الحرية، ماهي ؟ أهي فكر ام حقوق ؟

الحرية، ماهي ؟ أهي فكر ام حقوق ؟ * د. رضا العطار

ليست الحريات حقوقا وانما هي افكار اولا نتشربها ونجد ضرورتها فنمارسها ثم نحميها من المستبدين اعداء الانسان. وفي النهاية نحس انها حقوق.

فليست حرية الصحافة مثلا شيئا عند الفلاحين الذين لم يقرأوا الصحيفة. ذلك لأنهم لم يتشرّبوا فكرتها. ولكنها شئ عظيم جدا عند المفكر والصحفي والمؤلف وكل انسان قارئ يعرف قيمة الخبر الصحيح والرأي السديد.

وكذلك حرية العلم ليست شيئا عند الذين لم يدرسوا العلوم ولم يعرفوا قيمتها في الارتقاء البشري. ولذلك لا تجد هذه الحرية من يطالب بها سوى عدد صغير من المعلمين حتى في الامم الراقية.

وحرية الاجتماع وحرية الصحافة بل حرية الزواج اي اختيار الزوج او الزوجة هذه الحريات تحتاج الى وعي بالفكرة. ولهذا السبب لن نستطيع اقناع بعض الأباء في الريف بان للفتاة الحق في ان تقول: لا، لمن يريد ان يخطبها، لو كانت هي لا تريده. ولكن هذا الحق مقدس بل هو حق بديهي مسلم به عند جميع الأباء في الامم المتقدمة. لان هؤلاء الاباء متمدنون مثقفون.

الحرية او بالاحرى الحريات تحتاج الى ان نكون متعلمين حتى نعرف قيمتها وحتى نمارسها ثم ندافع عنها. ولكن ليس معنى هذا ان ننتظر حتى يتعلم جميع الناس ثم نمنحها لهم. لا — اذ هي حق مشاع للجميع. وان كنا نعرف انه ليس بين هؤلاء الجميع سوى عدد صغير قد تشرّب الفكرة واحسّ انها حق.

عندما كان الزنوج عبيدا يشترون بدراهم قليلة لم يكونوا يحسون ان لهم الحق في الحرية لانهم لم يكونوا قد تشرّبوا هذه الفكرة. ولذلك كانوا يستسلمون للرق.

وهكذا الشأن في كثير من الحريات التي يستمتع بها المتمدنون. فانهم جعلوها حقوقا بعد ان كانت افكارا تشربوا معانيها ودلالاتها، ثم صاروا يدافعون عنها.

ولذلك عندما نجد في بلادنا من ينكرون على المرأة حرية العمل الحر او حرية الاختيار للزوج او حرية الاختيار لأسلوب العيش، ثق ان هؤلاء المنكرين لم يستوعبوا هذه الافكار بعد، لانهم امضوا اعمارهم في جهل عميق بعيد عن الحياة العصرية. ولذلك يجب ان نعذرهم على تخلفهم ونعلمهم طريق الصواب.

* من كتاب مشاعل الطريق للشباب لعلامة لسلامه موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here