المفكر عز الدين سليم في ذكرى استشهاده

✍️: مصطفى (كامل) الكاظمي (تصادف هذه الايام فاجعة استشهاد استاذنا المفكر عبد الزهراء (عز الدين) حسب التأريخ القمري). قال لي الشهيد عز الدين سليم (عبد الزهراء عثمان) يوما من ايام طهران عام 1992: ( ليلة امس منعوني من السفر الىسوريا بسبب مزاجية رجل أمن ايراني رفض تسليمي جواز السفر الدبلوماسي لأداء مهمة سياسية، مما دفعني ان اصرخبوجهه: اقسم بالله ما إن يسقط صدام لن تجدني يوماً واحداً في ايران!). اراد الشهيد ابو ياسين من جملته اشعار رجل الامن انه لا يهمه شيء في هذه الحياة سوى العراق. ولما هوى صنم الطاغيةوتصدّع نظامه، غدا أبو ياسين وسط بلده يشحذ همم الغيارى لبناء العراق الجديد واعادة اعمار ما افسده الحكم العفلقي. عقد ونصف العقد من الزمن الكئيب مضى على استشهاد المفكر الاسلامي عز الدين سليم، وما خلا العام 2004 الذياستشهد فيه هو ورفيقه الاستاذ الاعلامي طالب أبو محمد العامري، لم نجد الا ندرة مجالس عزاء شكلية للغاية أقيمت لهما،وبعدها لم نسمع بمستذكرٍ لشخصية ابي ياسين الاسلامية والوطنية، ولم نجد من يذكـّرنا بما قدمه هذا المفكر للدين والوطنالا نشوارٍ قليلٍ ربما رفيق كان يخلص له، أو صديق ذرف دمعة صادقة لفراقه وكلمات لا تتعدى ترجمة مبتسرة لحياة هذاالمجاهد. وربما تقديم آيات عزاء لاهله وبنيه. فيما وجدت لأعوام خلت مقالة شبه يتيمة طيلة مدة غياب الي ياسين، واظنها الاخيرة كتبها الاستاذ ابراهيم العبادي ونشرهافي النت فثور في نفسي لوعة الحزن، وحلّق بتفكيري الى ايام الشهيد ابي ياسين حيث عرفناه عن قرب لسنوات طويلة فيمهاجرنا منذ العام1982 وحتى العام2002 ففارقناه الى استراليا. شعرت وانا اتأمل كلمات العبادي انه الوحيد المفجوع باستشهاد استاذه عز الدين من بعد حزن وأسى عائلة الفقيد. اذ كتبسطورا تدمي الفؤاد وتذكر بالبكم الذي أصاب الامة جراء سياسات أعمت القلوب التي في صدور العراقيين عن تذكر امثالهؤلاء الزعماء العظام. فان اغفلنا البصر عن (الدعوة) باعتبارها لا تخرج عن الحالة الحزبية العامة التي تمتلك عيناً واحدة لاترى الا الآنية والمصلحة،! كما لمسنا ذلك من خلال نسيان جلّ الاحزاب ومنها حزب الدعوة الاسلامية لاحد ابرز قادته ومنظريهالشهيد عبد الزهراء وهو من اعلامه ونشطائه ومفكريه.! ولا اعني بذلك مجالس العزاء والتمظهر الشكلي، إنما اعني غياب احياء الافكار.. فإن تسالمنا مع الحزب الحالي، واعذرنا بنظرته الى الشهداء،! فما بال البصرة الفيحاء؟البصرة.. مدينة الشهيد عز الدينسليم، ما بالها لا تذكره بمؤتمر سنوي تدعى له شخصيات تنهض أفكار الشهيد الى ما قدم اليه حياته كرمز من مفاخر الامة؟كي تتلمس الاجيال تذكاراً حياً لرجل فذ من رجالات الفكر الاسلامي وشهيد وطن حقيقي غيور ما وجدنا له خطلة في اداء ولاشبهة في تاريخه الذي قضاه في مجاهدة عدوه نظام الطاغية التكريتي؟ فإن نفخر كعراقيين نفخر بمثله قارع الطاغوت وامضى في سجونه سنوات خمس في تعذيب مرير منذ العام1974 حتى1978 هذا غير ما تعرض له من محاولة فتك واغتيال انجاه الله منها ومكـّنه من الهجرة ليواصل جهاده وقلمه. عجبت لمدينتكم البصرة، اذ لم تؤرخ لفقيدها الشهيد عز الدين سليم، ولا تنادي باحياء مؤلفاته وابحاثه الفكرية والعقائديةوالتأريخية والسياسية التي يندر ان نجد له مثيلا في البصرة، فحياة الامصار والشعوب بمفكريها. الراحل في سطور: المفكر الشهيد عبد الزهراء عثمان محمد (ابو ياسين) مواليد مدينة البصرة/ناحية الهوير1943، تخرج من مدرسة دار المعلمينالملغاة عام 1964، اضطر إلى تغيير اسمه إلى (عز الدين سليم) للاحتراز الأمني لضمان عدم تعقبه من قبل نظام الطاغوتصدام الذي سعى إلى اغتياله أكثر من مرة. اعتقل الحاج عبد الزهراء عام 1974 حتى 1978 بعدها تمكن من الهرب خارجالبلاد.اضافة الى جهاده فقد تلقى الشهيد عددا من الدراسات على يد عدد من العلماء والمفكرين الاسلاميين في العراقوالكويت، وفيهما مارس تدريس اللغة العربية والتاريخ والمجتمع العربي للمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية من العام1965 و1980 ما عدا فترة سجنه. اهتم المفكر عز الدين سليم مطلع حياته بالتأليف والكتابة الصحفية منذ1967 وأصدر باكورة كتبه (الزهراء فاطمة بنت محمد) عام1969. ثم واصل الكتابة فصدرت له عشرات الكتب في السيرة والتاريخ والسياسة والثقافة العامة. كما انه رحمه الله نشرمجموعة كبيرة من الابحاث والدراسات في المجلات العالمية. وانخرط منذ مطلع الستينيات في العمل الثقافي والاعلامي فعملمع عدد من الصحف والمجلات الثقافية في العراق والكويت ولبنان.أشرف الشهيد السعيد على إصدار صحيفة المجلس الاعلىللثورة الاسلامية في العراق/ بطهران من عام 1983 الى اواسط التسعينات، وأشرف على المركز الاسلامي للدراساتالسياسية الذي أسسه عدد من المثقفين العراقيين المهاجرين في طهران عام 1981 وكانت له عدة أبحاث سياسية في (التقريرالسياسي) الذي أصدره المركز لعدة سنوات . بدأ عز الدين سليم العمل السياسي مبكرا عام 1961 ضمن تنظيم الدعوة الاسلامية في العراق الذي عرف فيما بعد باسمحزب “الدعوة” وتدرج في عمل التنظيم حتى صار عضواً في لجنة الاشراف على التنظيم في البصرة وما حولها عام 1973 قبل أن يعتقل في البصرة عام 1975 بتهمة الانتماء للتنظيم المذكور. عين المفكر عضوا في مجلس الحكم الانتقالي لدىتأسيسه في العراق، وساهم في صياغة قانون إدارة الدولة الانتقالي. استمر سليم في ممارسة مهام عمله كرئيس دوري لمجلس الحكم الانتقالي إلى أن تم اغتياله في 17 مايو 2004 بتفجيرسيارة مفخخة تزامنت مع مرور موكبه في حي الحارثية قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء حيث مقر قيادة قوات الاحتلالالأمريكية. ويذكر أن تنظيم القاعدة بزعامة أبو مصعب الزرقاوي قد تبنى عملية اغتياله.

سلمان رشدي و معول التجديف (آقاي هادي دست شما درد نكند)

✍️: مصطفى الكاظمي ،،،،،،،،،،،،، استغرق الكاتب الهندي الاصل سلمان رشدي في استهتاره  بروايته المجدفة التي نشرت عام 1988 لتستهدف حدثاً عظيماً تحقق في الشرق كان المسلمون يحلمون به منذ قرون. فالثورة الاسلامية انبثقت فيايران عام 1979 بزعامة الامام الخميني. هناك فرق بين النقد والتجديف. قد يندرج النقد تحت حرية الكلام أو التعبير إذ يمكن نقد دين او فكرة وفقاسس منطقية وإدراك دون استخدام كلمات مسيئة او ازدراء وتجديف. فالتجديف: يُعرّف بأنه تشويه سمعة الدين او او اي معتقد ومقدس بالقول أو الفعل. فيكون  الهدف من تجريمالتجديف هو حماية المقدسات وتطويق مشاعر الكراهية للأديان. فالحرية اذن لا تعني اثارة غضب مليار ونصف مليار مسلم .. ولا تعني سب الاله والاستهزاء بالرسل والانبياءوبمعتقدات الناس. بل هي تعقّل وابداع لترسيخ اواصر التعايش السلمي واشاعة المحبة والسلام. من هنا يأتي خطابنا للمشنعين بفتوى الامام الخميني العظيم في اهدار دم صاحب الجريمة من بعد هذاالاستهتار الصارخ. اقول: رُبَّ كلمة تقتل (لا رواية ماجنة من 250 صفحة ساخرة ومتجنية على الاسلام ونبيه الاعظم وتمسعرضه ومقدساته). واقول: رُبّ شرارة تحرق سهلاً، فأنصفونا ايها العقلاء في ممالآتكم تحت حجة حرية التعبير. وحريٌبالضمائر الحرة ان توجه طعونها وانتقادها لمثل هذه المشاريع الخبيثة والسفاسف والازدراء. بمناسبة الموضوع، فاني وجدت المشنعين واؤلئك الذين استنفرت نفوسهم لمهاجمة فتوى الامام ومناصرةحريّة رشدي في روايته الشيطانية انهم لم يقرأوا الرواية ولم يطلعوا على حجم الاستهتار والاساءةلمقدساتنا. بل انهم مجرد (طشّة) مع اؤلئك الذين يتربصون بالدين وبقداسته. اليهم نقول ايضاً: ان قانون التشهير لعام 2009 جريمة جديدة بموجب الدستور الذي يعتبر نشر أو قولكلام إزدراء أديان جريمة توجب العقوبة من اجل الحفاظ على السلام المجتمعي. وهناك دول تجرّم بشكل صريح الاساءة للاديان كاليونان واسبانيا والهند وجنوب افريقيا وسويسرا وغيرها،بل كانت هناك دول تجرّم بالسجن كل من يحرض على الكراهية ويتطاول على الدين والعرق كالدنماركوفرنسا وكندا والبرازيل وفنلندا. فالتجديف موضوع اخذ حيّزا كبيراً في مناقشات متعددة داخل رواق الامم المتحدة منذ العام 1999 وصدرتتوصيات تدين التجديف وتحظر التجديف. وكذلك صدرت قرارات من قبل مجلس حقوق الانسان بهذا الخصوص لكن الحملة الهوجاء التي استقطبتجمهور العهر وافئدة المغفلين وألسنة الناقمين على الدين والتي خضعت لتوجه دولي معروف ادى الى الغاءهذه القوانين الكابحة لجماح الشواذ.  ففي الاصل كان التجديف جريمة بحكم القانون في بريطانيا ونيوزلندا وايرلندا وكندا بإعتبار ان الاغلب الاعممن سكانها من الديانة المسيحية وقد يعرّض التجديف الى الغضب الجماهيري.. لكن هذه القوانين الغيتمؤخراً في بريطانيا للسبب المتعلق بالمؤامرة والدناءة. ويتذرعون ان حظر ازدراء الدين كبح لحرية التعبيروانه سيعيد اوروبا الى الوراء المتأخر.  ليس خافٍ على عاقل ان تجريم التجديف بمجمله يؤسس لضبط قيم مجتمعية عالية تردع العنف والجريمةوتفتح الباب واسعاً أمام التعايش السلمي بين الأديان والتسامح المجتمعي بين الافراد بتنوع ثقافاتهمودياناتهم. لكن هذا ما لا ترتضيه مؤسسات تسعى لتدمير النقاء تحقيقاً للهيمنة وتلبية للسادية والشذوذوالاطماع وإثارة العنف. فراحت هذه المؤسسات كلعنة تسند أمثال المجلة الفرنسية الهابطة (شارلي إيبدو ) ورسومها المسيئة حتى شملتها صولة الغضب التي قضت على حياة 12 شخص بينهم رسامو كاريكاتيروصحافيون وهم من اركان المجلة عام 2015 في الذكرى الخامسة والثلاثين للفتوى الخالدة. أدرك بعدها بعض القضاة وعقلاء الكلمة والصحافة خطورة الامر فصدرت اثر الهجوم أحكام قضائية صارمةضد من يهدر كرامة مقدس لدى طائفة، لكن الامر ايضاً قابلته زمرة الشذوذ بذريعة حرية التعبير والدفاع عنحقوق الانسان وحريته في افكاره وإن كانت طوباوية سوداء، فقادة في بلدان اوربية أدانوا الهجوم علىالمجلة تحت عنوان حرية التعبير. لكن مطالب القضاة واصحاب الفكر المتزن أسسوا لحظر ازدراء الأديان فيعدد من بلدانهم. فمثلا رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن النمسا لم تنتهك حرية التعبير بإدانة امرأةلأنها وصفت النبي محمد بـ (المتحرش بالأطفال).،! حيث أعادت المحكمة التأكيد على أن قانون حقوقالإنسان يعترف بحق عدم جرح المشاعر الدينية. في الوقت الذي رأى الشاذون ان قرار المحكمة هذا ضد حريةالتعبير. وفي اسبانيا واجه الشاذ ويلي توليدو محاكمته لإزدرائه الدين بعد إبلاغ الشرطة عن منشوراته على موقعفيسبوك من قبل جمعية من المحامين الكاثوليك. وكذلك الحكم ضد المغنية البولندية دودا، التي اساءت للدين المسيحي بقولها: إن الانجيل كتبه شخص كانتحت تأثير النبيذ والماريخوانا....