الدكتور فاضل حسن شريف
هذه الحلقات هدية الى روح السيدة فيروز صادق فيلي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته زوجــــة السيد أنور عبد الرحمن رئيس تحرير صحيفة صوت العراق.
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا” ﴿الأحزاب 16﴾ قال سبحانه “قل” يا محمد للذين استأذنوك في الرجوع واعتلوا بأن بيوتهم يخاف عليها “لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل” إن كان حضرت آجالكم فإنه لا بد من واحد منهما وإن هربتم فالهرب لا يزيد في آجالكم “وإذا لا تمتعون إلا قليلا” معناه وإن لم تحضر آجالكم وسلمتم من الموت أو القتل في هذه الوقعة لم تمتعوا في الدنيا إلا أياما قلائل وإنما فرق بين الموت والقتل لأن القتل غير الموت فإن الموت ضد الحياة عند من أثبته معنى وانتفاء الحياة عند من لم يثبته معنى والقتل هو نقض البنية الحيوانية فالقتل يقدر عليه غير الله تعالى والموت لا يقدر عليه غيره.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا” ﴿الأحزاب 16﴾ إذ لا بد لكل نفس من الموت لأجل مقضي محتوم لا يتأخر عنه ساعة ولا يتقدم عليه فالفرار لا يؤثر في تأخير الأجل شيئا. وقوله: “وإذا لا تمتعون إلا قليلا” أي وإن نفعكم الفرار فمتعتم بتأخر الأجل فرضا لا يكون ذلك التمتيع إلا تمتيعا قليلا أو في زمان قليل لكونه مقطوع الآخر لا محالة.
قال الله تعالى عن كلمة متاع ومشتقاتها “أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ” ﴿الشعراء 205﴾، و “مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ” ﴿الشعراء 207﴾، و “وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” ﴿القصص 60﴾، و “لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿العنكبوت 66﴾، و “لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ۚ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ” ﴿الروم 34﴾، و “نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ” ﴿لقمان 24﴾، و “قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا” ﴿الأحزاب 16﴾.
جاء في موقع براثا عن مجلس حسيني – رأي القرآن بما يجري للميت للشيخ عبد الحافظ البغدادي: أنّ الميت يعلم مَن هو الّذي وصله وذكَره، فتسعده لأنّك استطعت أن تخبره أنّك لم تنسه بعد موته وأنّك على حبّك ووفائك له كما كنت في حياته. سأل أحدهم الإمام الصادق عليه السلام: يُصلَّى عن الميت؟ قال: (نعم. حتّى إنّه يكون في ضيق فيوسّع عليه ذلك الضيق، ثمّ يؤتى، فيقال له خُفِّف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك او ولدك او ابنتك) ونحن سنمر بنفس الموقف، وسيأتي علينا يوم تقف فيه هذا الموقف وتطلب فيه الصدقة والهديّة والذكر ولو بالترحّم وكسرة خبز لتُهدى ثوابها الينا. لا شكّ إذا ذَكرتَ موتاك سخَّر الله لك من يذكرك، ولعلّ أحداً منهم ينفعك بشفاعته يوم القيامة لوجاهته عند الله تعالى وكرامته لديه، والله تعالى أخفى أولياءه في عباده كما ذكر عن الإمام عليّ عليه السلام. هذا ليس عند المسلمين فقط. توجد قصة جميلة عن عجوز كانت راقدة في دار العجزة وكان ابنها يزورها بين فترة واخرى. اتصلوا به من المستشفى ان والدته ستموت فلياتي ليودعها. جاء وجلس الى جوار سريرها. ضمن كلامه سألها عما تريد وتطلبه منه. قالت: اريد ان تشتري مراوح وثلاجة لكل غرفة في دار العجزة قال لها أماه ادارة المستشفى يقولون انك ستموتين بعد اسبوع بالأكثر. فما فائدة المراوح والثلاجات لك بعد موتك.؟ قالت: انا اعلم اني سأموت ولكن وصيتي ان تجعل المراوح لك انت حينما يأتي بك ابناءك الى دار العجزة ولدي العزيز احيانا تكون الحرارة عالية وانت لا تتحمل الحر كما تحملته انا. اذن الاجانب يعرفون أن ما تقدمه لنفسك ستجده من خلال ابناءك واحفادك. فما تنفع به اليومَ غيرك هو في الحقيقة لك، لا سيّما وأنّ لك عليه الأجر والثواب أيضاً. فلتطرق كلّ الأبواب لتجمع ليوم فقرك وحاجتك. جاء سعد بن عباده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد موت أمه وقال يا رسول الله اريد ان ابر امي واهديها ما يقيدها في قبرها. قال: عليك بسقي الماء فحفر سعد بئرا على قارعة الطريق ولما نبع منه الماء دعى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون لافتتاح البئر فتوظئوا وشربوا وصلوا. بعدها قال سعد: ليشهد الله ورسوله والمؤمنون (اني اوقفت هذا البئر لام سعد) أي امه وسمعه رسول الله وجميع الحاضرين ولم يردوا عليه. دليل واقرار من النبي أن الثواب يصل من الحي الى الميت وافضلها سقي الماء. هذه الرواية تذكرها مساند المذاهب الاسلامية اذن لماذا يعيب علينا البعض حين اطبخ طعاما ليأكله الفقراء والمسلمون وغيرهم بثواب الحسين عليه السلام يعيب بعضهم ويعدونه بدعه؟ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ عَمِّي حَمْزَةَ وأَخِي جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا طَبَقٌ مِنْ نَبِقٍ، فَأَكَلَا سَاعَةً فَتَحَوَّلَ النَّبِقُ عِنَباً، ثم َتَحَوَّلَ الْعِنَبُ رُطَباً، فَدَنَوْتُ مِنْهُمَا و قُلْتُ بِأَبِي أَنْتُمَا أَيَّ الْأَعْمَالِ وجَدْتُمَا أَفْضَلَ، قَالَا فَدَيْنَاكَ بِالْآبَاءِ و الْأُمَّهَاتِ وجَدْنَا أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ وعلى الك، و سَقْيَ الْمَاءِ، و حُبَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط