قراءة في كُـتَـيّـب هادي العلوي عن المعري

قراءة في كُـتَـيّـب هادي العلوي عن المعري
عزيزي القارئ
قراءتي اليوم في كُـتَـيّب يحتوي على 250 صفحه من القطع الصغير ضمّت بين جنباتها ما اختاره الكاتب هادي العلوي من شعر اللزوميات للشاعر الفيلسوف ابي العلاء المعري يقول فيه انها دراسة
عن شاعرنا المعري يتضمن نقد الدوله والدين والناس ، والكُـتـيّـب صادر عن مركز الابحاث والدراسات الاشتراكيه في العالم العربي ، الطبعة الاولى لسنة 1990.
يبدأ الكُـتـيّب بفاتحه ثم ينهيها الكاتب بتنبيه يقول فيه [ جَرَيْتُ في هذا الكتاب على طريقتي في النحو الساكن الهادف الى تيسير اللغة وتقريبها من لغة الكلام دون الاخلال ببنيتها الاساسية ]
أقول لو تأملنا حقيقة ما كتبه الكاتب لوجدنا فيه تغريباً لاتقريباً وتعسيراً لاتيسيراً فـتيـسـير اللغة لايعني انتهاك أسـس لغويه سليمه وابدالها بلغه ركيكه وهزيله ، وما كانتْ اللغه بناءً عـشـوائـيًّـا في يوم من الايام حتّى يأتي هادي العلوي بنحوه الساكن وطريقته الهادفه بزعمه .
انّ هذا الكلام الارتجالي الذي يطنطن به كثير من دعاة التجديد من بينهم الدكتورعلي الوردي ما هو الا
عمليه مدروسه للتخريب يقف وراءها معسكر كبير للفكر الغربي للنيل من هذا التراث اللغوي العريق .
وأقول لهادي العلوي كان عليك ان تتنبه الى مُـسـتواكَ ووضعِك الحقيقي مِنْ أنّـكْ لم تكن إماماً في النحو ولاحُجّـةً في اللغة لتخترع لنا الطريقة الساكنه ، وكان الاليق بك أن تعترف بمحدودية معلوماتك في قواعد النحو وبهذا تكون اكثر صدقاً واحتراماً في نظر القارئ .
ومن قول الكاتب في نحوه الساكن [ اللزوميات او لزوم ما لايلزم هي ديوان لأبو العلاء المعري ] فهو يقول
ابو العلاء والصحيح هو ابي العلاء لكونها مجروره باللام ، وعلى هذه الطريقة الساكنه نجد الكثير من الاغلاط النحويه في كُـتـيّـبه الذي يقول عـنه أنّـه جمع فلـسـفة المعري كلّـها فيه وعلى طريقة الكاتب في النحو الساكن .
ففي الصفحة 15 من الكُـتـيّـب يقول الكاتب هادي العلوي [ لا انكار ان المعري شاعر ، هذا ما اتفق عليه الاقدمين وهو كذالك بمعيار الحداثه الادونسي والمعري عند أدونيس شاعر حقيقي ] .
أقول كان على الكاتب ان يقول الاقدمون وليس الاقدمين ثم اني اسأل من يكون ادونيس حتّـى يضع المعايير ؟؟
انّ المعايير لايضعها شخص مهما بلغتْ منزلته الادبيه او العلميه او السياسيه وانما هي انطباعات أجيال وأجيال عن ذلك الشاعر او الاديب من خلالها يتم التقويم أما ما يقوله ادونيس فما هو الا انطباع شخصي لا يُـرْكَـنُ اليه كما ان المعري في غِـنى عن تقويم شاعريته لانه من الشاعرية بمكان مع قدرة لغوية متميزة .
وفي الصفحة 19 يتناول العلوي السلوك الديني في شعر المعري فيقول [ نقد الدين كأديولوجيه ، يطال به الالوهيه ، النبوه ، مفردات اصول الدين والعقائد والعبادات والشعائر ] .
أقول اذا كـنّـا قد اغمضنا أعـيـننا عن النحو فلا يمكننا أن نغمضَ على تركيبة الجملة الركيكة وكان عليه ان
يقول : نَقَـدَ المعري الدين كأديولوجيه تناول فيها الالوهيه الى اخـره بدلاً من يطال لأن الفعل طال يطول .
والحقيقه ان المعري والعلوي ومن على شاكلتهما لم ولن يطولوا من الالوهية او الدين ولوبمقدار جنح بعوضة
او اصغر وفي نفس الصفحة يقول [ يميل انكار الاله تارة والطعن بعدالته وحكمته تارة اُخرى ] ويسـتـشهد
بثلاثة ابيات من لزوميات المعري …….
قلتم لنا خالق حكيم قلنا صدقتم كذا نقول
زعمتموه بلا مكان ولازمان ألا فقولوا
هذا كلام فيه خبئ معناه ليست لنا عقول
ثم يعقب العلوي شارحاً الابيات فيقول [ تنفي هذه اللزوميه وجود شيئ خارج الزمان والمكان اي خارج
العالم ، فلو تصورنا وجود اله فلابدّ ان يكون داخل العالم وهو محال فلـسـفـيّا لأن يقتضي اثبات الجهة كما
أنّـه يقتضي اشتمال الاله على مادة حتى يصح له وجود داخل عالم مادي مشتمل على الزمان والمكان ] انتهى شرح هادي العلوي
وأقول اذا كان المعري معذورا لكونه أعمى فأنتَ يا علوي غير معذور وأنت ترى وتقرأ عن هذا الكون الفسيح
العجيب وعن الاكتشافات العجيبة المذهلة لهذا الكون ، وكان عليك وعلى المعري ان يسأل نفسه من اين اتى
هذا الكون المادي الذي لايمكن تحديد حدوده الى الان ؟؟ وكيف تكونت كينونته الدقيقه المنسجمة الحركة
والدائمة ؟؟ وحسب المنطق الفلسفي الذي يقول لابدّ لكل مخلوق من خالق ولكل موجود من واجد كان من
المنطق ان يقول من أين اتى هذا الكون ومن أللف بينه بهذا النظام البديع الرائع ؟؟ اترك الاجابه للعلوي ولشاعرنا المعري ولمن على شاكلتهما وإنّا لله وإنّـا اليه راجعون .
ويتناول الكاتب ابياتًا من شعر المعري التي ينقد فيها الدين وينكر الخالق وهي ……
ومولد هذي الشمس اعياك حـدّه وخبّـر لبٌ أنه متقادم
وقوله ايضا
ولو طار جبريل بقـيّـة عمره عن الدهر ما اسطاع الخروج عن الدهر
وعلى هذا يعلق الكاتب فيقول [ تبعاً للمشائية الافلاك خالده والعالم الازلي هو هذا العالم الذي تتوسطه الشمس الازليه مثله وحدوده هي حدود مجموعتنا الشمسيه بعد ادخال النجوم الثوابت فيها ، وفي الفلسفة الحديثه الخالد هو المادّه فقط دون الاجزاء المركبة منها ، امّـا مجموعتنا الشمسيه فهي مركبات غير خالده من المادة الخالده وقد تناولت اللزوميه ازلية العالم من خلال ازلية الشمس فأصابت في الكُلّي وأخطأت في الجزئي ] انتهى
أقول كان الاجدر بالكاتب ان يقول ان الشاعر المعري قد اخطأ في الجزئي وفي الكلّـي وقد شـطّ عن الصواب حين ربط شاهديه بالدين ولو تأملهما لوجدهما يدوران حول رأي فلسفي ، وان الدين لا يمتّ الى الفلسفة في شيئ وإنّما الفلسفة قد تطـفّـلت عليه حيث راحت تدور حول الدين باسـتـنـتاجات لعقول محدوده ووسائل قاصره تقارن وتقيس من خلال المحسوسات الماديه بمثيلاتها عن قدم العالم والزمان المقرون بهما ، ولو علموا ما نعلمه اليوم عن الكون لخرّوا ومنهم المعري الى الاذقان ساجدين و مسبحين خالقَه المبدعَ المصورَ ، أمّـا من يتعامى عن هذه الحقيقه ويكابر فما من حسابه علينا من شيئ والى الله مرجعنا جميعا واليه المصير .
ويقول الكاتب هادي العلوي << ويمشي المعري على الادلوجية السائده بعد ان يضع جانبا مذهبه الفلسفي في الالوهية فيحمّـل الخالق المعترف بوجوده في هذه الادلوجية مسؤولية هذا الخلل فيقول ..... والله اذ خلق المعادن عالمٌ ان الحدادَ البيضَ منها تجعلُ سفك الدماءَ بها رجالٌ أعصموا بالخيل تلجم بالحديد وتنعلُ اقول ان تذبذب الشاعر بين انكار الخالق والاعتراف به وتحميله فساد الطبيعة البشريه هو ضرب من الهذيان ثم ان شاعرنا المعري في حالته القلقة هذه نسي اوتناسى ان الخالق قد خلق البشريه للامتحان وانّ جميع ماخلقه الباري للبشر يحمل في جوانبه الخير والشر والنافع والضّار والصالح والطالح ومنها المعادن واعطى الحريه بالتصرف الى الانسان فاذا اساء التصرف او الاستخدام فما هو ذنب الخالق في اساءة المخلوق ؟؟ والمعري لايرى من المعادن الا جانبها السيئ وهو كما نقول لا يرى الا الجانب الفارغ من الكأس وهذه هي النظرة التشاؤمية التي يتبناها شاعرنا المعري . ويقول الكاتب هادي العلوي في الصفحة 23 من كتيبه [ أن المعري اكتشف من قراءته الكتب المقدسة الثلاثة ان المسلمين اخذوا دينهم عن اليهود وان اليهود كذبوا على الله في قوله ...... كلّ الذي تحكون عن مولاكم كَـذِبٌ أتاكم عن يهود يُـحـبّـرُ ويعلق الكاتب فيقول : هذه خلاصة مركزة لمقارنة الكِتابين المقدّسين اللذين نعتبرهما دراسه مبكرة إذْ لم يتجه البحث العلمي الى استطلاع العلاقه بين الاديان السماويّـة إلّا في القرن الماضي . أقول كان على العلوي ان لايقع في فخ المقارنة لأن مُشَـرِّعَ الاديانِ هو مُـشَـرِّعٌ واحدٌ ثم ان المنكر الى الاصل وهوالله تبارك وتعالى عليه أنْ لا يتطرق ويماري في فروع الدين لأن الكلام فيه يصبح ضرباً من السفاهة .وفي الصفحة 25 يقول الكاتب << واتّهمَ المعري الاديان بالتسبب في الحروب والعداوات بين الناس وهذه تهمة مستقاة كما يبدو من الرازي الذي لاشك أنّ المعري قد قرأه بامعان وبالنسبة للاسلام فان ما يعجّ به تأريخه حتى عصر المعري من صراعات دامية إنّما نتج عن حروبه الاولى وذلك في قول المعري ..... وانّ القتل في أُحدٍ وبدرٍ جنى القتلين في نهرٍ وطفّ اقول لقد غاب عن بال المعري أنّ الحروب كانت قائمة قبل أحدٍ وبدرٍ قبل مجيئ الاسلام وبعده وسوف تبقى حالة الصراع الدموي بين البشرية الى ماشاء الله مادامت النوازع الانسانيه من مطامع ومن ظلم قائمة على الارض ، وليس للدين في هذه الصراعات يد لامن قريب ولا من بعيد وإنّما هو اي الدين توجيه تربوي روحي للارتقاء بالانسان الى الطهر والنقاء والتحلل من كبول الماده وهذا مايتعارض والنزعه البشريه القائمه على حُبِّ الشهوات والاهواء وليس كما ذهب اليه الشاعر من أنّ أحداً وبدراً هما السبب في معركتي النهروان التي كانت بين الامام علي والخوارج ومعركة الطّـف التي دارت بين جيش يزيد وبين الامام الحسين ومعه نفر من عائلته واتباعه وهذا القول فيه وهم كثير من الشاعر . ويقول الكاتب العلوي [ ولم يَـتَـبَـنَّ المعري اي عقيدةٍ للشيعه إلّا في مسألتين وردت احداهما في لزوميه رائيّـه تقول ...... لمّـا تولّـى يزيدُ الامرَ هان على معاشرٍ كونه من قبل في عُمَـرِ وفيه اشارة الى ان حكم الامويين قد مُهِّـدَ له في السقيفه وهوقول الشيعه ولو انه لايقتصر عليهم فقد ذهب ابو حـيّان التوحيدي في الامتاع والمؤانسه الى أنّه من نتاج فتح مكه وأن التمهيد للأمويين تمّ على يد النبي نفسه والتوحيدي من خصوم الشيعه وانما عَـبّر عن رأي شخصي في قضية من قضايا التأريخ وهذا هو شأن المعري والمسألة الثانية هي مسألة الجِفْـر والقول للكاتب العلوي هو جلد جدي يزعم الشيعة انه يحتوي على علم اهل البيت وما اطـلعوا عليه من اسرار العالم بالالهام الالهي تقول اللزومية عن ذلك لقد عجبوا لاهل البيت لمّـا أتاهم عِلمُهم في مِسْكِ جِـفْـرِ ومِرآةُ المنجِّم وهي صُغرى أرته كل عامرة وقَـفْــرِ ] انتهى قول الكاتب . أقول لقد توهم الكاتب من انّ الجفر يحتوي على علم اهل البيت وما تقوله الشيعة عن حقيقة الجفر هوكتاب فيه تحديد الحقوق والارش والديّـات وما تعارف عليه الناس في المعاملات بخط الامام علي وإملاء الرسول عليه وعلى آله أتم الصلوات والتسليم وليس كتاب علوم غـيـبـيّـه وما الى ذلك من تقولاتٍ ما أنزل الله بها من سلطان واذا كان شاعرنا المعري والسواد الاعظم من الناس لايعرفون حقيقة الجفر لدى الشيعه في ذلك الزمن كان يتوجب على الكاتب وهو الباحث الواعي ان لا يعوم على عوم الاخرين ممن غابت عن اعينهم الحقيقه ومَنْ أزمَنتْ في نفوسهم الاحقاد وأنْ يـتـدارك هذا التجـنّي وينوه عنه كباحـث لواقع تأريخي . كما أنّـي أعجب من شاعرنا المعري الذي يُـكذّبُ النبوءاتِ ويُـنكر وجود الخالق كيف يصدق منجِّما يُـريه العالم في عامره وغامره بمرآة لاتزيد مساحتها على كفّ انسان ؟؟ والاعجب من هذا قول المعري ..... الشهب عظّـمها المليكُ ونَصّها للعالمينَ فواجبٌ إعظامُها فالشاعر المنكر لوجود الخالق يطلب من الناس تعظيمُ الشهبِ لأن المليكُ وهوالباري عزّ وجلّ قد عظّمها ومعنى التعظيم عبادتها او تقديسها هذا هو واقع شاعرنا الفيلسوف الذي لايقف عند رأيٍ ولا يستقرُّعلى حال . ويتطرق الكاتب الى رأي المعري في الحُكّام المسلمين الذي يسـتـنـد على قول : كون الانسان شرير بالطبع في قوله ...... وأرى ملوكاً لاتحوط رعـيّةً فعلام تُجبى جزيةٌ ومكوسُ ؟؟ أقول هذه حقيقه قائمة الى الان ما دام الحاكم يرى نفسه فوق القوانين السماوية او الوضعية فما علاقة الدين بهذا الصدد وهل الدين جعل من الملوكِ خلقاً فوق بني البشر ؟؟ هذا قولٌ فيه الكثير من التخريف ، ويذكر العلوي شاهدا اخر للمعري فيقول ....... توحّـد فانّ الله ربُّـكَ واحدٌ ولا ترغـبنّ بعِـشرةِ الرؤوساءِ أقول ان في قول المعري نصيحة ولكـنّها لاتتجاوب مع الواقع كما أنّ في معنى البيت غفلة من الشاعر حين طلب الشاعر من المخلوق أن يتوحد كما هو الخالق في وحدانيته ، لان الخالق متوحد بذاته وقدرته ومستغني عن جميع خلقه بينما المخلوق ضعيف ومحدود الامكانيه وزائل فاذن هي نصيحة خاويه حتى أنَّ قائلها لم يلتزم بها فكيف يطلب من الاخرين الالتزام بها ويعقب الكاتب لرأب الصدع فيقول : [ والراجح انّـه يخاطب المثقفين إذْ هم المعنيين اساساً بصحبة الرؤساء ] . أقول قد يكون التبرير صحيحاً ولكن هل بالامكان للمثقفين ان يعيشوا متوحدين على فرض الاخذ برأي المعري ومعايش المثقفين من السابقين الى يومنا هذا وسوف تبقى بأيدي الحكام والمتنفذين من أهل المالِ والسلطه ؟؟ هذا كلام مَنْ لا يَعي . اذن فالكاتب العلوي اراد ان يرقعها فخَـرّقها وأساء التَدبّرَ والتدبيرَ . ويستطرد الكاتب فيقول [ ان نقد المعري للدولة لم يمنعه من نقد المعارضة وقد مـرّ بنا أنّـه اي المعري لم يوفر ايّ فرقة اسلاميه من ذمّـه حتى لو كانت فرقة يشاركها في مجمل طروحاتها القائمة على العقل كالمعتزلة ومن هنا يأتي نقده للقرامطه ثم يعرج الكاتب فيقول من جهة ثانيه لم يلتفت المعري الى الاضطهاد الشنيع الذي كان يلقاه الزنج في جنوب العراق ويصعب القول انه لم يكن يعرف شيئاً عن ذلك ، ويقول ايضاً ان المعري لم يستنكر الرق بدا وكأنّـه يساير أرسطو في اعتبار الرق من عمل الطبع اي ان العبد عبد بالطبيعة ويأتي بشاهد للمعري على ذلك فيقول ...... ولولم يرد جور البزاة على القطا مكوّنُها ما صاغها بمناسر ويعلق الكاتب فيقول يريد المعري تعزيز قوله الاول بأنّ العبد عبد والحر حرّ بالفطرة . أقول انّ هذا الشاهد من مضحكات شاعرنا المعري فهو هنا يعترف بمكوّن لهذه البزاة وينسى أو يُعرضُ عن قول الله تبارك وتعالى الذي ساوى بين البشرية حين قال في كتابه العزيز [ يا ايها الناس إنّـا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ] صدق الله العلي العظيم وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم [ الناس سواسية كأسنان المشط ] وكان عليه اي المعري ان يكون داعيةَ تحررٍ لأن الاستعباد حاله مفروضه لا حاله طبيعيه كما تصورها او تأثربها من قراءتـه لأرسطو على حدّ قول الكاتب وكذلك يعزز الكاتب العلوي مبدأ بشاهد آخر للمعري فيقول ....... وهل الوم غـبـيّا في غباوته وبالقضاء أتـته قِـلّـةُ الفِطَـنِ ؟؟ أقول وهل إلّا الاغبياء هم المنعمون في هذه الدنيا والمتنبي يقول ...... ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم اذن فالغباء وقلة الفطنة نعمة مع جور الحكام وفساد الناس . ويقول الكاتب هادي العلوي [ تُـظهرُ اللزوميات كراهـيّةً شديدةً لآدم بصرف النظر عن الاقرار بوجوده او عدمه مع استخفاف به وبحوّاء ، والمعروف ان آدم معدود من الانبياء في حين يصر المعري أنّـه لم يكن عاقلاً والا لكانت ذريّـته عقلاء ، وذهب بعيداً فاتهمه بالفجور مستنداً الى حكاية تزويجه ابنه من بنته معتبراً هذا الزواج من باب الزنا ومنتهياً الى القول بأن البشر اولاد زنا ] انتهى قول الكاتب من غير شاهد للمعري يؤيد به ما قال عنه وهذا ما لايصح ولا يُـقبل من باحث مبتدئ فكيف بالباحث هادي العلوي ، واذا كان قول المعري بأن الناس اولاد زنى فعلى هذا القول يترتب كون المعري ابن زنى وهذا لايقول به عاقل . ويقول الكاتب في كُـتـيّـبه في شاهد للمعري ....... لو اتّـبعوني ويحهم لهديتهم الى الحق أو نهج لذاك مُقاربِ اقول أليس هذا بالعجيب من شاعرنا الفيلسوف الذي يطلب التوحد والابتعاد عن الناس لجـبـلّة البشرالسيئة ينبري بهذا البيت ليكون قائداً لهم فيهديهم الى الحق او اقرب ؟؟ ومن هذا البيت استطيع أن أسـتـشف نزعة المعري الى الزعامة لكـنّه لم يُصرِّح بها لبعض الاعتبارات ولخوفه الدائم من الحكام والوشاة ، والكاتب يؤكد هذا الشيئ في قوله [ ان ترك التسمية في نقد السلطة عامل صيانة هام فقد قُـتِـل بشار بن برد على بيتين هجا فيهما المهدي العباسي والمعري اذكى من بشار او لنقل اكثر تماسكاً منه ] . أقول التماسك لا يكون مع الانسان الخائف يا استاذ هادي وإنما مع الجريئ الشجاع فكيف تَنقلبُ عندكَ الموازين ؟؟ وما اراكَ إلّا حابيتَ للتوافق في نظرتك المتـذبـذبة مع المعري للحياة الى حـدّ ما . وينقل الكاتب في الصفحة 58 حواراً دار بينه وبين شيخه الاستاذ عبد المعين الملوحي فيقول العلوي [ انا منزعج من جبن المعري والقول للعلوي ] فيرد عليه استاذُهُ [ كان الاولى ان تنزعج من جبنـنا نحن اهل هذا العصر وأوصاني ان لا اجور عليه ] ويعني به المعري انتهى الحوار بين التلميذ العلوي والاستاذ الملوحي . أقول ما ردّ به الاستاذ على تلميذه يُـغـنيني عن الرد حيث ان الاستاذ الملوحي أدانَ به كاتبنا العلوي لجبنه الذي وصم به غيرَهُ . ويستشهد الكاتب بقول المعري فيقول ....... تعالى الله فهو بنا خبيرٌ قد اضطرت الى الكَذِبِ العقولُ نقول على المجاز وقد علمنا بأن الامر ليس كما نقـولُ ويعلق الكاتب فيقول [ ولا شكّ ان المجاز ـ الكذب الذي يقصده هو في لزومياته المؤمنه فهو مضطر الى إعلان ايمانه وغير مضطر الى اعلان كفره . أقول كان على الكاتب ان يقول كان المعري مضطراً لمجاراة الناس على ايمانهم للتضليل بآرائهِ وخلط الاوراق وهذا هو النفاق بعينه وربما يقول قائل انها التقيه فأقول ان التقية لاتكون بهذه الصوره وعلى هذا ينقل الكاتب شاهداً فيقول : [ أرى زمناً تقادم غير فانٍ فسبحان المهيمن ذي الجلالِ ] فيعلق الكاتب فيقول [ ففي صدر البيت فكره فلسفيه وفي عجزه تسبيحة لاعلاقة لها بالفكرة وانما سبّح للتعمية ويورد شاهداً اخر فيقول : [ خالق لا يُـشـكُّ فيه قديم وزمانٌ على الانام تقادمْ ] ويُحِبُ اي المعري ان يكون الشطر الاول غطاءً للثاني لأن الاول مؤمن والثاني مارق ] . ويقول الكاتب وفي تكتيك آخر يُعلنُ رأيه بصراحة ثم يعقب عليه بالدعوة الى الصمت وتحاشي الجرأة في الكلام ويذكر الشاهد فيقول ....... ولستُ اقولُ أنَّ الشُهبَ يوماً لبعث محمدٍ جُعِـلتْ رُجوما فأمْسِكْ غَربَ فيكَ ولا تُعوّدْ على القول الجراءةَ والهجوما وشاهد اخر يقول فيه : ولو لم يرد جور البزاة على القطا مكوّنها ما صاغها بمناسرِ رأيتُ سكوتي مَـتجراً فلزمته اذا لم يُـفـدْ ربحاً فلـستُ بخاسرِ ويعلق الكاتب فيقول في اللزومية الاولى طعن في خبر قراني وفي الثانية حَـمّل الخالقَ مسؤولية العدوان في الطبيعة ويعقب الكاتب فيقول عموماً خدمت هذه الاساليب اغراضه في التعمية على المؤسسة الدينية بحيث حالت دون الاتفاق على قرار بشأنه ] انتهى قول الكاتب فأقول وأختم قراءتي بأبيات اوردها الكاتب للمعري فيقول ...... قد ترامت الى الفساد البرايا واستوت في الضلالة الاديانُ أنــا اعـمى فـكـيف أهـدي الى الـمنهـج والـناسُ كـلّـم عـمـيـانُ أقول كفى بالشاعر حين اقر بحقيقة عماه واعني عمى البصيرة نعم انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور . وأودُّ التنويه الى أنّ الكاتب هادي العلوي ماركسي الفكر يتفق والمعري في تفضيل حرق جثمان الميت كما في قول المعري ...... فاعجب لتحريق اهل الهند ميّـتهم وذاك اروح من طول التباريحِ إنْ حرّقوهُ فما يخشونَ من ضبعٍ تسري اليه ولا خِفيٍ وتطريحِ والنار أطيبُ من كافور مـيتنا غِـبّاً وأذهبُ للنكراء والريحِ ومعنى الخِفي هو النبش كما ذكره العلوي وفي تفضيل الحرق على الدفن ينقل لنا الكاتب شاهداً اخر فيقول : اذا حَرّق الهنديُّ بالنار نفسه فلم يُبقَ نحض للتراب ولا عظم فهل هو خاش من نكير ومنكر وضغطة قبر لايقوم لها نظم ؟؟ أقول أنّ شاعرنا المعري خالف فلسفته بالحرق فلم يوصِ وقـد دُفِنَ في المعرّة معرة النعمان في سوريا ، وأمّـا كاتبنا العلوي فطلب أنْ يُدفنَ جثمانه في إيران إلّا أنّ الايرانيين رفضوا دفنه كما سمعتُ من بعض الناس ولم يوصِ بحرق جثمانه حسب عـقـيدتـهِ التي تبناها وذَكَـرَ أخوه حسن العلوي في هامشٍ من كتابه عمر والتشيع أنّ أخاه نُقِـل من الصين الى سوريا مريضاً ومات ودُفِنَ فيها سنة 1998 و ذكر ايضاً ان سبب انتقال اخيه هادي من اسلامي متزمت الى ماركسي مُلِـحد هو موت أمّـهما المبكر وهي في ريعان الشباب وهذا إنْ دلّ على شيئ فانّما يدل على عدم توازن عقلية هذا الكاتب وهشاشه ايمانه وإنّـا لله وإنّـا اليه راجعون . الدنمارك / فايلا الاربعاء في 14 / آيار / 2008 الحاج عطا الحاج يوسف منصور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here