2025-01-06
“التغييرات قادمة لا محالة، والعراق سيكون جزءاً من الشرق الأوسط الجديد”، هذا ما يتوقعه عدد من المراقبين، عن المرحلة المقبلة بعد تسنم دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية في يوم الاثنين الموافق 20 من كانون الثاني/ يناير الجاري.
واستناداً إلى تحليل رئيس مركز “التفكير السياسي”، إحسان الشمري، فأن “إستراتيجية ترامب تجاه العراق تختلف عن ولايته الأولى التي استخدم فيها إستراتيجية الضغوط القصوى والتدخل المباشر على مستوى الأرض العراقية، لكن حالياً لا يمكن الحديث مرة أخرى عن إمكانية اعتماد هذه الإستراتيجية”.
ويشير في حديثه ، إلى أن “المقاربة الحالية ستعتمد على عدة مستويات، الأولى سوف تستهدف حلفاء إيران وتقويضهم السياسي في الداخل العراقي، والمستوى الثاني تفكيك الفصائل بقناعة عراقية أو بعملية فرض قد تتم بإدراج المزيد من هذه الفصائل وقادتها بقوائم الإرهاب، والمستوى الثالث تقييد أصولهم المالية ومتابعة واجهاتهم الاقتصادية”.
ويضيف، أن “إستراتيجية ترامب ستعتمد قطع العلاقة وبشكل نهائي بين العراق وإيران، أي لن يعتمد ترامب المنطقة الرمادية التي ناور بها حلفاء إيران في السابق، وبالتالي سيكون على الحكومة العراقية الحالية والقادمة كشف حقيقة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن ترامب لن يقبل بحكومة عدوة للولايات المتحدة الأمريكية”.
ويؤكد، أن “ترامب يعتبر الفصائل قد تشكل تهديداً للمصالح الأمريكية، وهو لا يزال يتذكر العلاقة غير الجيدة معها حينما كان رئيساً للولايات المتحدة ومنها الهجوم على السفارة وعمليات القصف، لذلك سيطرح ترامب إستراتيجية أكثر صلابة من استراتيجية بايدن التي اعتمدت على المرونة”.
ويتابع الشمري، أن “حكومة السوداني إذا لم تلتزم باشتراطات ترامب فقد يكون هناك تماهٍ ما بين واشنطن وتل أبيب لوقف هذا النفوذ الإيراني في الداخل العراقي، ومن المرجح أن يكون العراق جزءاً من الشرق الأوسط الجديد بغض النظر عن الخطابات أو المواقف الداخلية العراقية”.
“التغييرات قادمة لا محالة”
من جهته، يقول الأكاديمي والباحث في الشؤون الإيرانية والإقليمية، الدكتور جلال جراغي، إن “التغييرات في المنطقة قادمة لا محالة خلال الفترة الرئاسية لترامب، وهذه التغييرات ستكون لمصلحة الكيان الصهيوني الذي سيكون له مجالاً واسعاً لترجمة سياساته ومخططاته في المنطقة على حساب الحكومات الإقليمية العربية”.
ويشير جراغي لوكالة شفق نيوز، إلى أن “ترامب يعمل بشكل منفرد ويتجاوز في بعض الأحيان القواعد الأمريكية وإطار السياسات المعهودة والمعلنة للولايات المتحدة، لذلك من المتوقع أن يتخطى ترامب العوائق الموجودة أمام الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة بايدن”.
ويتوقع جراغي، أن “تكون سياسات ترامب تجاه المنطقة نحو إرساء الاستقرار والهدوء، لأنه سبق وأن أعلن رغبته بإنهاء الحروب في المنطقة، لكن هذا لا يعني على حساب الكيان الصهيوني، بل هو سيعمل لمصلحة الكيان على حساب الدول الإقليمية”.
لكن مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، حسين المومني، يرى أن “من المبكر الحكم على الرئاسة الثانية لترامب، وأن معظم الأحكام الصادرة على سياسة ترامب هي من رئاسته الأولى، لكن عند الحديث عن عام 2025، فهناك متغيرات كثيرة في المنطقة والعالم وكذلك في داخل الولايات المتحدة، لذلك لن يلجأ إلى سياسته السابقة في ظل التطورات الحالية”.
ويضيف المومني ، “ورغم تعهد ترامب بإحلال السلام في المنطقة، لكن من المتوقع حصول اشتباك أمريكي فيها”.
“الأيام المقبلة متوترة سياسياً”
وهذا ما يؤكد عليه أيضاً المحلل السياسي التركي، جواد جوك، حيث يتوقع خلال حديثه، أن “تكون الأيام المقبلة متوترة سياسياً، في ظل التهديدات الأمريكية للأحزاب السياسية العراقية المنتمية للمقاومة، وكذلك في تهديده لحماس وضرورة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لديها”.
من جانبه، يقول المستشار في القانون الدولي، الدكتور هادي عيسى دلول، إن “ترامب سوف يتحرك على العراق وسوريا ولبنان، أما العراق فهو سيحول الاحتلال إلى استثمار، وفي سوريا سيعمل على خلق صِدام بين السلطة الجديدة وتنظيم داعش ليدخل إليها بحجة تأمين المدنيين”.
ويضيف دلول ، “أما في لبنان، فأن ترامب سيعمل على إيصال رئيس جمهورية وتعيين رئيس وزراء يتماهون مع أمريكا”.
فيما يشرح المحلل السياسي الأردني، حازم عياد، تعامل ترامب المتوقع مع العراق وإيران بالقول إن “ترامب يريد ممارسة المزيد من الضغوط على الجانب الإيراني وتحقيق المزيد من المكاسب فيما يتعلق بالضغط الخشن الاقتصادي والدبلوماسي على إيران أو بالتهديد بالذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال ممارسة ضغوط عسكرية كما يتحدث بعض المقربين من هذه الإدارة”.
ويتابع عياد، أن “هذا التوجه بفرض المزيد من الضغوط على إيران واستخدام سياسة أكثر خشونة، يعني الضغط على الجانب العراقي، كون العراق جزءاً من الرئة التي تتنفس من خلالها إيران اقتصادياً عبر ما يسمى الاستثناءات من العقوبات الاقتصادية التي يحظى بها العراق في تعامله مع إيران فيما يتعلق باستيراد الغاز وبعض المعاملات التجارية”.
ويوضح، أن “هذه السياسة اكتسبت زخماً بعد سقوط نظام بشار الأسد نحو محاولة ممارسة المزيد من الضغوط على الساحة العراقية لإعادة تشكيل وهندسة المشهد الداخلي لما يسمح بالتضييق على إيران اقتصادياً وسياسياً وحتى للتضييق على نفوذها في الساحة العراقية”.
التعامل مع العراق مرهون بسوريا
ويضيف عياد، “لكن هذه التوجهات قد تواجه صعوبات فلا يزال المشهد في سوريا غامضاً وقد يخلق مزيداً من التعقيدات لأمريكا في العلاقة مع تركيا أو مع الحكومة الموجودة في دمشق، خاصة في ظل وجود ملف مأزوم يتعلق بقوات (قسد) ومصيرها في شمال شرق الفرات، حيث إن هذا الملف قد يتطور على نحو سلبي بما يضعف من توجهات السياسة الأمريكية لممارس الضغوطات على الجانب العراقي ويشتت من قدرة الإدارة الأمريكية على فعل ذلك”.
ويكمل حديثه “وبالتالي يفرض على الجانب الأمريكي اتخاذ سياسة فيها قدر أكبر من المرونة لدعم وجودها في الأراضي العراقية عبر قواعدها العسكرية التي تعد منطلقاً لنشاطها في سوريا، لذلك قد تحتاج الإدارة الأمريكية إلى العراق في رسم توازنات معينة مع دمشق”.
ويبين، “ورغم أن هناك قابلية لحدوث انعطافات وتحولات سريعة في السياسة الأمريكية، خصوصاً وأن ترامب يظهر مزاجاً متقلباً خاصة عندما تصل الأمور إلى حافة الحرب والاستنزاف، لكن هذا لا يعني أن ترامب لن يلجأ إلى الأساليب الخشنة في العراق بمراحل معينة، لكن هذا النهج سيبقى في حالة تقلب ما بين سوريا والساحة العراقية”.
ويؤكد عياد، أن “أي تقارب بين سوريا وتركيا وإيران سينعكس على العراق وسيعزز موقف هذه الدول في التعامل مع الجانب الأمريكي، بمعنى أن قدرة هذه الدول على التعاون فيما بينها سيضيق من هامش المناورة لإدارة ترامب، وهذا يتطلب من العراق وإيران أن يكونا مبادرين تجاه سوريا وتركيا في المرحلة المقبلة، ولعلها تكون إحدى الحلول التي تسهم في التضييق على الإدارة الأمريكية المقبلة وكبح جماح نزعتها للتصعيد تجاه العراق أو إيران”.
وخلص عياد إلى القول إن “هذا يتطلب قدراً كبيراً من الحوار بين الأطراف الإقليمية العراقية والتركية والإيرانية والسورية، وهذه الخطوة لا تزال مفقودة بشكلها الناجز الذي يمكن أن يسهم في تضييق هامش المناورة للإدارة الأمريكية المقبلة”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط