إذا أردت بناء بلدك فأغلق أبواب الفتن ونوافذها واسترح !

أحمد الحاج جود الخير

من الأمثال السورية الشعبية الجميلة ذات الشاهد والمغزى قولهم”ابن الأصل لو طعيمتوا خبز حاف بيصون،وقليل الأصل لو طعيمتوا لحم كتاف بيخون”ولا ريب بأن استضافتك معززا ومكرما لتحل أهلا ،وتنزل سهلا في بلد شعاره هو ” يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل”لهو خير من كل العزائم والولائم ولا أقل من رد الجميل باحترام خصوصيات هذا البلد،والإلتزام بقوانينه ،وشكره على كرم الضيافة وحسن الوفادة والاستقبال،وذلك بدلا من كيل الاتهامات المتواصلة جزافا هكذا على عواهنها وعلى مدار الساعة ضد الادارة السورية المؤقتة ولما نتعرف عليها مليا بعد – وهي لا ابنة عمي،ولا ابنة خالتي،ولا من بقية عائلتي ،ولا عشيرتي ،ولا حتى من مدرستي الفكرية – لأدافع أو أتحدث بالنيابة عنها،وإنما أقول كل ما تقرأون لإنصاف الحقيقة،وحبا بالشعب السوري المظلوم وقد كلفته الحرب الأهلية بين عامي 2011 – 2024 وبحسب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، ما لا يقل عن 306887 ألف قتيل،وبما يعادل نحو 1.5 % من إجمالي السكان ،اضافة الى نزوح وتهجير وتشريد أكثر من 12 مليونا ،بواقع 6.900 ملايين نازح في الداخل، وخمسة ملايين ونصف المليون لاجئ في الخارج، يعيش الملايين منهم داخل 1293 مخيما عيشة الغرباء والبؤساء ،علاوة على أكثر من 112 ألف مفقود ومختف قسريًا لم يعرف مصيرها حتى كتابة السطور .

أقول ما أقوله بعد جدل محتدم ومنذ أسابيع ولاسيما في العراق والامارات ومصر وايران ولبنان ،سيتكرر ويتجدد لا محالة في القريب العاجل في معرض ردود الأفعال العاطفية المتباينة حول تصرفات ومواقف مشابهة لأناس غرباء يسافرون الى سوريا قادمين من دول عدة وهم يحملون جنسيات شتى وبعناوين ومسميات مختلفة “هذا بصفة سائح ، وذاك بلوغر،وهذا يوتيوبر ،وذاك فلوغر أو ناشط في حقوق الانسان أو صحفي أو معارض سياسي أو زائر أو تاجر وهلم جرا “وكلهم يأتي الى هذا البلد الجريح الذي خرج للتو من حرب أهلية ضروس طاحنة استمرت 13 عاماانتهت بالتخلص من سطوة نظام حزبي عائلي طائفي شمولي بغيض ، ليثير بعضهم من الفتن والقلاقل ما لا تحمد عقباه في الداخل والخارج ،بعضهم يفعلها سذاجة أو غباء،وبعضهم يقوم بها مكرا ودهاء ،وبما أثار حفيظة إعلام حكومات وشعوب بالتناوب، وبالتالي فلن أستبعد مطلقا وعلى منوال مقاطع الفيديو التي أثارت دجلا وجدلا واسعا ،من احتمال بث فيديوهات مماثلة في غضون الأسابيع والشهور القليلة المقبلة لتثير ما أثاره فيديو المنصور المصري، الذي أقام الإعلام الرسمي المصري ولم يقعده، في وقت كانت فيه المعارضة المصرية المقيمة في الخارج تهلل وتبارك للشرع ولإدارته الجديدة وتكيل لهما المدائح وبما أوصلهم الى مرتبة الاولياء والصالحين ،قبل أن تحتجز الإدارة السورية الجديدة هذا المنصوري الذي توعد باسقاط نظام السيسي بثورة مماثلة للثورة السورية تقودها حركته التي أسسها بنفسه وأطلق عليها اسم “حركة 25 يناير”،لتنقلب المعادلة بين عشية وضحاها رأسا على عقب فأصبح إعلام النظام المصري هو الذي يبارك ويهلل ويطبل ويزمر هذه المرة، بينما يشن إعلام المعارضة المصرية هجوما كاسحا على احمد الشرع ،وادارته المؤقتة متهمين إياهما بالخيانة ونقض العهود والتخاذل،ولا أدري عن أية غدر وخيانة يتحدثون والادارة السورية لم تسلم أحمد المنصور ،الى السلطات المصرية مكتفية باحتجازه فحسب ، وذلك على النقيض تماما مما قامت به حكومة نجيب ميقاتي اللبنانية التي اعتقلت المعارض المصري عبد الرحمن يوسف ، داخل الاراضي اللبنانية وقامت بترحيله الى الامارات التي طالبت بتسليمها إياه بعد فيديو بثه مباشرة هاجم خلاله النظام المصري والاماراتي والسعودي أثناء زيارته الى سوريا بعد سقوط النظام الأسدي المقبور ، وعلى النقيض تماما مما قامت به حكومة البصرة المحلية التي سلمت المعارض الكويتي سلمان الخالدي ، لكونه لايخضع لاتفاقية اللجوء السياسي أو اللجوء الإنساني، وانما لاتفاقية الإنتربول الدولي التي أصدرت بحقه ما يسمى بالبطاقة الحمراء بناء على طلب من الكويت لملاحقته دولياعلى خلفية نشاطاته على حسابه الشخصي في منصة تويتر،اضافة الى نشر الخالدي لمقاطع فيديو ومنشورات تحدث خلالها عن ما قال بإنه “تحرير الكويت” من حكم آل الصباح،وفقا لـ بي بي سي،وبما أثار جدلا واسعا لم يهدأ بعد بين مؤيد ومعارض لعملية التسليم تلك عبر منفذ العبدلي الحدودي بين البلدين .

وما هكذا يا إعلام مصر الرسمي ، ويا إعلام المعارضة المصرية ،تورد الإبل ، فلقد أثبتما بأنكما تشخصنان الأحداث الدولية،وتغالون أو تفرطون بتقييمها من جراء النظر إليها بعين عوراء كعين حورس واحدة ، تشبه عين الرضا وهي عن كل عيب كليلة،وبما يشبه عين السخط التي لا تبدي إلا المساويا على قول الشاعر ، وفي أمثالكما وقد احتارت شعوب المنطقة بأسرها بمزاجكما وتقلبكما وتذبذبكما ومبالغاتكما مصداقا لقول الشاعر قديما :

إنْ يسمعوا ريبةً طاروا لها فرحاً…مني وما سمعوا من صالحٍ دفنوا

صمٌ إذا سمعوا خيراً ذكرتُ به…وإن ذكرتُ بسوءٍ عندهم أذنوا

وكذلك فعل فيديو المُقعَد الإيراني الذي أثيرت بشأنه مئات الشائعات حتى وصفه بعضهم بأنه ميثم التمار الايراني، فيما أقام له آخرون مجلس عزاء ترحما عليه لينظم آخرون قصائد نعي بحقه توهما منهم بأنه قد قتل مع حفيده الذي كان بمعيته في سوريا ، قبل أن يظهر الموما اليه بكامل قوته و بموفور صحته في ايران ، وعندما سأله أحد الصحفيين ” كيف وقعت في قبضتهم ؟” قال وعلى الفور”هم من وقع بقبضتي ولست أنا !!”وهذا هو عين ما جرى واقعا وعين ما سيجري نظيره ،كظهور شخص نكرة من سكان تركستان الشرقية على سبيل المثال وليس الحصر ليتعمد بث مقطع متهور- وربما ممول ومدفوع الثمن – من داخل المسجد الاموي قائلا “قادمون يا بكين ” ليثير بمقطعه حفيظة المارد الشيوعي الصيني ويدفع بآلته الإعلامية الضخمة لشن أكبر عملية تحريض وتشويه سمعة ضد سوريا وإدارتها الجديدة في التاريخ ، ليس هذا فحسب بل ولتنشطر مواقع التواصل العربية والاسلامية كعادتها الى شطرين تماما كما حدث بعد فيديو المصري والايراني مؤخرا، بين مؤيد لما قاله الايغوري الصيني المعارض، وبين ما تطالب به الحكومة الصينية بضرورة ترحيله من سوريا أو تسليمه الى السلطات الصينية ، وأقطع جازما وكما هو باد للعيان من ملامح المخطط البغيض والسيناريو المشؤوم ، بأن مواطنا كشميريا نكرة آخر سيظهر قادما من دولة ما داخل المسجد الاموي أو بالقرب من أحد المواقع السياحية والتراثية والفلكلورية والآثارية المهمة ذات الرمزية والدلالات الدينية والايديولوجية والتاريخية والسياسية قائلا “قادمون يا نيودلهي”لتشن حكومة مودي الهندوسية المتطرفة ثاني أكبر حملة تشويه سمعة إعلاميا وسياسيا في العالم بعد نظيرتها الصينية متوعدة سوريا وحكومتها المؤقتة بالويل والثبور في حال لم تسلم أو تطرد مواطنها من أراضيها فورا وبنفس السيناريو السابق ، ليظهر علينا شخص ثالث ولكن من شعوب الاتحاد السوفيتي السابق وتحديدا من إحدى دول أواسط آسيا أو شمال القفقاس ليقول وببث مباشر” قادمون يا موسكو ” كما لا أستبعد من ظهور مسلم يحمل الجنسية الايطالية أمام قبر صلاح الدين الايوبي ،ليهدد بالقول “قادمون يا فاتيكان ” ليقلب وسائل الإعلام عاليها سافلها بعد استفزاز أكثر من مليار ونصف المليار مسيحي كاثوليكي مذكرا اياهم ومن خلال اختياره لقبر صلاح الدين تحديدا بالحروب والحملات الصليبية التسعة التي هزموا فيها تباعا ،ومستدعيا الى ذاكرتهم الجمعية ما سبق وأن قاله الجنرال الفرنسي هنري غورو،عام 1920 عقب معركة ميسلون وهو يقف أمام قبر صلاح الدين” ها قد عدنا يا صلاح الدين “، ولا أستبعد من ظهور سائح ما ليتوعد السنة بكذا وكذا من داخل أو أمام ضريح السيد زينب في دمشق ، يقابله سائح آخر وهو يتوعد الشيعة بكذا وكذا مقابل ضريح ابن تيمية، لتثار ذات الأزمة وردود الأفعال المتباينة بشأنها وهلم جرا تارة ضد المانيا وأخرى ضد فرنسا وبريطانيا وايطاليا وتركيا وعدد من شئت من دول شرقية أو غربية ،عربية أو أجنبية ، وبما لن يمنع تكراره القبيح الكالح، ولن يكبح من جماح آثاره السيئة وهزاته الارتدادية الخطيرة سوى قرارات صريحة وحازمة وواضحة وملزمة وصارمة توزع نسخ منها بين المسافرين في المطارات والنقاط الحدودية والمراكز الجمركية لتعلق بقيتها على جدران المطاعم والأسواق الشعبية وعلى أبواب الفنادق وأماكن وجود السياح الأجانب أيا كانت جنسياتهم وخلفاتهم اضافة الى اسهام الاذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية كافة بنشرها يوميا وعلى مدار الساعة وخلاصتها” أي مخلوق على وجه كوكب الارض يأتي الى سوريا مرحبا به ومن ثم يصرح على حين غرة بما يضر بالمصلحة العامة للشعب السوري ويزعزع أمن الجمهورية السورية المتطلعة للنهوض من كبوتها ، ووضع حد لمأساتها،وفتح أفاق التعاون المشترك مع كل دول العالم ، من دون الحصول على إذن رسمي مسبق – بالثرثرة – والتصريح المصور والمبثوث بشكل مباشر وعلني ،برغم ما تثيره تلك التصريحات اللامسؤولة من نعرات وفتن ومشاكل مستعصية لا حصر ، ولا حل لها نحن في غنى عنها كليا فعليه أن يتحمل تبعات تصرفه كاملة ومن غير نقصان وقد أعذر من أنذر” .

وأضيف وبدلا من كيل الاتهامات ردا على احتجاز أو منع أو ترحيل الأشخاص الذين يدلون بتصريحات سياسية مستفزة بالضد أو مع أنظمتهم الحاكمة البعيدة أو القريبة من الاراضي السورية عامة، ومن المسجد الاموي خاصة، وبما تسبب وسيتسبب بأزمات سياسية ودبلوماسية كبرى لا داعي لها، ونحن في غنى عنها بين الادارة الجديدة من جهة ، وبين نظم حاكمة شتى من جهة أخرى، أقول بدلا من كيل الاتهامات للادارة الجديدة والحكومة المؤقتة ، فعلى الممتعضين وهم يعلمون يقينا بأن أعداد السوريين ممن يعيشون في مصر يفوق 1.5 مليون سوري بحسب إحصاءات نشرتها المنظمة الدولية للهجرة في تموز 2022 ، أن يتوقعوا وبعد كل هذه المعلومة الصادمة بأن الحكومة السورية المؤقتة لن تقف مكتوفة الأيدي لتدافع عن شخص واحد فقط كان قد هدد مصر من أراضيها وبطريقة مستفزة للغاية “حيث وضع علم الملك فاروق منذرا بازالة النظام الجمهوري ، اضافة الى مسدس على الطاولة ،مع ظهور شخصين ملثمين عن يمينه ويساره، أعقبه قراءة بيان متشنج للغاية ” كل ذلك على حساب مليون ونصف المليون سوري يقيمون في مصر حاليا جلهم من معارضي النظام السوري الزائل وبما يفتح الأبواب على مصاريعها لترحيلهم في حال تأزمت العلاقات بين مصر والحكومة السورية المؤقتة على خلفية هذه التصريحات المفاجئة ، وكان عليهم أن يقولوا وينصحوا كل ناشط ، كل صانع محتوى ، كل تيكتوكر ، كل يوتيوبر ، كل أنفلونسر ، كل سائح ،قائلين له وبصريح العبارة ” إذا سافرت الى سوريا لغرض السياحة أو العلاج أو الزيارة أو لمشاركة الشعب السوري فرحته فحاول جاهدا وقدر الامكان بأن تحترم البلد الذي أنت فيه أولا ، واحترام النازحين وهم بمئات الالوف ممن يقطنون ويأكلون ويشربون ويعملون في البلد الذي تهدده، وأن تمسك عليك لسانك بدلا من ذلك وأن تقول خيرا أو أن تصمت ، وأن لا تتحول الى عنترة بن شداد العبسي ،فوق الاراضي السورية ، وأنت أجبن من شارلي شابلن،في بلد الاقامة والجنسية ” وإن كان لابد فاحصل على تصريح قبل التفوه بما لاتحمد عقباه ، أو وبمعنى أشد وضوحا ” اذا سافرت الى سوريا فلا تأكل خ…ة ” إلا بعد الحصول على الموافقات الرسمية ومن الجهات المعنية تحديدا وهي التي ستقرر منحك الموافقة الرسمية من عدمها، وأنت لا تملك في هذه الحالة سوى خيار الانصياع التام لقوانين البلد المضيف ، وإلا فارحل عنه ، أو وبالأحرى لا تسافر إليه ابتداء ، وهذا هو عين ما يحدث في كل مكان وبقعة من العالم ، ولا جديد تحت الشمس ، وياغريب كن أديبا ، ويا مُغرِب لاتُخرب، على قول أجدادنا ، وبخلاف ذلك فأنت وحدك الملام على النتائج المترتبة على ما ستقوله وتتفوه به ، والقانون لا يحمي “المثرثرين المجاهرين بالثرثرة والموثقين لها بالصوت والصورة ” !

ودعوني أضرب مثالا بسيطا للغاية لتقريب الصورة أكثر وإن كانت لا تفوت حتى على طالب في المرحلة المتوسطة ” هل يحق لناشط ما أن يقف اليوم على سبيل المثال لا الحصر وسط مسجد آيا صوفيا ، أو جامع الازهر ، أو مسجد ابي حنيفة ، أو جامع القرويين ، أو مسجد الزيتونة ، أو مسجد شنقيط ، أو المسجد النبوي ، أو المسجد الحرام ، أو أي مسجد كبير وقديم محترم في طول العالم الاسلامي وعرضه ليصور مقطعا ويبثه مباشرة وكله عبارة عن سب وشتم وقدح وذم وطعن ولعن وقذف وتحريض على حكومة بلاده هكذا جهارا نهارا ، عيانا بيانا ، في بث مباشر على رؤوس الاشهاد وبما يمثل إقرارا والإقرار سيد الأدلة ،وكلها من بلد آخر غير بلده ، بصرف النظر عن صحة ودقة ، أو عدم صحة ودقة ما يقوله ، كل ذلك لغرض الترند والشهرة أو في لحظة نشوة فارغة شجعت عليها اللحظة ،وعلى قول العراقيين”الطشة” ، ثم وبعد كل هذا الهراء غير محسوب العواقب مع أن عواقبها الكارثية معلومة بداهة لكل صاحب عقل راجح ، وبصيرة نافذة وليست بحاجة الى علوم الفيزياء والكيمياء والذرة لمعرفة النتائج المتوقعة التي ستفرزها هذه المقدمات وتترتب عليها ، فهل يتوقع هذا الناشط ومن ثم كل من – حمى حمامه لأجله تاليا – وبعد كل ما فعله بأن لا ترحله أو تحتجزه أو تمنعه حكومة البلد الذي بث مباشرا من أراضيه ليهاجم حكومة بلده حتى من دون الحصول على موافقات و لا أذونات رسمية بعد إعلام السلطات المسؤولة بما ينوي فعله قبل البث دفعا للحرج ولإبراء الذمة على أقل تقدير ،ولاسيما وأن تصريحه سيتسبب بأزمة دبلوماسية كبيرة وهو يعلم بذلك يقينا وهذا ما حصل واقعا ، بين حكومة البلدين وبما ستنعكس نتائجه السلبية والكارثية على الشعبين ..أيعقل هذا يا نشطاء تالي وكت ؟!”

إذا كان هذا الأمر ومن وجهة نظر بعضهم معقولا ومقبولا وطبيعيا قابلا للتكرار عمدا بعد أن كان سهوا – هذا في حال أحسنا الظن طبعا – فأسأل “وهل هؤلاء الذين يصرحون ويدلون بما يدلون به من تصريحات هي وفي حقيقتها طوعية وعفوية وكيفية ومزاجية وفردية وأخوية فعليا، أم تراها تصريحات مخطط لها بدقة تقال في الزمان والمكان المخصوصين بهدف أحداث أكبر وأعنف رد فعل مرتقب ، بدفع من جهات ما تريد ابقاء العقوبات الظالمة على سوريا .. توتير العلاقات الدبلوماسية الدولية والاقليمية عمدا وقطعها مع سوريا … اظهار سورية الجديدة للعالم كله على أنها قد خرجت من نظام استبدادي زائل لتقع بنظير له صائل بمعنى ” نفس الطاس ونفس الحمام ” ، كل ذلك من دون مراعاة ” المدونين ” لظروف بلد ولا لمشاعر شعب قد خرج للتو من حرب أهلية طاحنة كلفته مئات الالوف من القتلى والجرحى والمعاقين والمعتقلين و ملايين النازحين والمختفين قسرا والمفقودين والمهاجرين، وكل الذي يطمح اليه هو إعادة المهجرين والنازحين والبحث عن المفقودين والشروع بعمليات بناء واعمار ما خربته الحرب ودمرته عن بكرة ابيه كليا وبالتالي فهو بحاجة ماسة الى رفع العقوبات أولا ، والى جلب رؤوس الاموال ثانيا في بيئة آمنة ومستقرة لأن رأس المال جبان ولن يغامر بطرح امواله في بيئات مضطربة وغير أمنة ، يطمح الى جلب الاستثمارات ثالثا ، الى فتح أفاق التعاون المشترك وتحسين العلاقات الدبلوماسية مع الجميع رابعا ، الى تقوية جواز السفر والعملة المحلية خامسا ، الى العودة الى حضن العربي سادسا ، الى العودة الى المنظومة الدولية سابعا ، الى بناء وتأهيل وتشغيل المصانع المدمرة والمزارع المعطلة ثامنا ، الى استيعاب الايدي العاطلة وتحجيم البطالة المستفحلة تاسعا ، الى القضاء على الجريمة المنظمة والامية الابجدية وتحسين الواقع الصحي والتعليمي والتربوي والخدمي ولرفع اسم سوريا من القوائم السنوية وقد تذيلتها منذ الحرب الاهلية عام 2011 في الاسوأ معيشيا ، والاسوأ تعليميا ، والأسوأ اقتصاديا ، والاسوأ خدميا ، والأسوأ رياضيا ،وهكذا دواليك كما نطالعه في معظم المؤشرات والاحصاءات والبيانات الدولية السنوية عاشرا ..ثم يأتيك ليظهر لك من يبث مقاطع “ثورية جوفاء معتوهة غبية”إذا ما أحسنا الظن، وأما إذا اسأنا الظن ، وسوء الظن في السياسة الدولية وكما هو معلوم يعد من حسن الفطن ، فإن مقاطعه وكأنه يقول من خلالها بلسان الحال والمقال ” لا تعيدوا بناء العلاقات مع سورية لأنها غير قادرة على ضبط ايقاعها ولا ترصين واقعها ولا رص صفوفها وأن كل ما تزعمه إدارتها من تحسين العلاقات وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ولا انطلاق ما يهدد أمنهم القومي مجرد هواء في شبك فلا تصدقوها ، والدليل ها أنذا أهدد وأتوعد حكومات دول بأسرها من قلب عاصمة الياسمين ” لينسف بذلك كل ما يطمح إليه الشعب السوري ليبقيه على ماهو عليه وزيادة لتتفجر ردات الفعل المباشرة والفورية في غضون دقائق معدودة بعيد كل مقطع يبث وكأن اليد التي أرسلت أو أغرت أو ورطت أو خدعت ناشطا ما ليهرف بما لا يعرف هي ذاتها التي استعدت مسبقا وكتبت بيانات الشجب والاستنكار مقدما كرد فعل على مقطع الموما إليه واتخاذها ذريعة لشن هذا الهجوم الإعلامي الكاسح واللاذع ،بل والتخطيط مسبقا لتشن ما يسمى بالمعارضة هجوما مماثلا بعد تسيلم السلطات السورية لهذا الناشط أو ذاك أو ترحليهم أو احتجازهم كذلك ..واكرر ” كان الأولى بهؤلاء أن ينبهوا الناشطين باحترام ظروف وقوانين البلد الذي يجعجعون فوق ثراه ضد حكومة بلد آخر بدلا من الجعجعة بعد أن تقع الفأس بالرأس !

أؤكد بأن أي ” ناشط ” سيهرف بما لا يعرف مستقبلا ليصرح من الأراضي السورية متخيرا الأماكن الأشد حساسية وتأثيرا ،كذلك التوقيتات الأوسع انتشارا، وبالتزامن من الأحداث الأشد وقعا ، وبما من شأنه ابقاء العقوبات، وتوتير العلاقات، وتأخير الاستثمارات، وتجميد الاتفاقات، ونشر الشائعات ، وإثارة الفتن والقلاقل والتوترات ، والأهم هو إيقاف عجلة البناء والإعمار تمهيدا لعودة الكفاءات والخبرات ، فإنه موضع شبهة …نقطة راس سطر.

أقول ما قرأتم بعد ردود افعال رسمية وشبه رسمية اختلط فيها الحابل بالنابل على مواقع التواصل برمتها ولاسيما في كل من مصر والعراق وتركيا والامارات أسوة بعدد من دول الخليج ،والكل يشتم ويطعن ويشجب ويستنكر بعد ظهورعدة أشخاص”وسيظهر أمثالهم تباعا ولا أشك في ذلك قيد أنملة وبوتيرة متصاعدة وبما صار موضع شبهة في حقيقة النوايا المبيتة حول كل من يثير مثل هذه الازمات ويؤججها عمدا أو سهوا في هذا التوقيت الحرج ، وبما ينسحب على الشك بأهدافها غير المنظورة لعوام الناس وبالأخص مع اختيار التوقيتات الحساسة والاماكن المهمة من دون التريث لحين مغادرة سوريا قبل بث مقطعه على الاقل ، وقد شخصت ولاحظت بعدا آخر لهذه المقاطع حيث وجدتها تبث بالتزامن وأثناء وخلال أو بعيد كل زيارة لمبعوث أممي ، لسفير ، لقنصل ، لوفد سياسي عربي أو اقليمي أو دولي رفيع المستوى ، لكل ممثل رفيع المستوى للامم المتحدة ، لمؤسسات خيرية ومنظمات إنسانية الدولية ، أو أنها تبث عقب أو خلال كل زيارة تقوم بها الادارة السورية المؤقتة لبلد عربي أو اجنبي ، بهدف إعادة إعمار سورية ، مساعدتها ماديا واعانتها اقتصاديا، فتح العلاقات الدبلوماسية معها ، رفع العقوبات عنها ، وإذا بناشط ما يخرج علينا من اللامكان ليبث مقطع فيديو مباشر ومثير للجدل ليثير به أزمة سياسية ودبلوماسية وإعلامية كبرى ينقض به غزل كل وعود وعهود الحكومة الانتقالية السورية المؤقتة والتي تقدمها تباعا للوفود الرسمية الزائرة في الداخل أو في الخارج ، فضلا على تبديد كل طموحات وأمنيات وأحلام الشعب السوري المتلهف لغد مشرق ومزدهر وبناء “.

وأختم ، بأن” أي ناشط ، يوتيوبر ، تيكتوكر، انفلونسر ، معارض سياسي ، يجعجع ومن خلال بث مباشر يحرص على بثه من أماكن حساسة دينيا وتاريخيا و سياسيا وتراثيا ، ومن داخل الأراضي السورية وفي توقيتات مخصوصة ومشبوهة وبما يثير أزمات سياسية ودبلوماسية كارثية لا تحمد عقباها ، فعليه أن يتحمل وزر وتبعات صنيعه اللامسؤول هذا أمام الله تعالى أولا ، ومن ثم أمام الشعب السوري والتاريخ ثانيا ولات حين مندم .أودعناكم أغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here