خارِطةٌ جديدةٌ قَيدَ الإِنشاءِ

نـــــزار حيدر لـ [العالَم الجديد]؛

خارِطةٌ جديدةٌ قَيدَ الإِنشاءِ

١/ باتَ من الواضحِ جدّاً أَنَّ أَنقرة هي المُهندس الأَكبر في كُلِّ ما جرى ويجري في سوريا والذي أَنتجَ تغييراً سياسيّاً سقطَ فيه نظامٌ ونهضَ آخر.

والدَّورُ التُّركي هذهِ المرَّة جاءَ على حسابِ دورٍ إِيرانيٍّ استمرَّ مُحافظاً على إِندفاعهِ وزخمهِ وقوَّتهِ أَكثر من [٤] عقُودٍ من الزَّمن.

ولقد ظلَّ صِراع الإِرادات بينَ طهران وأَنقرة يتجلَّى خلال العقدَينِ الأَخيرَينِ في أَكثر من ساحةٍ لعلَّ من أَبرزِها العراق وسوريا تحديداً.

واستمرَّت سياسة [عضَّ الأَصابع] حتَّى صرخَت طهران وتبسَّمت أَنقرة.

٢/ ومن الواضحِ كذلكَ فإِنَّ دَور أَنقرة هذا يتكامل مع دَور [تل أَبيب] التي عرضَت خرائِط الشَّرق الأَوسط الجديد ثمَّ دعَت دُول المنطقة والعالَم لمساعدتِها على تنفيذِ حدُودِها الأَمنيَّة والسياسيَّة الجدِيدة، فكانت أَنقرة أَوَّل وأَشد المُتحمِّسينَ للإِنخراطِ في العملِ على تنفيذِ الخرائطِ لأَسبابٍ عدَّةٍ منها [الحلُم والطُّموح التَّاريخي] فبدأَت من حدودِها الرَّخوة وأَقصد بها سوريا التي تقرَّر أَن تكونَ بمثابةِ [سويسرا] الشَّرق الأَوسط أَي دَولةٌ منزُوعة السِّلاح لتقفَ [إِسرائيل] على تخومِ بغداد وتالياً طهران من دونِ أَن تخشى ردُودَ أَفعالٍ عسكريَّةٍ من الأَجواء والسَّماء السوريَّة التي اندمجَت [أَمنيّاً] مع أَجوائِها وسمائِها مثلَ الدِّفاعات الجويَّة ومنصَّات الإِطلاق والطَّائرات الحربيَّة وغَير ذلك.

٣/ للأَسف الشَّديد فإِنَّ العراق في وسطِ هذهِ المُعادلةِ الخطيرةِ المُعقَّدة الجديدةِ هو الحلقَة الأَضعف وهوَ الأَرض الرَّخوة التَّالية.

ولذلكَ فبتصوُّري أَنَّ بغداد ستغضَّ النَّظر عن ملفِّ تواجُدِ القوَّاتِ الأَجنبيَّة وتحديداً الأَميركيَّة على الأَراضي العراقيَّة إِلى إِشعارٍ آخر، فهيَ تعرف أَنَّها ما كانت لتَحمي نفسَها من الضَّربات [الإِسرائيليَّة] [الإِنتقاميَّة] لولا الجُهد السِّياسي والدِّيبلوماسي الذي بذلتهُ واشنطُن معَ [تل أَبيب] وليسَ بسببِ خَوفِ الأَخيرة من ردِّ فعلِ بغداد مثلاً أَو لقوَّةِ تهديدِها بردِّ فعلٍ مُعاكسٍ قويٍّ إِذا ما تعرَّضت لأَيِّ عُدوانٍ.

بغداد تشعر الآن بأَنَّها أَحوج ما تكُون اليَوم لمُساعدةِ التَّحالف الدَّولي وزعيمتهِ واشنطُن للدِّفاعِ عن العراق، ليسَ بالقوَّةِ والأَعمالِ العسكريَّةِ المُسلَّحةِ أَبداً وإِنَّما بالسِّياسةِ والديبلوماسيَّةِ والنُّفوذِ لدى [تل أَبيب] وأَنَّ واشُنطن لا تقبل بأَداءِ مثلِ هذا الدَّور إِذا أَزعجتها بغداد ولم تلتزم بـ [نصائحِها] والتي تقِف على رأسها ما يتعلَّق بالثُّلاثي [النَّفط والدُّولار والسِّلاح] وأَقصد بها تهريب النَّفط لصالحِ الجارةِ الشرقيَّةِ وتهريبِ الدُّولار لصالحِ جارتِنا الشرقيَّة وسلاح الفصائِل الذي يخدم أَجندات الجارة الشرقيَّة!.

٤/ لقد استرسَلت بغداد كثيراً مع السِّياساتِ المُضِرَّة التي مارسَتها أَنقرة بإِزاء العراق، ولذلكَ، ومعَ تمدُّد النُّفوذ التُّركي وزيادة قوَّتهِ فإِنَّ العراق الآن لا يمتلِك الكثير من أَوراق التَّفاوُض والضَّغط على أَنقرة، خاصَّةً وأَنَّنا نعرف جيِّداً فإِنَّ النُّفوذ العسكري والإِستخباراتي والأَمني التُّركي يمتَد من كركوك إِلى زاخو!.

هذهِ الحقيقة المُرَّة والتي أَنتجتها السِّياسات الضَّعيفة والمُهترِئة التي انتهجَتها بغداد خلال العقدَينِ الأَخيرَينِ ولأَسبابٍ كثيرة، هو الذي مكَّن لأَنقرة أَن تنجحَ في سياساتِها التوسُّعيَّةِ وبالتَّالي تحويل المَساحات المُمتدَّة من كركوك إِلى زاخو لساحةٍ مفتوحةٍ أَمامها تتحرَّك فيها بِلا رادعٍ!.

لكُلِّ ذلكَ فإِنَّ بغداد تأخُذ بنظرِ الإِعتبار كُلَّ هذهِ الحقائق على الأَرضِ في حذرِها من القادمِ الأَخطرِ!.

٢٠٢٤/١٢/١٣

لِلتَّواصُل؛

Instagram; @nazarhaidariq

www.tiktok.com/@nhiraq

‏Telegram CH; https://t.me/+5zUAr3vayv44M2Vh

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here