كلما تكلمنا عن حضارتنا وتأريخنا والشواهد الجميلة التي تشير إليهما تتوجه الأنظار نحو الأندلس , أي إلى إسبانيا والبرتغال , وتنطلق الأقلام والحناجر بالتغني بتلك الأمجاد , ونتناسى دور الإسبان في الحفاظ عليها , ولو كانت في ديارنا لمحقناها , كما محقنا آثار مدينة دمشق وبغداد والكوفة والبصرة وسامراء , وغيرها من حواضر الأمة التي سطعت في زمانها.
أ لم تكن سامراء منافسة لقرطبة , وجامعها الكبير الذي بُني بعد جامع قرطبة بعقود , كان من أجمل جوامع الدنيا في زمانه , لماذا تحوّل إلى ركام , وجامع قرطبة الكبير لا يزال على حاله منذ أن شرع ببنائه عبد الرحمن الداخل؟!!
ويوجد في معظم المدن الإسبانية شواهد حية عن الزمن العربي المشرق , وهي كما كانت في عصرها الزاهر , ولا تزال تحظى بالرعاية والإهتمام , فالمكتبات والمتنزهات التي شيدها العرب , وكذلك بيوت الأمراء والسلاطين , تجدها قائمة بأحيائها , وتعيش فيها الأجواء الدمشقية , فالبيوت التي بنيت في ذلك الزمن قائمة كما بنيت في حينها.
أما الجوامع الجميلة والتي تحولت إلى كنائس , فأن طرازها العمراني لا يزال قائما ويخبرك بأنها جوامع , وإن صار في داخلها ما يوحي بالكنيسة.
إن الذين يتفاخرون بالتراث العربي في بلاد الأندلس , عليهم أن يذكروا جهود الإسبان في الحفاظ عليه , ذلك الإهتمام الذي بلغ ذروته في القرن العشرين , لأنه صار قبلة للسياح من أرجاء الدنيا.
وعندما تجولتُ في مدن إسبانيا وإطلعت على الشواهد العمرانية الخالدة فيها , حضرت مدينتي التي محقنا قصورها وجوامعها , وما يشير إليها على أنها كانت عاصمة للدولة العباسية لأكثر من نصف قرن.
إن العيب فينا أجيالا بعد أجيال , والذين لا يرون ذلك , عليهم أن يواصلوا التغني بآثار أجدادنا التي حافظ عليها غيرنا , وكان بإمكانهم أن يمحقوها كما محقنا شواهدنا الحضارية في مدننا , التي كان لها دورها الرائد الأصيل.
فلماذا لا نتباهى بآثارنا في بلداننا ونصونها ونستثمرها , ونتفاخر بأمجادنا في بلاد الأندلس؟!!
د-صادق السامرائي
1\2\2021
Read our Privacy Policy by clicking here