مَن يحكمنا؟

الأموات قادتنا والأحياء أعداؤنا , والأجيال تتدحرج نحو حفر ظلماء , تتواجد فيها العظايا والآفات , ولن نخرج منها بقلب سليم.
أنياب الإفتراس شرسة , والضحايا المغفلون ما أكثرهم , وما أسهل إصطيادهم وتضليلهم وإلتهامهم بإرادتهم العمياء.
“ليس مَن مات وإستراح بميتٍ … إنما الميت ميت الأحياء”
أمواتنا أحياء , وأحياؤنا أموات , والمسافة بين الأحياء والأموات عدة قرون , فكيف نلغي الزمن ونتوطن في نقطة ظلماء ونحسبها مختصر الحياة؟
من عجائبنا السلوكية , إستحضار ما فات وتقديس الأجداث والإمعان بالإندساس في ظلمات القبور , والتوهم بأن الأموات أحياء يرزقون ويقررون مصائرنا , والعصر عصرهم , فالزمن قد توقف عندهم , وعلينا أن نتحول إلى عبيدٍ لهم , وجنود متوحشة شرسة تأخذ بثاراتهم , وكأنهم كانوا أمواتا في حياتهم , وأصبحوا أحياءً بعد موتهم وتحولهم إلى رميم.
ما هذا الخبل السلوكي الطنّان؟
مجتمعات الدنيا تتنافس على إستعمار الكواكب الأخرى , كالقمر والمريخ , ونحن نجيد مهارات نبش القبور , والعويل والتغني بالخرافات والأوهام , ونحسب الإخوّة بالدين سلوك مشين , فالحياة فانية والموت يرشدنا للحياة الباقية.
فما أرخص وجودنا , وأعظم كراهيتنا لبعضنا , ففي الموت حياتنا , وعلينا أن نقتل بعضنا , لنفوز بالآخرة , وننتقم من الدنيا الفانية.
يا أمة الأموات , لماذا جئنا للحياة؟
“هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”
وما أكثر الآيات القرآنية الحاثة على عمارة الأرض والإهتمام بجمالها , والحفاظ على وجودها السعيد , فرسالة البشر الجد والإجتهاد والبناء المبدع الخلاق , بعيدا عن الهدم والخراب وسفك الدماء , بذرائع شتى!!
فمتى سنتصالح مع الدين!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here