صباح البغدادي
* رسالة الشهيد الحسين (ع) لم تكن للثأر من أهل السنة والجماعة، وإنما جاءت لبناء الإنسان مهما كان توجهه، وتعمير الأوطان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحاربة الظلم والفساد المالي والإداري والأخلاقي وبصيغته السياسية والأدبية والشخصية والمعنوية الشاملة!
**زهراء ورقية وزينب وفاطمة … العوائل المتعففة وأطفالهم سوف يبقون شواهد عيان في زمن حكومة “الإطار التنسيقي” التي تدعي ولاية على (ع) لتروي للعالم مأساتهم عن واقعة طف حقيقية وليست مزيفة للبحث عن لقمة العيش في مكبات النفايات (1).
***المجتمع العراقي بمعظم طوائفه ومذاهبه وقومياته محبين لا البيت (ع) بالفطرة والعاطفة الجياشة , وعلى مختلف توجهاتهم السياسية والعقائدية , ونراه يتجسد أكثر من خلال مشاركتهم الفعالة في أحياء مراسم الزيارات لمراقد الأئمة (ع) والمناسبات الدينية التي تخص التذكير بال البيت (ع) صحيح أنها تختلط فيها الكثير من المغالطات وسوء الفهم للأخر المخالف لبعض الأمور والتي أصبحت بمرور الزمن تشوه أكثر لديهم وانتقاداتهم لظواهر غريبة ومستهجنة ترافق المواكب الحسينية ومن انعكاس الصورة غير الحقيقة لأحياء هذه المراسم ولكن مع الأسف يتم استغلال البعض من رجال الدين والأحزاب والحركات الإسلامية للبسطاء من العراقيين لتحقيق مارب شخصية لهم وهذا موضوع يطول شرحه حاليا في هذا المقام !.
توطئة ومقدمة لكشف الخديعة:
قصة الروايات التي جسدتها المأساة التي حلت بمبعوث الإمام الحسين (ع) بـ “مسلم بن عقيل بن أبي طالب” وذهابه للكوفة لأخذ البيعة والنصرة من أهلها أصبحت معروفة لدى عامة الشيعة؟ عندما اجتمع حوله المئات والإلاف من المناصرين، وعند اشتداد الأمر عليه بعد الخيانة والغدر فلم يبقى معه إلا بضع رجال وقد صلى بهم جماعة بعد ذلك فلما أنتهى من صلاته التفت خلفه ليرى أنهم ذهبوا جميعهم ولم يتبقى أي شخص إلا هو!!؟ وجميع من في المدينة يبحث عنه وبقية القصة المعروفة ولكن ارتأينا من هذه المقدمة المختصرة الضرورية لنبين بأنها تجسدت في العصر الحديث بشكل أو بأخر من احد العراقيين الذين تربوا على حب أل البيت بالفطرة والنية الحسنة , وكشفت لنا وللراي العام العراقي والعربي عن مدى الكذب والخديعة والاستهتار والخسة التي وصلت لها جميع الأحزاب والفصائل والحركات الإسلامية الذين يدعي قادتهم ومريديهم بشعاراتهم الزائفة المضللة التي ملء بها جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بان “زينب عليها السلام لن تسبى مرتين” وقد أنكشف المستور وبانت عورتهم جميعهم عن تلك المواقف المتخاذلة والخيانة التي اتخذتها كمنهج لها كافة الأحزاب الإسلامية في حكومة “الاطار التنسيقي” والمنتمين للحشد الشعبي كلهم وجميعهم وبدون أستناء .
استضاف الإعلامي المتميز “قحطان عدنان” وفي برامجه السياسي الساخر المعنون ” الغسالة ” المقدم من على فضائية “وان نيوز” الإخبارية (2) احد أخر المقاتلين الشيعة “كرار الصبيحاوي ” والذي كشف بالتفصيل في اللقاء المباشر معه , عن مدى خسة التخاذل والانهزام والضعف والجبن لجميع قادة الفصائل الإسلامية في “الحشد الشعبي” والإعلاميين الذي تحدثوا في برامجهم الحوارية من خلال قنواتهم الإخبارية وهم يكابرون بانهم جاهزين للذهاب الى “مرقد السيدة زينب” للدفاع عنها ضد الفصائل التكفيرية السورية الإرهابية , وعلى رأس هؤلاء وعلى سبيل المثال وليس الحصر كل من رئيس ائتلاف دولة القانون “نوري المالكي” ورئيس تحالف فتح “هادي العامري” وزعيم عصائب أهل الحق ” قيس الخزعلي ” ورئيس حركة النجباء الشيخ ” أكرم الكعبي ” ورئيس هيئة الحشد الشعبي ” فالح الفياض” و الأمين العام لحزب الله العراقي والعمليات الخاصة ” احمد المحيمداوي ” وغيرهم الكثير والكثير الذي لا مجال لذكرهم جميعهم لانهم يعدون بالعشرات والمئات وحتى بالإلاف , وفي هذا اللقاء المباشر كشف جميع الأدلة والأسماء المقاتل “الصبيحاوي” وقد عرى هؤلاء جميعهم وبدون استثناء عندما اسقط عنهم ورقة التوت الأخيرة ولتعري خذلانهم وجبنهم وليسقط معها باطلهم الطائفي المذهبي , وليكشف حقيقتهم المجردة إمام أنظار الراي العام العراقي والعربي والعالمي والتي حتما سوف يسجلها التاريخ لهم ؟
قد يذهب البعض الآن ويقول ويذكر ويتساءل؟ بأن المقارنة لا تصح أو في غير محلها , أو قد تكون بعيدة بعض الشيء بين ” كرار الصبيحاوي” و “مسلم بن عقيل” ولكننا نرى بان هناك أوجه تشابه كثيرة في هذه الواقعة , وقد تجسدت في العصر الحديث بصورة وبأخرى , ومع هؤلاء المدعين والدعم غير المحدود لهم بالمال والعتاد والمعدات والسلاح والمقاتلين ولكافة هؤلاء الذين ادعوا نصرة “مرقد السيدة زينب” وقد تجسدت لنا مرة أخرى هذه الواقعة في عصرنا الحالي , ونحن نتخيل ونشاهد من خلال ما ذكره بالتفصيل هذا المقاتل , بل ورؤيتنا نتخيلها أمامنا الإن كيف كان موقف التابعي “مسلم بن عقيل” في حينها وتخاذل أهل الكوفة عنه وكأنما مقولة التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى قد تجسدت في هذه الواقعة حرفيآ !
عندما يتخلى مستشار الأمن القومي “قاسم الأعرجي” عن حيادتيه الوظيفية يتحول إلى ريزخون فأعرف أننا ما نزال نعاني في العراق من النفس الطائفي والمذهبي , وإلا كيف لنا أن نفسر ما كتبه المستشار يوم الأحد الفائت على منصة “أكس ” “تويتر” سابقآ تعليقا منه وردآ على الأحداث التي تجري في سوريا , وعن أخبار مشكوك في صحتها ولم تثبت مصداقيتها على أرض الواقع , تفيد عن وصول قوات المعارضة إلى مرقد “السيدة زينب” في دمشق، وكتب “لن تسبى زينب مرتين” وقد رددها بعده جميع من قادة ما يسمى بالحشد الشعبي ومثقفيهم وإعلاميهم وأصبحت هذه المقولة شعار يلتف من حولها جميعهم !!؟ هذا القبر موجود منذ مئات السنيين ولم يحصل له أي شيء، فلماذا الإن يتخوف المسؤولين العراقيين، وبالأخص من حكومة الإطار التنسيقي، من أن فصائل المعارضة سوف تهدم القبر وتسبي النساء والأطفال كما يروج له حاليآ، ما دخل الحكومة العراقية بنصرة نظام “بشار الأسد”؟ الذي كان بالأمس القريب يدخل العجلات المفخخة والإرهابيين ومن مختلف الجنسيات الى العراق لغرض أن يقومون بعمليات القتل والتدمير , اذا رجعنا قليلآ الى الوراء عندما كان “نوري المالكي” رئيس الوزراء لدورتين متتاليتين , نراه على شاشات التلفزة يخرج بين الحين والآخر يندد بما يفعله النظام السوري بالعراق من تسهيل ودعم وإرسال المفخخات لتفجيرها في المدن والمحافظات العراقية الشيعية , وحتى وصل الأمر بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لغرض أصادر قرار لمعاقبة النظام السوري , والذي نفسه اليوم ولم يتغير هذا النظام يدافعون عنه الآن , ولكن ليس من باب “انصر أخاك ظالما أو مظلوما ” ولكن في حقيقة الأمر من باب الإملاءات والأوامر التي ترد من القيادة الإيرانية ورجال الدين المتشددين والحرس الثوري , وذلك بزج خيرة شباب العراق في حرب عبثية لغرض الموت المجاني تحت ستار وشعار الحفاظ على المراقد الشيعية المقدسة والأصح للحفاظ على نظام “بشار الأسد” من السقوط , وإدامة “الهلال الشيعي” وعدم فقدانه والذي كان رأس الحرب في إدامة هذا الهلال “حزب الله” اللبناني !.
ما يزال “تنظيم داعش” ذي الأجندة المخابراتية المشبوهة , والذي يعرض خدماته كبندقية للإيجار لبعض دول الجوار ما يزال لديه حضور فعال ولا يستهان به , وعلى الرغم من الضربات الجوية التي يتلقاها بين الحين والأخر , ونقول لهؤلاء وغيرهم بالحكومة : “إلا تتخوف القيادات السياسية والعسكرية والأمنية العراقية بأن تقوم بعض فصائل المعارضة السورية الإن بتسهيل وتقديم الدعم اللوجستي بالمقاتلين والسلاح لتنظيم داعش وأحيائه بقوة مرة أخرى , ورد الصاع صاعين للحكومة , أليس من المفروض على هذه القيادات تامين الحدود من كافة الجوانب والنواحي” والعمل بكل جهد لتسهيل عودة العوائل العراقية التي غرر بهم في السابق بهدف توطينهم في محافظات ومدن وبلدات سورية وهم غرباء عنها , ونحن نشاهدهم على شاشات التلفزة وفي مواقع التواصل الاجتماعي عن معاناة هذه العوائل العراقية والحالة المزرية المأساوية وهم لا يستطيعون الهروب بعد أن تم التخلي عنهم من قبل رجال الدين والقيادات الشيعية وتركهم لمصير مجهول.
لقد ألمنا ونحن نشاهد اللقاءات الأسرى الشباب العراقيين والذين تم أسرهم من قبل بعض فصائل المعارضة السورية وهم يتحدثون أمام كاميرات الهاتف النقال “: بأنهم وعدوهم برواتب مقدارها ألف دولار مقابل القتال الى جانب النظام السوري ” وهم في حالة مزرية من سوء التغذية والبرد والجوع وبملابس رثة لا تقيهم من برد ولا حر.
اليس من المفروض عن الأموال الطائلة التي تم تخصيصها، والتي تصرف على الفصائل وكتائب الحشد الشعبي التي تشارك في حرب عبثية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، أن يتم صرف هذه المبالغ المليارية على العوائل العراقية المتعففة التي امتهنت تبحث عن رزقها وإطعام أطفالهم في مكبات النفايات، إليس من المعيب على كافة الحكومات التي أتت بعد الغزو والاحتلال 2003 أن يكون هناك مئات وآلاف العوائل العراقية تبحث عن لقمة العيش في مكبات النفايات.
حسب بيانات وزارة التخطيط العراقية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية فأن نسبة العوائل العراقية التي تعيش تحت خط الفقر يقدر بين 25% إلى 30% وأن هذه النسبة في ازدياد خلال السنوات القادمة أذا لم يكن هناك حلول جذرية من قبل الحكومة , لذا فأن أوجه الشبه , والتي تصل إلى حد التطابق التام من خلال ما تنشره القنوات الإخبارية العراقية ومنظمات المجتمع المدني , ومن ما وصلت إليه العوائل العراقية التي تبحث عن الطعام في مكبات النفايات (1) والتي تجسد هذه العوائل ملحمة وبصورة أكثر واقعية عن واقعة طف مستمرة أكثر بشاعة ما زالت تحدث منذ عام 2003 ولغاية الإن .
نرى أطفال بعمر الورود يساعدون ذويهم وأسمائهم توحي اليك انهم يعيشون حقآ واقعة طف أخرى، ولكن!؟ فهذه ” زهراء ورقية وفاطمة وزينب” يفتك بهما كافة الأوبئة والأمراض وتبحث عن لقمة تسد بها جوعها عسى أن تجدها صالحة للأكل وسط مكب النفايات , وبدلا من أن تكون في المدرسة تتلقى تعليمها وتنعم بطفولتها الزاهية وهي اجمل شيء بالحياة , يحدث هذا كله في بلد يعوم على بحر من النفط والموارد الطبيعية بميزانيات سنوية لن تحلم فيها دول المنطقة , وبدلا من محاسبة المسؤولين والوزراء الذين يسرقون أموال العراق كل يوم , يتم مكافئتهم بأن يمنحون عفو عن ما سرقوه من أموال طوال مدة خدمتهم ومن خلال قانون العفو العام , بل وصل الأمر بهذه الحكومة الإسلامية ” الإطار التنسيقي”بأن يسرقون ما تبقى من رواتب المتقاعدين من خلال شرعنة استقطاع 1% من رواتبهم تحت ستار مساعدة الشعب اللبناني والفلسطيني في غزة , ولكن بعد أن انكشفت الفضيحة تبين أن هذه المساعدات المادية لغرض إعادة تمويل “حزب الله اللبناني” ماديا بعد ما فقده من أموال لغرض دفع رواتب ومساعدات للمقاتلين وعوائلهم وتسديد نفقات علاج الجرحى من مقاتليهم في مستشفيات خارجية وتخصيص رواتب لهم هذا المشروع الذي تم تقديمه من قبل “عصائب أهل الحق” وألزمت به حكومة السوداني لتنفيذه تحت شعار مساعدات إنسانية عاجلة ؟.
حربنا الحقيقية للحفظ على العراق لن تكون في سوريا، ولكن الحرب الحقيقية يجب أن تكون ضد الفساد المالي والإداري وشرعنة اختلاس المال العام من خلال قوانين مجحفة بحق الشعب العراقي … حربنا الحقيقية لن ولن تكون في سوريا … حربنا في البناء وتنمية الإنسان العراقي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير أبسط مقومات الحياة والاستثمار في قدرة الإنسان العراقي في العطاء والإبداع العلمي والتقني والمعرفي، وتوفير بنى تحتية بمختلف المجالات الصناعية والعمرانية والخدمية لمستقبل مشرق لأجيال العراق القادمة!
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط