الدكتور فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” ﴿القيامة 40﴾ الْمَوْتَى: الْ اداة تعريف، مَوْتَى اسم. يُحْيِيَ المَوْتَى: يعيدهم أحياء. أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ المَوْتى: من قرأها فليقل: بلى. أيظنُّ هذا الإنسان المنكر للبعث أن يُترك هَمَلا لا يُؤمر ولا يُنْهى، ولا يحاسب ولا يعاقب؟ ألم يك هذا الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين يراق ويصب في الأرحام، ثم صار قطعة من دم جامد، فخلقه الله بقدرته وسوَّى صورته في أحسن تقويم؟ فجعل من هذا الإنسان الصنفين: الذكر والأنثى، أليس ذلك الإله الخالق لهذه الأشياء بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم؟ بلى إنه – سبحانه وتعالى- لقادر على ذلك. وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” (القيامة 40) “أَليس ذلك” الفعَّال لهذه الأشياء “بقادر على أن يحيي الموتى” قال صلى الله عليه وسلم: بلى.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” ﴿القيامة 40﴾ “أ ليس ذلك” الذي فعل هذا “بقادر على أن يحيي الموتى” هذا تقرير لهم على أن من قدر على الابتداء قدر على البعث والإحياء فإن من قدر على جعل النطفة علقة والعلقة مضغة إلى أن يجعلها حيا سليما مركبا فيه الحواس الخمس والأعضاء الشريفة التي يصلح كل منها لما لا يصلح له الآخر وخلق الزوجين الذكر والأنثى الذين يصح بهما التناسل فإنه يقدر على إعادته بعد الموت إلى ما كان عليه من كونه حيا وجاء في الحديث عن البراء بن عازب قال لما نزلت هذه الآية “أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى” قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم (سبحانك اللهم وبلى) وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام وفي الآية دلالة على صحة القياس العقلي فإنه سبحانه اعتبر النشأة الثانية بالنشأة الأولى .
وعن البرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم الحسيني البحراني: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” ﴿القيامة 40﴾ الطبرسي: عن البراء بن عازب، قال: لما نزلت هذه الآية ” أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ “، قال رسول الله صلى الله عليه و آله) (سبحانك اللهم و بلى). قال: و هو المروي، عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” ﴿القيامة 40﴾ حتجاج على البعث الذي ينكرونه استبعادا له بعموم القدرة وثبوتها على الخلق الابتدائي والإعادة لا تزيد على الابتداء مئونة بل هي أهون، وقد تقدم الكلام في تقريب هذه الحجة في تفسير الآيات المتعرضة لها مرارا. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” ﴿القيامة 40﴾ “أَلَيْسَ ذلِكَ” الإله الذي جعل من الماء المهين إنسانا عجيبا في صورته وعقله ومواهبه، وأخرج منه الذكور والإناث “بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى” بلى انه على كل شيء قدير. وما من شيء في الوجود إلا وهو ينطق بقدرته ويسبح بحمده، وليس خلق الإنسان بشيء إذا قيس بخلق الكون: “لَخَلْقُ السَّماواتِ والأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ” (غافر 57). تقدم مثله في العديد من الآيات، منها الآية 5 من سورة الحج ج 5 ص 310.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تبارك وتعالى “أَلَيْسَ ذَٰلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ” ﴿القيامة 40﴾ أليس من يخلق النطفة الصغيرة القذرة في ظلمة رحم الأم ويجعله خلقاً جديداً كلّ يوم، ويلبسهُ من الحياة لباساً جديداً ويهبهُ شكلاً مستحدثاً ليكون بعد ذلك إنساناً كاملاً ذكراً أو أُنثى ثم يولد من اُمّه، بقادر على إعادته: “أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى”؟ وهذا البيان في الواقع هو لمن ينكر المعاد الجسماني ويعدهُ محالاً، وينفي العودة إلى الحياة بعد الموت والدفن، ولإثبات ذلك أخذ القرآن بيد الإنسان ليرجعه إلى التفكر ببداية خلقه، والمراحل العجيبة للجنين ليريه تطورات هذه المراحل، وليعلم أنَّ الله قادر على كلِّ شيء، وبعبارة أُخرى إن أفضل دليل لحدوث الشيء هو وقوعه.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط