زمننا المعاصر يكشف لنا حقائق دامغة كانت مجهولة أو مدثرة بالتضليل والإفتراء والتمويه والأكاذيب المتراكمة المتفاقمة.
فاليوم نعيش في عالمٍ لا ينستر فيه شيئ مهما إجتهد أصحابه المنتفعين منه , زمن سقطت فيه الأقنعة والباروكات الحجابات والأستار , وما عاد الواقع مبرقعا بل مجردا من الثياب والتزويقات.
والواقع العربي إنكشف على حقيقته , وتبين أن كل حركة وحزب وما شابه من صنع الآخرين , الذين يستثمرون بأبناء الأمة المغرر بهم لإقامة حزب أو حركة أو ثورة أو نظام الحكم , فلا يوجد ما هو أصيل في مجتمعات الأمة بأقطارها ودولها وأوطانها.
فما هو قائم وحاصل فيها من صنع الآخرين , وبعبارة أوضح , مستورد ومعبأ بقارورات متنوعة ومغلف بأغلفة جذابة تخدم المصالح المطلوبة والتطلعات المحسوبة.
وما الشعارات البراقة والإنتصارات العنترية والخطب الرنانة , إلا أكاذيب وخداعات لإمتهان الناس وسوقهم إلى سوح الوغى والويلات , بإرادتهم المصنعة والمبرمجة لتنفيذ الأجندات وهم في غفلتهم منطلقون.
لا يوجد حزب أصيل في مجتمعات الأمة مهما إدّعت وتبجحت وأنجزت وقالت وفعلت , فالأحزاب من صناعة الآخرين الذين يعدونهم ويدربونهم ويجهزونهم ويمولونهم ويتعهدونهم بالرعاية والحماية , وحالما ينتهي دورهم يدوسونهم بأقدامهم أو يلقونهم في سلال المهملات , بعد أن فقدوا صلاحيتهم للإستعمال.
وهذا التعري والوضوح يفسر لماذا تأخر العرب وسبقهم مَن كان وراءهم بعقود عديدة , فهم من أول الأمم التي نهضت قبل الحرب العالمية الأولى , بل أن نهضتهم إنطلقت مع ثورة محمد علي في مصر , لكنهم أمعنوا بالتراجع والتقهقر وما تواصلوا كما توجب إرادة التحقق والرقاء , وأصبحوا وراء مَن كان خلفهم , ولا يزالون يتعثرون ويتمرغون بضعفهم ويتصارعون فيما بينهم , ولا يمكن تفسير ذلك بقناعة وسببية منطقية معقولة إلا لأنهم ينفذون أجندات الطامعين بهم.
ولا يوجد تفسير آخر مهما إجتهد أصحابه أن يأتي بجواب مقنع , فلكل علة دواء تستطب به , ولكن الطبيب عليل فكيف يمكن التطبيب.
نعم إن العلة في المحقونين بأمصال التعادي والعمل ضد بعصهم البعض , فهم يكشرون أنيابهم وينشبون مخالبهم في وجوه بعضهم , ويتشكون ويولولون ويتبجحون , وهم الفاعل والمفعول به وكأنهم يظنون!!
د-صادق السامرائي
1\9\2017
Read our Privacy Policy by clicking here