عباس عبد شاهين
قبل سقوط النظام السابق كانت جميع الأحزاب المعارضة لنظام الحكم في العراق متوافقة على إيجاد وسيلة لإسقاط صدام وإنقاذ الشعب من ذلك النظام القمعي، الذي أرجع البلاد الى القرون المتخلفة بسبب سياساته الرعناء التي كان ينتهجها، أدخل البلاد على أثرها بحروب طاحنة استمرت سنوات، تسببت بزيادة الفقر والعوز والمرض وافرازات اجتماعية أخرى كثيرة جراء الحصار الاقتصادي، فضلا عن سياسة القمع والقهر بحق من كان معارضاً لتلك السياسات والممارسات والنهج الدكتاتوري.
بعد نيسان/ 2003 أُنتهت تلك الحقبة المظلمة التي مر بها البلاد ورجعت الأحزاب المعارضة الى حضن الوطن من جديد، بعد ان أجبرت قياداتها وأغلب اعضاءها على مغادرة البلاد هرباً من بطش ذلك النظام، لتتبنى العمل على بناء نظام حكم ديمقراطي يضمن الحقوق لجميع المكونات عبر دستور منتخب من قبل الشعب وإجراء انتخابات نزيهة تمنح الجميع حق المشاركة في بناء الوطن، وخلال تشكيل الكابينات الوزارية بعد كل دورة برلمانية جديدة أخذت تظهر بشكل وبأخر حجم الخلافات الحاصلة بين الكتل السياسية وأعضائها، بسبب تقاسم المناصب والعناويين والمكاسب والإمتيازات وبسط الهيمنة والنفوذ، وقد تجسد ذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة التي أظهرت حالات التناحر والصراعات السياسية حتى داخل الحزب الواحد عبر التسقيط السياسي وكشف ما يجري بعيداً عن أنظار المواطنين من عمليات فساد منظمة ومساومات حول اصدار القوانين وغير ذلك.
ألقت تلك المشكلات ظلالها على المكون الفيلي بسبب تواجد وانتماء الكثير منهم داخل الأحزاب الرئيسة والكبيرة في العملية السياسية، مما يحتم على المنتمي والموالي لتلك الأحزاب ان تكون مواقفه مؤيدة وداعمة او على الأقل متناغمة مع الكيانات السياسية التي ينتمي إليها، وان ﻻ يغرد خارج سربه السياسي.
الدﻻئل الواقعية والبراهين خلال السنين التي مضت كانت كثيرة وملموسة لدى الجميع، فمع كل حالة توتر في العلاقات بين المركز واﻻقليم حول القضايا السياسية والاقتصادية وتشريع القوانين او تقاسم الثروات، يندفع الكثير من الفيليين المنخرطين في الأحزاب السياسية دعماً ومدحاً وتمجيداً باصحاب احد تلك الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، بل وصل الأمر الى التخوين والطعن بسبب نزعة الولاءات المذهبية والقومية، مما تسببت بتمزيق وحدة الصف الفيلي وتشتيتهم، إمتدادا للانقسامات الحاصلة في العملية السياسية.
ان حجم التباعد يزداد يوماً بعد يوم كنتيجة حتمية تظهر خاصة بعد كل عملية انتخابية بسبب التناحر بين السياسيين والمصالح الشخصية والفئوية والغنائم والثروات السائبة، ولكن ما يثير فينا الأسف والألم هو انجرار عدد ليس بقليل من مكوننا الفيلي وراء الكتل واصحابها، والتي غالباً تفسر بدافع حماية الفتات التي تصلهم من تلك الكتل.
ما نريد قوله هو ان على الفيليين ان يعوا حجم الأضرار والخسائر التي تلحق بقضيتنا المصيرية بسبب مواقف الدعم والتأييد من قبل البعض منهم والانحياز للكتل السياسية بسبب الخلافات التي تحدث عادة بين أصحاب الكتل واتباعهم، بالرغم من درايتهم الكاملة بتقاعسهم وعدم جديتهم برفع حالة الظلم الجاثم على صدورهم رغم مرور عدة عقود، فضلا عن ممارسة التهميش والتغييب بحق قضيتنا ومكوننا الفيلي.
لذا على الفيليين الأصلاء ان يجعلوا مصلحتهم ومصلحة قضيتهم نصب أعينهم وان يستعدوا للانتخابات المقبلة بكل عزم وحسم وقوة، وان يلقوا الخلافات الشخصية وراء ظهورهم ويتوحدوا، فبغير تلك الأسس الرئيسة سيبقون فريسة سهلة للكتل السياسية، وستبقى قضيتهم معلقة دون حلول، وستبقى حالة التهميش والتغييب والإقصاء مستمراً.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط