عبارة عن تعاليم النبي يحيى وكتاب ترسر والف شيالة وفيه 1012 سؤال وجواب حول امور تخص الديان المندائية .
ومن مظاهر الديانة المندائية الاخرى هي الاعياد وتقسم الى اربعة هي البنجة او البرونايا ويسمى عيد الخليقة ويستمر خمسة ايام ،وثانيا عيد التعميد الذهبي الذي يعتقدون ان فيه تعميد النبي يحيى وثالثا العيد الكبير ثم العيد الصغير او ما يسمى عيد الازدهار والذي فيه نزل الملاك جبريل وقيد الشر والشياطين الذين يعيثون في الارض فسادا ودمارا .
اما بالنسبة للسنة المندائية تقسم الى اثنا عشر شهرا وكل شهر ثلاثين يوما لتكون بمجموعها 360 يوما تضاف اليها الخمسة ايام البيضاء الخاصة بعيد الخليقة فتكون السنة المندائية 365 يوما .
كذلك ان هذه الديانة تحرم الكفر بالله سبحانه وتعالى والقتل والسرقة والخداع والكذب والتأويل وشهادة الزور والحسد والنميمة والغيبة والخيانة كما انها تحرم الزنا وتعده من كبائر الذنوب التي تؤدي الى النار كما انها تحرم السحر والشعوذة واكل دم الحيوان والميتة او ذبح الحامل وجميع الحيوانات المفترسة وشرب الخمر والبكاء والنواح ولبس السواد على الموتى والربا والانتحار وغيرها من الصفات الاخرى التي تضر بصحة الانسان الجسدية والروحية والعقلية .
ان الديانة المندائية تخضع الى التنظيم ،اذ ان هنالك مراتب خاصة لرجال الدين تبدا بـ اشكندا ثم ينتقل الى شويلي وبعدها الى حلالي ثم ترميذا وبعدها كنزبراثم ريشما واخيرا ربي .ولم يكن التنظي مقتصر على الجانب الديني فقط بل وحتى الجانب الاداري والاجتماعي ،اذ ان هنالك مجالس خاصة لادارة شؤون الطائفة في اغلب المدن والمناطق التي يسكنها الصابئة،وتكون تلك المجالس منتخبة وتؤدي دورا كبيرا من اجل خدمة ابناء الطائفة وتجتمع تلك المجالس بمجلس واحد ويدار في الوقت الحالي الشيخ ستار جبار حلو رئيس الطائفة .
واخيرا لابد من القول ان وجود هذه الطائفة في العراق فأنها تضيف لونا اخر لالوان الطيف العراقي الذين يتعايشون في هذا البلد الامر الذي اخذ يتميز به العراق ومنذ القدم وهو التنوع الديني والعرقي والثقافي ،ويبدو ان هذا التنوع ادى الى وجود علاقات اجتماعية ذات ميزة خاصة اتسمت بألتألف والتسامح والمحبة والتعاون في العراق الديمقراطي الجديد الذي شهد تحولات عدة في المجالات كافة كانت قد عمقت من وحدة الصف بين طوائفه واديانه ومذاهبه ووقفت بقوة ضد التكفيرين والارهابين الذين سعوا الى زرع الفتنة بين صفوف ابناء الشعب العراقي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here