د. كرم هواس ردود الفعل ازاء المقالة السابقة كانت مؤثرة… ربما بسبب تزامنها مع المظاهرات في واحدة من اهم مدن عالم الكورد و هي السليمانية وغيرها من المناطق المتاخمة في اقليم كوردستان .. حيث وصلني في وقت قياسي لم يتجاوز الساعتين من نشر المقالة بيان من احد الاطرافالرئيسية يؤكد الالتزام بمبدأ الحوار.. و قد شكرتهم ذلك .. بينما وصلتني رسائل ذات طبيعة مختلفة و قاسية بعض الشيء من اطراف اخرى… كما انقطع الاتصال مع بعض الصحفيين الذين يعملون في قنوات تلفزيونية و صحف مهمة جدا في كوردستان.. !!.. مع الاحترام للجميع اعتقد ان هذه و تلك من الرسائل المختلفة كانت تعبيرا عن اشكالية الحوار التي تناقشها هذه المقالات .. رغم اني لا اريد مناقشة موضوع المظاهرات ليس فقط لاني كما ذكرت في المقالة اود تجاوز النفق السياسي… لكن ايضا لان الاشكاليةالاساسية في عدم الاستقرار في المجتمع الكوردي و تجربة اقليم كورستان ترتبط بشكل جدي في علاقة الدولة “الادارة السياسية” فيالاقليم و داخل الاحزاب و التنظيمات مع الانتلجنسيا الكوردية ( باحثون كثيرون كتبوا عن هذه الاشكالية و شخصيا كتبت ايضا كتابين ومجموعة كبيرة من المقالات منذ سنوات طويلة و مازلت )… اعتقد ان المؤسسات السياسية الكوردية عموما وضعت المثقفين في اطار عمل ثقافي لم يتجاوز ابدا قضية اثبات البعد التاريخي ل ” امةالكورد” و حقها في تقرير المصير … و لذلك لم يستطع المثقف الكوردي التفاعل مع التطور الثقافي في العالم كما لم تسنح له الفرصة كييهتم و يتفاعل مع التغييرات الجذرية في التطور الاجتماعي في المجتمع الكوردي ذاته… لعل من اهم مؤشرات هذا التناقض الصارخ انه بينما وصلت الابعاد المادية للحداثة و ما بعد الحداثة الى المجتمع الكوردي و خلقت طبقيةمجتمعية رهيبة (سنناقشها لاحقا) نجد ان الكثير من المثقفين ( مع جل الاحترام للجميع) ما زالوا يبحثون عن اصولهم و يتحدثون عن “انتماءالكورد الى هذه او تلك من الحضارات و الامبراطوريات القديمة … بل ما يزال يتغني “باصالة هذه الشريحة او تلك… بينما يعزز“المستعمرون” من قوتهم و يرسخوا مصالحهم و يبنون “مستقبل” اجيالهم القادمة وفق رؤى و استراتيجيات قد تكون فعالة او لا.. لكنهميخططون و لا يبحثون عن الجذور انما عن الحاضر و الآتي.. مع كل الاحترام مرة اخرى لمشاعر و جهود هؤلاء الاعزاء لكن لا ادري عن اية جذور و اصالة يبحثون … و ماذا ينفع اذا كنّا من ابن فلان … او ابن فلان من اولاد آدم… او ربما كنّا من بكتريا XI او XXIIIXXII..وفق نظريات التطور و تصورات داروين و غيره..؟؟.. هل يجرؤ مثلااحد من الامريكان الذين يسيطرون على العالم ان يبحث عن جذوره… ام هل اهتم احد مراكز الدراسات الانثروبولوجية في امريكا الدولالاوروبية بالبحث عن اصول المجتمعات الغربية غير قضايا White Supremacy هيمنة الرجل الابيض .. و Eurocentrism المركزيةالاوروبية التي رسخت ثقافة الاستعمار..؟؟ رغم اهتمام الاف البحثين في العالم بقضية الكورد تاريخيا و انثروبولوجيا الا انه لم يستطع اي باحث محلي او دولي ان يثبت ميل الكوردللهيمنة على الشعوب الاخرى … و عليه فالاشكالية تبدو و كان الاستعمار (باشكاله المختلفة) اخرج للكورد (ضمن شعوب مثيرة اخرى خاصةفي الشرق الاوسط) دودة الارض” او فكرة البحث عن الجذور القومية و الاثنية و الطائفية ووو.. و بذلك دفع الناس للبحث عن “كنز” لا ينفع… بينما استولى هو (الاستعمار) على الكنوز و المياه و الهواء … و ترك الشعوب تتغذى على الاساطير… اي ان الكورد تعرضوا الى هيكليةمعقدة من الاستعمارات التي تتوالد ليس على الارض فقط انما ايضا و بشكل اخطر في ذاكرة الشعوب و منها و تداخلت في ذاتهم التييفتخرون بها فخلقت قوقعة في الذاكرة الكوردية يدور فيها الكورد مثل حلقات الرقص و القتال التي يعتبرها البعض هوية الكورد دون مشاكلالارض و الانسان … ( ساعود الى هذه الاشكالية لاحقاً).. في المحصلة فان دور الانتلجنسيا الكوردية اختزلت في فرضية تجاوزتها تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و هي البحث عن الجذور التي لااحد يعرف اين حدودها التاريخية و الانثروبولوجية .. بينما تاهت النخبة السياسية الكوردية بين بنيتها الثورية ( اشكالية الثورة و الدولة ) وعجزها في ادارة المجتمع فتحول اهتمامها الى البحث عن عدو جديد لكي تعطي ديمومة لدورها التاريخي… لكن هذا العدو الجديد لم يكنمن البساطة ايجادها في ظل التواجد الامريكي و تمدد المشروع الديمقراطي .. و هكذا كانت اولى محطات البحث عن العدو الجديد هي“العودة الى الذات الشريرة” فكانت حرب “الاخوة” التي لم تنتهي ابد انما حصلت فيها هدنة ممتدة بفعل التاثير الاميركي لكن بجدول مفتوحللتجاوزات و اعادة تشغيل ماكينات الدمار بين الحين و الاخر.. و على هذا الاساس يبدو ان جوهر الحوار تتمثل في الواقع كأنه “استراحة مقاتل” اكثر مما هو محطة لاعادة التقييم و الاهتمام بالتطورالاجتماعي و البحث عن مشروع بديل للادارة و التواصل مع الجوعى و المهمشين… نتابع … حبي للجميع..