نــــــــــــــــــــــــــــــــــــزار حيدر {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. يرِدُ الكذِبُ على اللِّسانِ أَمَّا الجوارِح والأَعضاء فلا تكذِبُ أَبداً، ولذلكَ تلحظُ أَنَّ الكذَّاب تظهرُ في ملامحِ وجههِ وفي تصرُّفاتهِ ونبَضاتِ قلبهِ آثار كذِبهِ مهما حاولَ التستُّرعليها، ولهذا تعتمدُ اليَوم أَجهزة كشف الكذِب على تلكَ الآثار التي تبدُو على جوارحِ المرءِ حينَ يكذِب. كما تعتمدُ لُغةَ الجسَدِ على سلوكِ المرءِ وهو يتحدَّث لكشفِ أَكاذيبهِ التي تفضح كُلَّ سلُوكٍ آخر. أَمَّا في يومِ القيامةِ فلا يحتاج الكذَّاب إِلى أَن يُدافعَ عن نفسهِ أَو يُبرِّر لها أَو يتستَّر عليها، فالذي سيحصل هو أَنَّ الله تعالى سيختِمُ على لسانِ الكذَّاب لتتحدَّث عنهُوتشهدَ عليهِ جوارِحهُ وغيرِها. والظَّريف وقتها أَنَّ الكذَّاب يعترِض على جوارحهِ، بمعنى أَنَّهُ يعترِض على نفسهِ بنفسهِ {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ} فيأتي الجَواب مِنهم {قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِيأَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. وتضيفُ الآيات لذكرِ إِلتفاتةٍ في غايةِ الدقَّة بقولهِ تعالى {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّاتَعْمَلُونَ}. كذلكَ فإِنَّهُ في الحياةِ الدُّنيا يتمُّ الكشفَ عن الكذِب بآثارهِ على أَرضِ الواقع، ولهذا السَّبب فأَنتَ لا تحتاجُ إِلى كثيرِ عناءٍ لتكتشفَ حجم الكذِب الذي يُمارسهُ السِّياسيعلى الرَّأي العام، إِذ يكفي أَنَّك تتتبَّع آثارهُ على أَرضِ الواقِع، فإِذا تطابقَ معَ كلامهِ فهو صادقٌ وإِلَّا فهو كذَّابٌ أَشِر مهما ساقَ من التَّبريرات واختلقَ من الأَعذار....