الدكتور فاضل حسن شريف
هذه الحلقات هدية الى روح السيدة فيروز صادق فيلي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته زوجــــة السيد أنور عبد الرحمن رئيس تحرير صحيفة صوت العراق.
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله عز وجل “أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ” فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ” فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ” أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ” وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” (الأحزاب 19) “أشحة عليكم” بالمعاونة، جمع شحيح وهو حال من ضمير يأتون، “فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي” كنظر أو كدوران الذي “يغشى عليه من الموت” أي سكراته، “فإذا ذهب الخوف” وحيزت الغنائم “سلقوكم” آذوكم أو ضربوكم “بألسنة حداد أشحة على الخير” أي الغنيمة يطلبونها، “أولئك لم يؤمنوا” حقيقة “فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك” الإحباط “على الله يسيرا” بإرادته.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل “أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” ﴿الأحزاب 19﴾ (أشحة عليكم) بالمال ونصرة الحق.. وكل بخل يعفو اللَّه عنه إلا البخل بحق الجهاد والمال “فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ”. تعكس هذه الآية جبن المنافقين وخورهم عند القتال، وجرأتهم على الذنوب والآثام وهم آمنون مطمئنون ترتعش منهم القلوب، وتدور العيون في رؤوسهم فزعا وهلعا في ساحة الوغى وعند السلم والأمن يطلقون ألسنتهم السلاط تنهش المؤمنين والمجاهدين. وفي نهج البلاغة: (ان المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ما ذا له وما ذا عليه). وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه). “أشحة على الخير”. المراد بالخير هنا الغنيمة أي انهم عند البأس جبناء، أما عند توزيع الغنيمة فتعلو أصواتهم بالاحتجاج، وانهم أحق بها من الجميع “أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا” بل أظهروا الايمان، وأضمروا الكفر، وقاتلوا معكم نفاقا ورياء “فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ” أي أبطل قتالهم معكم لأنه لغير وجه اللَّه، وفي الحديث: من كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله، فهجرته إلى اللَّه ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه “وكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً”. ذلك إشارة إلى إحباط قتالهم، وهو يسير على اللَّه تعالى لأنه لا جور فيه ولا ظلم ما داموا منافقين مرائين.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وجل “أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا” ﴿الأحزاب 19﴾ وأشحة جمع شحيح بمعنى البخيل، والذي يغشى عليه هو الذي أخذته الغشوة فغابت حواسه وأخذت عيناه تدوران، والسلق بالفتح فالسكون الضرب والطعن. ومعنى الآيتين: إن الله ليعلم الذين يثبطون منكم الناس ويصرفونهم عن القتال وهم المنافقون ويعلم الذين يقولون من المنافقين لإخوانهم من المنافقين أو ضعفة الإيمان تعالوا وأقبلوا ولا يحضرون الحرب إلا قليلا بخلاء عليكم بنفوسهم. فإذا جاء الخوف بظهور مخائل القتال تراهم ينظرون إليك من الخوف نظرا لا إرادة لهم فيه ولا استقرار فيه لأعينهم تدور أعينهم كالمغشي عليه من الموت فإذا ذهب الخوف ضربوكم وطعنوكم بألسنة حداد قاطعة حال كونهم بخلاء على الخير الذي نلتموه. أولئك لم يؤمنوا ولم يستقر الإيمان في قلوبهم وإن أظهروه في ألسنتهم فأبطل الله أعمالهم وأحبطها وكان ذلك على الله يسيرا.
ومن سُبل تقليل وتهوين سكرات الموت قراءة سورة يس، كما ورد ذلك عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: من قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت أو قرئت عنده جاء رضوان خازن الجنّة بشربة من شراب الجنّة، فسقاه إياها.
روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: مَنْ قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْراً غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ كَبِيرَةٍ، وَوَقَاهُ مِنْ شَرِّ الْمَوْتِ، وَضَغْطَةِ الْقَبْرِ، وَالنُّشُورِ وَالْحِسَابِ، وَالْأَهْوَالِ كُلِّهَا، وَهُوَ مِائَةُ: هَوْلٍ أَهْوَنُهَا الْمَوْتُ، وَوُقِيَ مِنْ شَرِّ إِبْلِيسَ، وَجُنُودِهِ، وَقُضِيَ دَيْنُهُ، وَكُشِفَ هَمُّهُ، وَغَمُّهُ، وَفُرِّجَ كَرْبُهُ، وَهِيَ هَذِهِ أَعْدَدْتُ لِكُلِّ هَوْلٍ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، وَلِكُلِّ هَمٍّ وَغَمٍّ (مَا شَاءَ اللَّهُ)، وَلِكُلِّ نِعْمَةٍ (الْحَمْدُ لِلَّهِ)، وَلِكُلِّ رَخَاءٍ (الشُّكْرُ لِلَّهِ)، وَلِكُلِّ أُعْجُوبَةِ (سُبْحَانَ اللَّهِ)، وَلِكُلِّ ذَنْبٍ (أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ)، وَلِكُلِّ مُصِيبَةٍ (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وَلِكُلِّ ضِيقٍ (حَسْبِيَ اللَّهُ)، وَلِكُلِّ قَضَاءٍ وَقَدَرٍ (تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ)، وَلِكُلِّ عَدُوٍّ (اعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ)، وَلِكُلِّ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ (لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط