تشبيهات المترجم والترجمة
ترجمة ا. د. كاظم خلف العلي
استاذ اللسانيات والترجمة- كلية الآداب- جامعة البصرة
من كتابنا “مقالات الترجمة / ج”4، 2025 ، جمعية المترجمين العراقيين ومؤسسة ابجد للترجمة والنشر
هناك تشبيهات عديدة للمترجم وللترجمة قام بتقديمها عدد من المهتمين بالترجمة عبر الأزمان المختلفة، وفائدة مثل هذه التشبيهات أنها تقرب وتوضح طبيعة عمل المترجم وشخصيته وطبيعة العملية الترجمية ومنها التشبيهات الآتية:
1. يمكن اعتبار ترجمة عمل أدبي أشبه بما يفعله البستاني عندما يأخذ نباتا نادرا من بيئته الطبيعية ويعيده إلى الحياة ويجعله ينمو ويزهر في بيئة أجنبية… . . (أنا بستاني متحمس، كما لو خمنتم)- جون بالكورن
2- ان الترجمة بين اللغات البعيدة عن بعضها الآخر مثل اليابانية والإنگليزية غالبا ما تكون أقل من كونها مسألة تتعلق بتصفية الفروق الدقيقة وصبها من قالب إلى آخر بقدر ما تكون إعادة تشكيل الوعاء بأكمله، خاصة عندما يبحث الناشر عن مادة هلامية أكثر قبولا- ألفريد بيرنباوم
3. الكلمة المنطوقة هي فئة مهمة في ثقافتنا ومعظم الناس لا يحتاجون إلى استعارة حتى يقدروها. . . إنه أمر غريب- أليس كذلك؟ كيف نواجه أحيانا صعوبة في تقدير المهارة المطلوبة لجلب الكلمات من لغة ما إلى الحياة في لغة أخرى- ونحتاج إلى استعارة لمساعدتنا على القيام بذلك- عندما نكون متحمسين للغاية بشأن مهارة إحياء الكلمات المكتوبة من خلال قراءتها بصوت عالٍ- استير ألين
4. أجد قاعة المرايا بمثابة استعارة مناسبة للترجمة نفسها أيضا. في كل مثال لجلب المعنى من سياق لغوي إلى آخر يجد المترجم نفسه يعكس النص الأصلي ومنعكسا فيه وبطبيعة الحال، في الترجمة- آرون آجي
5. الترجمة هي عملية مصافحة. وهي تحدث دائما بين المترجم والمؤلف الأصلي. . . من خلال المصافحة فإنك تتواصل معهم (الآخرين- كاظم خلف العلي) وتطلب أيضا ثقتهم- روس بنيامين
6. قد أستخدم استعارة نقل مجموعة من الأشخاص عبر النهر، على نحو آمن وسليم، بالشكل الذي يجب أن يبدأوا به رحلتهم، بما في ذلك جمالهم، بدون تغييرات أو زخارف. هذه الاستعارة تجعل النهر، ومعه السرعة واللون والتيارات السفلية وما إلى ذلك، يلعب دوره. ما أعنيه بهذا هو التيارات الثقافية والاجتماعية والسياسية وما إلى ذلك التي قد يعرفها المتحدث الأصلي للغة المصدر بينما قد لا يعرفها (المتحدث) غير الأصلي. وربما يكون هذا هو ما ضاع في الترجمة- دانوتا بورشاردت
7. أمارس محاكاة كوينتيليان، متأقلماً مع ظروفي وقدراتي المحدودة. الترجمة هي تعاون بين الكاتب الأصلي والمترجم الذي يعيد الكتابة؛ المحاكاة، تشير إلى خطوة أولى نحو التعايش السلمي- رونالد كرايست
8- كثيرا ما يفكر المرء في حرفة الترجمة من حيث قيام ممثل بترجمة دور ما، أو ربما موسيقي يؤدي مقطوعة موسيقية؛ ومع ذلك، يسعى المترجم عادةً إلى إدخال أقل قدر ممكن من شخصيته أو شخصيتها في الترجمة. وبهذا المعنى فإنني أرى الترجمة أقرب إلى المحاكاة، أي إعطاء انطباع جيد قدر الإمكان عن العمل الأصلي بلغة مختلفة- بيتر قسطنطين
9- تبدو عملية الترجمة وكأنها لعبة شطرنج تلاعب فيها خصما أكثر موهبة، والذي يقوم بحركة غامضة على ما يبدو مع الرخ. ربما تُترك قطعة دون حراسة نتيجة لذلك، وربما يبدو الوضع أكثر حرجا، وأنا أحدق وأحدق في اللوحة، محاولا تخمين النقلة التالية. لماذا هذا الانبطاح؟ لماذا لم تستجب الشخصية للضوء الوامض؟ لماذا نضع كلمة “أطقم الأسنان” في منتصف الجملة بدلا من نهايتها؟ شون كوتر
10- لدي صورة غير مكتملة في ذهني بوصفي مترجما يقود أوركسترا من الكلمات، ويحاول تقديم الموسيقى من القصيدة الأصلية بتفسير فريد وثاقب- مينغ دي
11- أشعر في أغلب الأحيان وكأنني قناة. . . هناك مدخل (قصيدة عربية مثلا)، وهناك مخرج (قصيدة إنكليزية)، وأنا الفضاء الذي يحدث فيه التحول من واحد إلى آخر- كريم جيمس أبوزيد
12- الاستعارة التي أهتم بها الآن هي إحدى الخرائط. وكما لاحظ العديد من الكتاب (خورخي لويس بورخيس، وأمبرتو إيكو، ودونج كاي تشيونج)، فإن رسم خريطة بمقياس رسم واحد لواحد سيكون مستحيلاً. أحب أن أفكر في هذه الخريطة الخيالية على أنها تشبه ترجمة مثالية. إن مثل هذه الخريطة، بنفس حجم ما تمثله تماما، لا فائدة منها على الإطلاق، تماما كما أن الترجمة المثالية- الإسقاط الطوباوي- لن تكون مثيرة للاهتمام مثل الترجمات التي ننتجها باستراتيجياتها وتسوياتها- الن الياس برساك
13- الاستعارات هي أشياء صعبة. كثيرا ما يتحدث الناس عن الترجمة باعتبارها عملية تنطوي بالضرورة على الخسارة. وهذه أيضا استعارة- أصبحت منتشرة ومهيمنة على نطاق واسع لدرجة أن الناس يميلون إلى التعامل معها على أنها حقيقة حرفية بدلا من كونها وصفا استعاريا. لا يمكنك التحدث عن الترجمة بوصفها خسارة إلا إذا كنت تعتبرها عملية نقل transfer أو انتقال/ارسال transmission ، وهو ما لا أفعله. . . إذا كانت الترجمة نقلا، فكل ما يمكنك فعله هو الخسارة- كارن ايميرش
14- اعتقد أن المترجم شبح ينتمي إلى عالمين، ولغتين، وثقافتين، لكنه لا ينتمي بالكامل إلى أي منهما- وهو شخصية يوضح وجودها نفسه أن هذا العالم وذلك العالم ليسا منفصلين، ولكنهما يتعايشان في المكان نفسه والوقت نفسه- مايكل ايميرش
15- ما زلت مفتونا بالاستعارة التي استشهد بها غريغوري راباسا في كتابه “إذا كانت هذه خيانة: الترجمة وسخطها”. يصور راباسا نفسه على أنه السيد هايد بالنسبة للمؤلف الدكتور جيكل، ويأمل أن تكون النتيجة أكثر سعادة مما كانت عليه بالنسبة لبطل ستيفنسون! شيلي فريش
16- أنا موسيقي (مغني) لذا كثيرا ما أفكر في النص الأصلي باعتباره نوتة موسيقية، وعمل المترجم باعتباره تمرينا تفسيريا. . . يتطلب قدرا متساويا من المعرفة والتقنية العميقتين جنبا إلى جنب مع الغريزة والحرية والبصمة المميزة للمؤدي- امايا جابانتكسو
17- يبدو لي دائما أنني أتصور عملية الترجمة وأناقشها باعتبارها عملية سمعية في الأساس، باعتبارها شيئا متاحا على الفور لأشخاص آخرين، بدلا من كونها عملية صامتة ومنعزلة. أفكر في صوت المؤلف وصوت النص، ثم في واجبي بأن أسمع كليهما بوضوح وعمق قدر الإمكان، وأخيرا في حاجتي الملحة بالقدر نفسه إلى التحدث بالمقالة بلغة ثانية. هذه الممارسة ليست مجازية بحتة وخاصة في ترجمة الشعر،. . . وفي حالتي، يميل العمل إلى أن يتم بصوت عالٍ- اديث غروسمان
18- لقد أعجبت كثيرا مؤخرا بفكرة الترجمة باعتبارها أنقى أشكال الكتابة: لا يوجد نمط آخر للكتابة يركز حصريا على اللغة مثل الترجمة. تعجبني هذه الفكرة لأنها استفزازية، ويبدو أنها حقيقية- جيسون غرنبوم
19- إن الشيء الذي أشعر أنه أفضل ما يجسد أهدافي في الترجمة هو الأداء. في المراحل الأولى من العمل على الترجمة، أجد أنني أبحث عن “صوت” المؤلف أو الراوي مثلما يبحث الممثل عن شخصية بداخله، عن الإيماءات والدعائم والأشياء الصحيحة. بالطبع الصوت بحد ذاته سيشكل كلا متكاملا على خشبة المسرح- بيل جونستون
20- المترجمون مثل شخصيات النينجا، المرة الوحيدة التي تلاحظهم فيها هي عندما لا يكونون جيدين- اتغار كيريت
21- مثل كثيرين آخرين، قمت بتجربة العديد من الاستعارات لوصف ماهية الترجمة. ومثل هؤلاء الآخرين، وجدت أن معظمهم يريدون ذلك. يتبادر إلى الذهن نموذج الطرس لأن الطرس يتضمن “الكتابة الزائدة” أو، بشكل أكثر دقة، “الكتابة فوق”، بالإضافة إلى فكرة الوصول إلى النص من خلال الطبقة المتداخلة من نص آخر، ولكنه يتضمن أيضا تدمير النص الأصل، وهو بالتأكيد ليس ما شرعنا في القيام به! اندريا جي لابنغر
22- الترجمة فن غريب. يترجم المرء من منطلق الإيمان وحب اللغة، ثم يدرك أن الفجوات بين اللغتين سوف تنكشف في كل مرة- كريس لي
23- أنا أنجذب إلى استعارات مختلفة وفقا للكتاب الذي أترجمه في أي لحظة. الأمر الذي يناسبني أكثر الآن هو أن الترجمة تشبه نسخ رسم ما بلوحة ألوان مختلفة. غالبا ما يمكن إعادة إنتاج العناصر الهيكلية للنص بسهولة نسبية، ولكن التقاط التناغمات والاشتباكات بين الظلال والنغمات والأشكال الدقيقة هو الجزء الصعب- تيس لويس
24- لاحظت الراحلة هيلين لين ذات مرة أنه “يمكن عمل حالة لعملية الترجمة باعتبارها واحدة من الاستعارات العظيمة”. ويمكن أن يكون تعليقها بمثابة تصحيح: إن البحث عن استعارة مناسبة للترجمة هو بمثابة البحث عن استعارة للاستعارة من أجل مسعى مبهج في كثير من الأحيان ولكن أيضا فوضوي دائما وغير كامل. ما زلت أبحث عن مصطلح أو مصطلحات قادرة على احتضان الطبيعة التقريبية الحتمية لجميع الاتصالات اللفظية دون أي إشارة إلى الرثاء- كارول مير
25- المفضل لدي هو قيادة الموسيقى- أنت تملك النوتة الموسيقية، ولكن ما ينتهي به الأمر إلى عزف الموسيقيين هو تفسيرك للنوتة. ولا أحد ينتقد قائد الأوركسترا لإجراء تعديلات على الإيقاع والوتيرة والصياغة باعتبارها “غير دقيقة”– مجرد “تفسيرية”- اريكا مينا
26- لطالما أحببت الاستعارة التي تشير إلى العلاقة بين الممارسة والنظرية والتي تكون فيها الترجمة مثل ركوب الدراجة دون أن تفهم بالضرورة الفيزياء التي تقف وراء تقدمك. سيكون من الممتع التوصل إلى استعارة جديدة: الترجمة، على سبيل المثال، مثل الاستحمام ونسيان تجفيف نفسك، لكن سيكون من الصعب جعل هذه الترجمة قابلة للخدمة – بريون ميتشل
27- كنت أنجذب نحو نسخة ما من عريس حاييم نحمان بياليك وهو يقبل العروس من خلال الحجاب- المترجمون والنصوص المترجمة مثل عشاق يمرون بأوقات سعيدة، وأوقات عصيبة، وتشابكات؛ العشاق الذين قد يكونون ملتزمين، متقلبين، أنانيين ومستسلمين في اختلاطهم- ميهايلا موسكاليوك
28- تعجبني فكرة أن مهمتنا هي توجيه مؤلفنا. ادخل إلى رأسه أو رأسها. يحملك هذا المثل الأعلى بعيدا جدا عن أي التزام صارم بحرف اللغة المصدر، إذا جاز التعبير. . . إن توجيه المؤلف يعني عكس خصوصيات المؤلف بشكل كامل- دونالد نيكلسون سمث
29- أعتقد أن هذه العبارات غالبا ما تنقل الكثير عن المجتمع أو الفترة الزمنية التي كتبت فيها. لقد شبه المترجمون بالخونة والأشباح، من بين أمور أخرى، ولكن في عملي، أشعر وكأنني كاتب غير مطالب بإنتاج مواد أصلية- اليسون ماركين باول
30- تشبه الترجمة إلى حد كبير عملية إعادة إنتاج الطباعة: لديك نسخة أصلية، ومهمتك هي إعادة إنتاجها بأفضل ما يمكنك في وسيلة أخرى تأتي مع قيودها الخاصة. قام هندريك غولتزيوس بتفسير المجلدات المنحوتة لفارنيز هرقل باستخدام خطوط سوداء فقط على ورق أبيض مسطح، لذلك يُظهر كلا العملين، من ناحية، التحفة الفنية نفسها، ومن ناحية أخرى، فإنهما مختلفتان تماما، وقطعتان غير مرتبطتين تقنيا- التا ال. برايس
31- أقدم [للطلبة] عددا كبيرا من الاستعارات الشهيرة حول عملية الترجمة، بدءا من مقولة روبرت فروست الشهيرة “الشعر هو ما يضيع في الترجمة”. ثم أطلب منهم تطوير فهمهم الأصلي للترجمة من خلال اختراع استعارة موسعة خاصة بهم- روجر سيدارات
32- عندما نترجم، فإن اداءنا هو قراءتنا/كتابتنا ومنصتنا هي الصفحة. . . هل يمكن أن يكون هناك أداء نهائي لهاملت أو ترجمة نهائية لريلكه؟ لا أعتقد ذلك، فكم سنكون أكثر فقراً لو أمكن افتراض ذلك أو فرضه بطريقة مما- كاثرن سيلفر
33- انني أميل إلى الاستعارة التي كشفت عنها فاليري هينيتوك في مختارات مبكرة من الأدب الياباني حيث تقارن الترجمة بـ “الضغط على قنديل البحر”. . . إنه يعبر بالنسبة لي عن صعوبة التوصل إلى فهم للمعنى بعيد المنال في النص المصدر- وهو المعنى الذي يميل إلى الافلات كلما حاولت فهمه- والشعور بأن الترجمة يمكن أن تكون في كثير من الأحيان عملية “تدليك” للغة لإرخائها وجعلها أكثر مرونة- ستيفن سنايدر
34- لقد كنت أفكر في الترجمة بوصفها نوعا من التبني، كما هو الحال عندما يتبنى المرء طفلة ما. انت تأخذها من بيئتها المنزلية، وتحبها وتعتني بها، وتعلمها ما تعرفه، وبعد ذلك، عندما تكبر بما يكفي، وتأمل أن تكون قد تعلمت منك ما يكفي لتعيش بمفردها، فإنك تقدمها للعالم. ونأمل أن تتمكن من الازدهار- رسل فالنتينو
35- ان الاستعارة التي أستخدمها دائما سرقتها من ديفيد ماركسون: “ذات مرة، طلب شخص ما من روبرت شومان أن يشرح له معنى مقطوعة موسيقية معينة كان قد عزفها للتو على البيانو”. وما فعله روبرت شومان هو الجلوس على البيانو وعزف المقطوعة الموسيقية مرة أخرى”. هذا هو ما تمثله الترجمة بالنسبة لي. لا أحتاج إلى شرح معنى العمل، كل ما أحتاجه هو الجلوس وتشغيله مرة أخرى باللغة الإنگليزية – اليسون ووترز
36- تصبح ترجمتي إعادة خلق تعكس الأصل، تماما كما يمكن للبحر أن يعكس السماء بنجومه المتحركة، وسحبه المتنقلة، وحمل القمر، وطيوره المهاجرة – ولكن في النهاية البحر ليس السماء- شوله ولبي
عن موقع : Words without Borders
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط