الدكتور فاضل حسن شريف
هذه الحلقات هدية الى روح السيدة فيروز صادق فيلي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته زوجــــة السيد أنور عبد الرحمن رئيس تحرير صحيفة صوت العراق.
جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن إحسان الوصية عند الموت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في وصيته لأمير المؤمنين عليه السلام: “يا علي، مَن لم يُحسن وصيَّته عندَ موته كان نقصاً في مروءَته، ولم يملِك الشفاعة”. كيفية إحسان الوصية: حُسن الوصيّة هو إتيانها بحدودها وشروطها ومستحبّاتها كاملة مع حسن التدبير فيما خلّف، وعدم الإضرار بالورثة والعهد إلى الله. فإن لم يأت الإنسان بالوصيّة أو أوصى بخلاف المشروع أو وصّى بما لا ينفعه أو لم يوصّ بخير في ثلثه أو لم يوصّ بإنفاذ وأداء ما إشتغلت به ذمّته، أو لم يوصّ بشيء لذوي قرابته ممّن لا يرثه لم يحسن الوصيّة. فاللازم أن يوصي ويحسن ويجعل أحد المؤمنين الثقات وصيّاً له بل الأولى أن يجعل وصيّه ثقتين أو يجعل أحدهما وصيّاً والآخر ناظراً على تنفيذ الوصيّة، بل يجب إن أمكن أن يفرغ من ديونه قبل أن يموت لتحصل له البراءة اليقينيّة كما أفاده والد المجلسي رضي الله عنه. ما معنى المروءة التي تنقص بعدم إحسان الوصية؟ المروءة بالهمزة وقد تشدّد ويقال: مروّة فُسّرت في كلام الإمام المجتبى عليه السلام بأنّها، شُحّ الرجل على دينه وإصلاحه ماله وقيامه بالحقوق. هذا في الحديث، وامّا في اللغة( فالمستفاد منها أنّ المروءة من الآداب النفسية التي تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات وقد تتحقّق بمجانبة ما يؤذن بخسِّة النفس. وفُسّرت أيضاً بأنّها تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله كما قاله الشهيد الأوّل (رض). لماذا المخل بالوصية لا يملك الشفاعة؟ الذي لا يحسن الوصية لا يستحقّ أن يشفع لأحد أو أن يشفع له أحد لتفريطه في الإحسان إلى نفسه حيث لم يوص بعمل خير في ثلثه كما في حاشية المولى التفرشي على الفقيه المسمّاة بالتعليقة السجّادية. وهذا البيان منه صلى الله عليه وآله يكذّب قول مَن ادّعى أنّه صلوات الله عليه وآله مات ولم يوصّ إلى أحد وترك الأمر للاُمّة حتّى تختار خليفتها وحاشاه أن يترك الأمر سُدى أو يفعل ما عنه نَهى.
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن عرشه: قوله عز وعلا “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ” ﴿هود 7﴾ عَرْشُهُ: عَرْشُ اسم، هُۥ ضمير. وَ كانَ عَرْشُهُ على الماءِ: لم يكن قد خلق شيئاً من المخلوقات. وهو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن في ستة أيام، وكان عرشه على الماء قبل ذلك، ليختبركم أيكم أحسن له طاعةً وعملا وهو ما كان خالصًا لله موافقًا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولئن قلت أيها الرسول لهؤلاء المشركين من قومك: إنكم مبعوثون أحياءً بعد موتكم، لسارعوا إلى التكذيب وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا إلا سحر بيِّن.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ” (هود 7) هذا إخبار منه سبحانه عن نفسه بأنه أنشأهما في هذا المقدار من الزمان مع قدرته على أن يخلقهما في مقدار لمح البصر والوجه في ذلك أنه سبحانه أراد أن يبين بذلك أن الأمور جارية في التدبير على منهاج الحكمة منشأة على ترتيب لما في ذلك من المصلحة والمراد بقوله “ستة أيام” ما مقداره مقدار ستة أيام لأنه لم يكن هناك أيام بعد فإن اليوم عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها “وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ” (هود 7) في هذا دلالة على أن العرش والماء كانا موجودين قبل خلق السموات والأرض وكان الماء قائما بقدرة الله تعالى على غير موضع قرار بل كان الله يمسكه بكمال قدرته وفي ذلك أعظم الاعتبار لأهل الإنكار وقيل إن المراد بقوله “عرشه” بناؤه يدل عليه قوله ومما يعرشون أي يبنون والمعنى وكان بناؤه على الماء فإن البناء على الماء أبدع وأعجب عن أبي مسلم. “لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا” معناه:أنه خلق الخلق ودبر الأمور ليظهر إحسان المحسن فإنه الغرض في ذلك أي: ليعاملكم معاملة المبتلي المختبر لئلا يتوهم أنه سبحانه يجازي العباد على حسب ما في معلومه أنه يكون منهم قبل أن يفعلوه وفي قوله “أحسن عملا” دلالة على أنه قد يكون فعل حسن أحسن من حسن آخر لأن حقيقة لفظة أفعل يقتضي ذلك “ولئن قلت” يا محمد لهم “إنكم مبعوثون من بعد الموت” للحساب والجزاء “لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ” (هود 7) أي: ليس هذا القول إلا تمويه ظاهر لا حقيقة له ومن قرأ ساحر فالمراد ليس هذا يعنون النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلا ساحر قال الجبائي وفي الآية دلالة على أنه كان قبل خلق السماوات والأرض الملائكة لأن خلق العرش على الماء لا وجه لحسنه إلا أن يكون فيه لطف لمكلف يمكنه الاستدلال به فلا بد إذا من حي مكلف وقال علي بن عيسى لا يمتنع أن يكون في الأخبار بذلك مصلحة للمكلفين فلا يجب ما قاله الجبائي وهو الذي اختاره المرتضى قدس الله روحه. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: المراد بعرش اللَّه ملكه واستيلاؤه، والماء معروف، وتدل الآية على أن الماء كان موجودا قبل خلق السماوات والأرض، أما من أين جاء؟ وهل كان قائما على قرار؟ فلا نص على شيء من ذلك في آية، أو رواية متواترة، والعقل وحده لا يملك العلم به، لذا نترك البحث عنه، وكل ما قرأنا في هذا الباب لا يعدو الحدس والتخمين، أما المادة الأولى التي وجد منها الكون فلا تفسير لها عندنا إلا قوله تعالى: كوني فكانت، ومن أنكر هذا علينا تلونا قوله سبحانه: “لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ” (الكافرون 6). “لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا” (هود 7) أي ان اللَّه أودع فينا وفي الأرض ما أودع من الطاقات ليميز بين الذين يعيشون بكدّ اليمين، والذين يعيشون على حساب المستضعفين، فيعاقب هؤلاء على عصيانهم ويثيب أولئك على طاعتهم. هذه الآيات كغيرها من الآيات الكثيرة التي أخبرت عن المكذبين بالبعث، مع فارق واحد، وهو الإخبار عنهم هنا بأنهم شبهوا الحديث عن البعث بالسحر في التمويه على الناس وخداعهم، لينقادوا إلى طاعة النبي، ويضمن لنفسه الرئاسة عليهم.
جاء في ملتقى أهل التفسير عن المياه في القرآن الكريم للكاتب محمد كالو: الماء أصل الحياة، ومادة كل خلق، وهو أول المخلوقات بدليل قوله تعالى: “وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين” (هود 7). قال الإمام القرطبي في تفسيره: “وكان عرشه على الماء” (هود 7): بين أن خلق العرش والماء قبل خلق الأرض والسماء. فلا عجب إذن، أن يضع الله تعالى في هذا المخلوق المبارك أسراراً تميزه عن باقي المخلوقات، فقد جعله الله تعالى أساس تكوين الخلية، وقد أثبت علم الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعلات و التحولات التي تتم داخل أجسام الكائنات الحية وبضمنها الإنسان، فإن أكثر من 70 % من وزنه ماء، وقد يوجد بين الأحياء كائنات تحيا دون هواء، ولكن ليس بين الكائنات الحية (حيوانية ونباتية، و أحياء مجهرية دقيقة) كائن واحد يستطيع العيش دون ماء، والماء ضروري لقيام كل عضو من الأعضاء بوظائفه التي بدونها لا تتوفر له مظاهر الحياة ومقوماتها، قال الله تعالى: “والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير” (النور 45). والماء أصل الإنسان ومنه خلق، قال الله تعالى: “فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب” (الطارق 5). والماء أصل النبات أيضاً، قال الله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ. يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون” (النحل 10). والماء هو المادة الرئيسة في أصل كل شيء، وفي صنع كل شيء، قال الله تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون” (الانبياء 30).
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: وله تعالى “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ” (هود 7) الكلام المستوفى في توصيف خلق السماوات والأرض على ما يظهر من كلامه تعالى ويفسره ما ورد في ذلك عن أهل العصمة عليهم السلام. وإجمال القول الذي يظهر به معنى قوله: “ستة أيام” وقوله: “وكان عرشه على الماء” هو أن الظاهر أن ما يذكره تعالى من السماوات بلفظ الجمع ويقارنها بالأرض ويصف خلقها في ستة أيام طبقات من الخلق الجسماني المشهود تعلو أرضنا فكل ما علاك وأظلك فهو سماء على ما قيل والعلو والسفل من المعاني الإضافية. فهي طبقات من الخلق الجسماني المشهود تعلو أرضنا وتحيط بها فإن الأرض كروية الشكل على ما يفيده قوله تعالى: “يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا” (الاعراف 54).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط