الدكتور فاضل حسن شريف
هذه الحلقات هدية الى روح السيدة فيروز صادق فيلي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته زوجــــة السيد أنور عبد الرحمن رئيس تحرير صحيفة صوت العراق.
عن تفسير الميسر: قوله سبحانه وتعالى “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ” ﴿السجدة 11﴾ قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين: يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّل بكم، فيقبض أرواحكم إذا انتهت آجالكم، ولن تتأخروا لحظة واحدة، ثم تُردُّون إلى ربكم، فيجازيكم على جميع أعمالكم: إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله سبحانه وتعالى “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ” (السجدة 11) “قل” لهم “يتوفاكم ملك الموت الذي وكِّل بكم” أي يقبض أرواحكم، “ثم إلى ربكم ترجعون” أحياء فيجازيكم بأعمالكم.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله سبحانه وتعالى “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ” ﴿السجدة 11﴾ ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم فقال “قل” يا محمد للمكلفين “يتوفيكم” أي يقبض أرواحكم أجمعين وقيل يقبضكم واحدا واحدا حتى لا يبقى منكم أحدا “ملك الموت الذي وكل بكم” أي وكل بقبض أرواحكم عن ابن عباس قال جعلت الدنيا بين يدي ملك الموت مثل جام يأخذ منها ما شاء إذا قضى عليه الموت من غير عناء وخطوته ما بين المشرق والمغرب وقيل إن له أعوانا كثيرة من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب عن قتادة والكلبي فعلى هذا المراد بملك الموت الجنس ويدل عليه قوله “توفته رسلنا” وقوله “تتوفيهم الملائكة” وأما إضافة التوفي إلى نفسه في قوله “الله يتوفى الأنفس حين موتها” فلأنها سبحانه خلق الموت ولا يقدر عليه أحد سواه “ثم إلى ربكم ترجعون” أي إلى جزاء ربكم من الثواب والعقاب تردون وجعل ذلك رجوعا إليه تفخيما للأمر وتعظيما للحال. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم (الأمراض والأوجاع كلها بريد للموت ورسل للموت فإذا حان الأجل أتى ملك الموت بنفسه فقال يا أيها العبد كم خبر بعد خبر وكم رسول بعد رسول وكم بريد بعد بريد أنا الخبر الذي ليس بعدي خبر وأنا الرسول أجب ربك طائعا أو مكرها فإذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال على من تصرخون وعلى من تبكون فو الله ما ظلمت له أجلا ولا أكلت له رزقا بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه فإن لي فيكم عودات وعودات، حتى لا أبقي منكم أحدا). وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله سبحانه وتعالى “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ” ﴿السجدة 11﴾ قل يا محمد للذين كفروا باليوم الآخر: أنتم ميتون ما في ذلك ريب، وبعد الموت تنكشف لكم الحقيقة، وتعلمون ان الساعة آتية لا ريب، وان اللَّه يبعث من في القبور.
جاء في موقع الحكيم عن شبهات وردود للسيد محمد سعيد الحكيم: هل المقطع في الزيارة الجامعة (وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم) فيه محظور شرعي أو أنه يتنافض مع القرآن “إن إلينا إيابهم ثم إنا علينا حسابهم”. الجواب: ج ــ ليس في ذلك منافاة لأن الأعمال المأذون بها من الله تعالى يصح نسبتها اليه سبحانه لأنها بحوله وقوته واذنه ولذلك لا يتنافى قوله تعالى: “قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ” (السجدة 11).
جاء في موقع تفسير كلمات القرآن الكريم عن التفسير الاشتقاقي لكلمة الملك: الملك: هو المتصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: ملك الناس، ولا يقال: ملك الأشياء، وقوله: “ملك يوم الدين” (الفاتحة 3) فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله: “لمن الملك اليوم لله الواحد القهار” (غافر 16). والملك ضربان: ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك، تولى أن لم يتول. فمن الأول قوله: “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها” (النمل 34)، ومن الثاني قوله: “إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا” (المائدة 20) فجعل النبوة مخصوصة والملك عاما، فإن معنى الملك ههنا هو القوة التي بها يترشح للسياسة، لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر، فذلك مناف للحكمة كما قيل: لا خير في كثرة الرؤساء. قال بعضهم: الملك اسم لكل من يملك السياسة، إما في نفسه وذلك بالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما في غيره سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقوله: “فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما” (النساء 54). والملك: الحق الدائم لله، فلذلك قال: “له الملك وله الحمد” (التغابن 1)، وقال: قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء” (آل عمران 26) فالملك ضبط الشيء المتصرف فيه بالحكم، والملك كالجنس للملك، فكل ملك ملك، وليس كل ملك ملكا. قال: “قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء” (آل عمران 26)، “ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا” (الفرقان 3)، وقال: “أمن يملك السمع والأبصار” (يونس 31)، “قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا” (الأعراف 188) وفي غيرها من الآيات. والملكوت: مختص بملك الله تعالى، وهو مصدر ملك أدخلت فيه التاء. نحو: رحموت ورهبوت، قال: “وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض” (الأنعام 75)، وقال: “أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض” (الأعراف 185) والمملكة: سلطان الملك وبقاعه التي يتملكها، والمملوك يختص في التعارف بالرقيق من الأملاك، قال: “عبدا مملوكا” (النحل 75) وقد يقال: فلان جواد بمملوكه. أي: بما يتملكه، والملكة تختص بملك العبيد، ويقال: فلان حسن الملكة. أي: الصنع إلى مماليكه، وخص ملك العبيد في القرآن باليمين، فقال: “ليسأذنكم الذين ملكت أيمانكم” (النور 58)، وقوله: “أو ما ملكت أيمانكم” (النساء 3)، “أو ما ملكت أيمانهن” (النور 31) ومملوك مقر بالملوكة والملكة والملك، وملاك الأمر: ما يعتمد عليه منه. وقيل: القلب ملاك الجسد، والملاك: التزويج، وأملكوه: زوجوه، شبه الزوج بملك عليها في سياستها، وبهذا النظر قيل: كاد العروس أن يكون ملكا (انظر: مجمع الأمثال 2-158، والعين 5-380). وملك الإبل والشاء ما يتقدم ويتبعه سائره تشبيها بالملك، ويقال: ما لأحد في هذا ملك وملك غيري. قال تعالى: “ما أخلفنا موعدك بملكنا” (طه 87) (وهي قراءة نافع وعاصم وأبي جعفر) وقرئ بكسر الميم (وهي قراءة ابن كثير وابن عامر وأبي عمرو ويعقوب، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الميم. انظر: الإتحاف ص 306)، وملكت العجين: شددت عجنه، وحائط ليس له ملاك. أي: تماسك وأما الملك فالنحويون جعلوه من لفظ الملائكه، وجعل الميم فيه زائدة. وقال بعض المحققين: هو من الملك، قال: والمتولي من الملائكة شيئا من السياسات يقال له: ملك بالفتح، ومن البشر يقال له: ملك بالكسر، فكل ملك ملائكة وليس كل ملائكة ملكا، بل الملك هو المشار إليه بقوله: “فالمدبرات أمرا” (النازعات 5)، “فالمقسمات أمرا” (الذاريات 4)، “والنازعات” (النازعات 1) ونحو ذلك، ومنه: ملك الموت، قال: “والملك على أرجائها” (الحاقة 17)، “على الملكين ببابل” (البقرة 102)، “قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم” (السجدة 11).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط