ترجمة: هاشم كاطع لازم – أستاذ مساعد- جامعة شط العرب – البصرة
تاليف: كريستوفر بي نك Christopher P.Neck
(لاينطوي التعليم على تعلّم الحقائق أنما العمل على تدريب العقل على التفكير) – البرت آينشتاين
التفكير النقدي critical thinking هو القدرة على استخدام الذكاء والمعرفة والمهارات بهدف طرح التساؤلات حول المواقف والتحري عنها بدقة ومن ثم التوصل الى قرارات مستنيرة بناء على الحجج والمبررات، وهو طريقة تحليلية فعالة تفيد المدراء وأصحاب المصالح في التعاطي مع الفرق والمنظمات والجماعات التي تعمل معها. والمؤسسات عموما تحتاج الى المدراء الذين يتميزون بالتفكير المستقل دونما تحيز أو أحكام مسبقة ولهم القدرة على التكهن بأنماط السلوك والعمليات.كما أن لهم القدرة على طرح الأسئلة الصحيحة (المتعلقة بالكيفية والأسباب) التي تؤدي الى بلورة قرارات فعالة وصائبة.
وقد أظهرت نتائج البحوث الحديثة أن الأعمال على اختلافها تهتم كثيرا بأجتذاب موظفين يتمتعون بمهارات التفكير النقدي لأن هذه المنظمات تشهد تغييرات متسارعة تحفزهم لتوظيف عاملين قادرين على تقديم أفكار جديدة ومبتكرة على نحو دائم لكي يتصدروا ميدان المنافسة. كما أثبتت البحوث مدى فعالية التفكير النقدي في بيئة العمل. وقد توصل بحث نشر مؤخرا في المجلة العلمية الموسومة (توجهات حديثة في العلوم النفسية) Current Directions in Psychological Science الى أن أختبارات القدرة المعرفية ومن ضمنها أختبارات التفكير النقدي (تمثل أقوى مؤشرات الأداء وأكثرها رصانة في الأوساط الأكاديمية وفي ميدان العمل).
والتفكير النقدي يزود المدراء بالأدوات اللازمة التي تعينهم على اتخاذ قرارات أفضل وتساعدهم على تقصي تأثيرات تلك القرارات وتداعياتها. وقد أقترح الباحثون سبع خطوات لممارسة التفكير النقدي الفعال وهي:
1.الملاحظة (تحديد نمط السلوك).
2. التفسير (فهم الأسباب الكامنة وراء السلوك وتأثيرات ذلك).
3. التحليل (التقصي عن أسباب السلوك وتأثيراته).
4. الأستدلال (تبني السبل اللازمة لتغيير السلوك).
5. التقييم (تقييم تداعيات السلوك المتغير).
6. التوضيح (تبرير التغيير المناسب للسلوك).
7. مابعد التفكير (دراسة العملية المتحققة لمثل هذا التغيير في السلوك).
لنفترض على سبيل المثال أنك تمتلك مطعما وحدث أن أحدى العاملات بدأت تتغيب عن الحضور في فترة مناوبتها دون أعطاء تبريرات معقولة. ولكون هذه العاملة هي واحدة من أفضل العاملين لديك فانك لاشك سوف تشعر بالحيرة بسبب مثل هذه الغيابات المتكررة. وسوف تشعر بالأحباط ، لكن بما أنك لاتعرف الحقائق بأكملها المتعلقة بالأمر فأنك سوف تقرر أستخدام مهارات التفكير النقدي للتقصي عن السبب الحقيقي لمثل هذه المشكلة.
في المرة التالية التي تأتي فيها العاملة الى العمل تقوم أنت ب (مراقبة) الموقف موضوعيا دون أي تحيز أو حكم مسبق فتلاحظ بأنها تتصرف بفظاظة مع الزبائن ولاتحاول التواصل مع زملاءها العاملين معها وتمشي بخطوات متثاقلة داخل المطعم. أن مثل هذه المراقبة سوف تساعدك في (تفسير) الموقف على نحو أفضل وسوف توفر الدليل الكافي لتستنتج بان هذه العاملة غير سعيدة في مثل هذا النمط من العمل. وربما تعمد الى تحليل تلك التاثيرات وتتوصل الى طريقة للتعامل مع مثل هذا السلوك. ويظن الشخص المسؤول عن المناوبة أن فصل العاملة من العمل هو الحل المناسب، لكنها واحدة من أكثر العاملين كفاءة في المطعم! تقرر عندئذ أن عليك أن (تقيّم) الموقف وكذلك تقيّم نتائج محاولتك لدفعها على تغيير سلوكها. ومن الضروري أن (توضح) لمديرك الأسباب التي تدفعك لتبرير السعي لتغيير مثل هذا السلوك. واخيرا تحتاج الى خطوة (مابعد التفكير) من خلال ترتيب عملية للشروع بتغيير سلوكها.
الخطوة اللاحقة هي عقد اجتماع مع العاملة المعنية للتوثق تماما من الأسباب الكامنة وراء غيابها المتكرر غير المبرر. تعتذر العاملة وتخبرك بأنها غير مقتنعة بطبيعة العمل الموكل اليها وأنها تفضل كثيرا العمل في المكتب عند مدخل المطعم حيث ترحب بالزبائن وتتولى طلبات الحجز. بعد الأستماع اليها تقرر منحها فترة تجريبية في هذا العمل لتجد بعدها أنها بدأت تؤدي واجبها على خير مايرام وأصبح دوامها منتظما تماما.
لاشك أن هناك طرقا عديدة للتعامل مع مثل هذه المشكلة غير أن التفكير النقدي يعينك على أيجاد أفضل حل لكل موقف يصادفك لدى التعامل مع تعقيدات التحديات الواقعية.
————————————————————————————————–
* يعمل كريستوفر بي نك استاذا مشاركا للأدارة وهو مؤلف كتاب (السلوك التنظيمي: منهج يعتمد التفكير النقدي) Organizational Behavior: A Critical Thinking Approach
Critical thinking helps managers work through problems (azcentral.com)
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط