محمد حسين المياحي
مع إن الضربات العنيفة التي وجهتها الولايات المتحدة للحوثيين يوم السبت الماضي 15 مارس2025، کانت مفاجئة ومٶثرة على الحوثيين، لکنها نزلت کالصاعقة على النظام الايراني وأثارت فيه حالة من الخوف والقلق غير المسبوق، وخوف النظام الايراني من هذه الضربات الامريکية يأتي لأنه يواجه أساسا وضعا إستثنائيا حساسا وخطيرا خصوصا وإنها تأتي بعد الذي جرى لحزب الله اللبناني وبعد سقوط نظام بشار الاسد.
خوف النظام الايراني وقلقه البالغ لم يأت عبثا بل إنه جاء بعد أن حذر الرئيس الأمريكي النظام الإيراني بشكل مباشر في بيانه حول هذه الهجمات، وأعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكي (سنتكوم) عن “بدء سلسلة من العمليات الجوية الدقيقة ضد الحوثيين المدعومين من قبل النظام الإيراني”، والعالم کله تابع الاصداء الکبيرة لهذه الضربات وحتى إن وکالة رويترز نشرت في 15 مارس تقريرا لها عن هذه الهجمات رکزت فيه على علاقتها بالضغوط الامريکية على النظام الايراني حيث کتبت تقول:” هذه الهجمات تعد أكبر عملية عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط منذ وصول ترامب إلى السلطة، وتأتي في وقت تصعد فيه واشنطن ضغوطها القصوى على طهران، بينما تحاول في الوقت نفسه إجبار النظام الإيراني على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجه النووي. ولم تمر سوى أيام قليلة على إرسال ترامب رسالة إلى خامنئي ورده الرافض للتفاوض، حتى شنت أمريكا هجماتها”.
کما إن صحيفة وول ستريت جورنال الامريکية في 16 مارس، فقد نقلت عن مصدرين مقربين من إدارة ترامب قولهم: “الهدف الواضح من هذه الهجمات هو إرسال رسالة إلى النظام الإيراني بأنه قد يكون الهدف التالي، وأنه يجب أن يدرك حجم القوة العسكرية التي يمكن استخدامها ضده”، ومن دون شك فإن حالة الخوف وحتى سعي النظام لإظهار عدم علاقته بالعمليات والنشاطات الارهابية التي يقوم بها الحوثيين ضد الملاحة في البحر الاحمر، قد ظهرت واضحة في تصريحات حسين سلامي، قائد حرس النظام الإيراني، الذي أکد في يوم 16 مارس2025، قائلا:” أعلن اليوم أن الجمهورية الإسلامية لا تلعب أي دور في تحديد سياسات أو عمليات الحوثيين”،غير إنه ومع ذلك إستدرك والتردد والارتباك قد ظهر عليه واضحا وهو يريد إخفاء إرتباکه عندما قال:” ليس هناك سبب يدفعنا للقيام بعمل ما ثم إنكاره، أو عدم القيام به وتحمل المسؤولية عنه. نحن لسنا كذلك! ولكنني أحذر جميع الأعداء بأننا سنرد على أي تهديد يترجم إلى عمل عدائي، برد قاس وحازم ومدمر” کما إن وزير الخارجية الايراني قد رد من جانبه على تحذيرات ترامب قائلا:” واشنطن لا تملك أي حق في فرض سياساتها الخارجية على إيران” مع إنه وتزامنا مع ذلك توجه من فوره الى مسقط، عاصمة سلطنة عمان، في خطوة فسرها بعض المراقبين على إنها رد فعل على الهجمات الجوية الأمريكية ضد الحوثيين.
لکن الملفت للنظر والمثير في الامر، هو إن حالة الخوف والقلق قد ظهرت أيضا وبصورة بينة على وسائل الاعلام التابعة للنظام، وبهذا الصدد، فقد کتبت صحيفة”شرق” الحکومية عن الضربات الامريکية وتحذيرات ترامب بقولها:” ترامب، بلهجة تهديدية، حذر إيران بضرورة وقف دعمها للإرهابيين الحوثيين فورا. هذه الهجمات، التي نفذت دون تحذير مسبق وفي ساعات متأخرة من الليل، أدخلت إيران بشكل مباشر في المعادلة. سيناريو الهجوم العسكري على إيران، الذي كان يبدو سابقا خيارا بعيد المنال، بات الآن واقعا ملموسا مع التحركات غير المتوقعة لترامب… البيت الأبيض قد يلجأ في أي لحظة إلى القوة العسكرية لتحقيق أهدافه… الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة من التوترات والأزمات”، ومن دون شك فإن هذه الصحيفة التابعة للنظام تحاول قدر إمکانها إخفاء حالة الخوف والذعر من الذي ينتظر الايام في الايام القادمة، لکنها تعلم جيدا بأن المرحلة الجديدة التي تقف المنطقة على أعتابها، هي خاصة فقط بالنظام الايراني ووکلائه، وهي المرحلة التي ظهرت بداياتها في لبنان وسوريا ومن ثم اليمن وستکون نهايتها حتما في إيران.