لو كان مجرى المنبع الاصلي نقيا لما أصبحت الروافد آسنة !
بقلم مهدي قاسم
يوجد مثل مأثور شائع و قديم يُشير إلى ما معناه إن :
ـــ كل ما يُبنى على الخطأ سيكون محكوما بالانهيار في أية لحظة قادمة !
وغالبا ما يخطر على بالي هذا المثل البليغ بين وقت وآخر ، و منذ سنوات طويلة ، بعدما جرت و تجري تحولات ارتدادية و انتكاسية متواصلة ، و بعد تنازلي عجيب ، في البنية التحتية الروحية للمجتمعات العربية رغم العصرنة المتجسدة باستخدام أرقى وسائل تقنيات استهلاكية أو معلوماتية متقدمة التي لا تعدو أكثر من قشرة خارجية هشة تغلف بيئة راسخة متقهقرة في أعماق الماضي المظلمة . ..
شاعرا بأسف و أسى كيف ذهبت جهود عشرات من التنويرين العرب النهضويين من أمثال رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التّونسي، وبطرس البستاني، وعبد الرحمن الكواكبي، و محمد عبده، وجمال الدين الافغاني ، قاسم أمين ، إضافة إلى كتاب ومفكرين آخرين :سلامة موسى ، طه حسين ، لويس عوض ، عبدالرحمن بدوي ، زكي نجيب محمود ، و عشرات آخرين من كتّاب ومفكرين إصلاحيين في بلدان عربية أخرى و خاصة في بلدان المغرب العربي ..
نقول هذا لأننا نشاهد كيف تجري عملية ” اسلمة ” المجتمعات العربية مجددا ، في كل من مصر والعراق و سوريا ــ مثلا و ليس حصرا ــ و كأنها لا شعوب غير مسلمة أو مرتدة ـــ بمفاهيم وقواعد و قيم ” داعشية ” في منتهى الصرامة والانضباط القسري الملتزم بالأنظمة الاجتماعية ..
أما على صعيد القضايا الوطنية والقومية ، فلعل من سخرية القدر أن تكون هذه القضايا أكثر تماسكا في عهود أنظمة قومية ديكتاتورية صارمة ، مثلما هي عليها الآن من هشاشة وهزيمة شبه كاملة إلى جانب استسلام للأمر الواقع شعوبا و أنظمة بشكل مخزي و مُذل حقا ..
و هو الأمر الذي يجعلنا نعتقد ، بقين تام ، بأن الروافد لا تكون آسنة لو كان مجرى النبع الأساسي نقيا وصافيا ، و صحيا سليما !..,
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط