عرض وتعليق حول كتاب ناظم كزار.. سيرة أقوى (مدير أمن عام) في تاريخ العراق الحديث

نشر السيد (أبو ناديا) – هكذا وقع مقالاته بالاسم المذكور – سلسلة من المقالات التي تناولت بالعرض والتحليل كتاب (ناظم كزار) لمؤلفه الزميل شامل عبد القادر وبرغم جميع التعليقات التي وردت من قبل (أبو ناديا) فانها تعبر عن رأيه الشخصي وهو حر فيما ذهب إليه مع تقديرنا واحترامنا لمبدأ الرأي والرأي الآخر.
ذاكرة عراقية

بقلم / أبو ناديا
الحلقة الاولى
فِي كتاب جديد نشره المؤلف شامل عبد القادر تحت عنوان (ناظم كزار.. السيرة السياسية والشخصية 1940-1973) يوضح فيه سيرة وشخصية ناظم كزار بعد أن زودته العائلة ببعض المعلومات والصور الشخصية، كما قال مؤلفه ليس دفاعا عن شخصية ناظم كزار كما يظن البعض ولا تزكية له، بل أراد المؤلف أن يكشف بعض الجوانب الخفية من حياة ناظم كزار والتي ربما لا يعرفها البعض، وهذه الجوانب الخفية التي عرضها الكاتب أدت إلى نفاد الطبعتين من هذا الكتاب، بعد أن طبع مرتين. يقول الكاتب شامل: ان ناظم كزار.. شخصية عراقية تداول العراقيون عنها الكثير من القصص والحكايات والمواقف، وقد شغلت مساحة واسعة في تاريخ العراق السياسي الحديث، ارتأيت تسليط الضوء على هذه الشخصية المثيرة للجدل في كتاب موسع تحليلي مصور على الرغم من شحة المعلومات المتوفرة عن هذه الشخصية، لأن ناظم كزار كان مقلا جدا في الظهور الإعلامي، بل كان يتحاشى الأضواء والتصريحات كليا، ليس بحكم منصبه الأمني المهم، بل لأن شخصيته بطبيعتها غير ميالة للتصريحات والتألق الإعلامي، وتفضل الانزواء بعيدا في الزاوية المعتمة!. الكتاب يحمل عنوان (ناظم كزار.. السيرة السياسية والشخصية 1940-1973) فيه معلومات دقيقة مستقاة من مصادر موثوقة عن شخصية ناظم كزار، ويضم الكتاب بين دفتيه تحليلا؛ ينشر للمرة الأولى، عن حركة ناظم كزار وأسباب فشلها، والدور السوفيتي في الكشف عنها، وبالتالي إفشالها لمصلحة البكر – صدام، وعن دور السفارة السوفيتية في التغلغل بين فريق ناظم الخاص باغتيال البكر – صدام. كما يحتوي الكتاب؛ ولأول مرة، على صور نادرة وتاريخية لناظم كزار لفترات من حياته. وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر الجزيل لعائلته المحترمة، وفي المقدمة الأستاذ الدكتور محمود كزار الذي ساعدني كثيرا في هذا المجال. التقيت الدكتور محمود كزار لازم شقيق المرحوم ناظم كزار مدير الأمن العام العراقي في مكتبي بعد موعد مسبق نظمه لنا الأخ الصديق الدكتور كريم النداوي صهر المرحوم الشهيد بدن فاضل. وكانت فرصة تاريخية بالمعنى الحرفي للكلمة، لأن عائلة ناظم ومنذ إعدامه في تموز 1973 قاطعت الإعلام والصحافة الرسمية بسبب الموقف السلبي الذي اتخذ ضد ناظم وبطريقة ظالمة وتعسفية، وبعد زوال النظام السابق تهيأت الفرصة لكشف الحقائق وتسليط الأضواء على شخصية ناظم كزار من دون تبشيع وتلفيق وتحريف. في الواقع تعرض ناظم أكثر من غيره من الشخصيات الأمنية في عراق البعث إلى التشويه المتعمد والإساءات البالغة. وروج النظام السابق عنه قصصا وحكايات مرعبة لا يمكن تصديقها، ونسبت له أكاذيب مثل أحواض التيزاب والمثرمة!. ناظم لم يكن أكثر إجراما وعنفا وقسوة من سعدون شاكر الذي مهد الطريق لصدام في تصفية المنافسين عبر التصفيات والاغتيالات التي أشرف عليها سعدون وبتوجيه مباشر من صدام، ونفذ عمليات مرعبة ضد المعارضين في الداخل والخارج، واستمر سعدون يعاضد صدام في جرائمه لسنوات طويلة، وفي المقابل إذا قورن ناظم ببرزان التكريتي فإن الأخير بطبيعته المتخلفة الهمجية فاق الكثيرين إجراما وقتلا، ولم يتردد هو وأشقاؤه وطبان وسبعاوي من قتل بعثيين كبار في القيادة لحساب صدام. لم يثبت ولا يوجد دليل واحد أن ناظم قتل بعثيا واحدا في أي مستوى في الحزب، ولم يشارك أو يشجع عملية تستهدف تصفية أي بعثي، بالعكس تماما من صدام وسعدون شاكر وسبعاوي وفاضل البراك وبرزان التكريتي الذين شاركوا في تصفية كثيرين بعضهم نجوم لامعة في سماء العراق السياسي، مثل عبد الكريم الشيخلي وعبد الخالق السامرائي وغيرهما. ناظم لم يقتل أو يغتال أو يعذب بعثيا واحدا طوال فترة رئاسته للأمن العامة على العكس تماما من صدام وسعدون شاكر وبرزان إبراهيم وعلي حسن المجيد الذين أخرجوا مسرحية قاعة الخلد في22 تموز 1979 ولفقوا تهمة التآمر لرفاقهم فأعدموا (22) بعثيا قياديا بينهم خمسة من أعضاء القيادة القطرية، و(23) آخرون سجنوا وعذبوا، وقتل بعضهم داخل السجون. ولا نخفي سرا، أن بعض المحكومين تعرضوا للاعتداء الجنسي في سجن أبو غريب ومعتقل الحاكمية بموافقة صدام وبرزان، كما قتلوا المرحوم عبد الخالق السامرائي عضو القيادتين القومية والقطرية.. وتمت تصفية منيف الرزاز الأمين المساعد للحزب بأوامر من صدام.. فأين نضع ناظم كزار من جرائم صدام حسين وسعدون شاكر وبرزان التكريتي وعلي حسن المجيد الذين قتلوا من البعثيين ما لم يتجرأ أي نظام سياسي عراقي قبل مجيء صدام على قتل أمثالهم!. إذا كان ناظم – وهذا ليس دفاعا عنه بل توثيق للأمانة التاريخية – قد عذب البعثيين اليساريين والشيوعيين من جماعة القيادة المركزية واللجنة المركزية أو أمر باغتيال بعضهم بدوافع سياسية باركها البكر وصدام، وأوامر مباشرة منهما خلال الفترة 1968-1973 فإن جماعة مكتب العلاقات العامة برئاسة صدام وأخيه غير الشقيق سبعاوي إبراهيم ومن بعد رئاسة المخابرات؛ هم الذين اغتالوا ناصر الحاني وعبد الرزاق النايف وحردان التكريتي وعبد الكريم الشيخلي ووهاب كريم وعشرات القياديين البعثيين من الصفين الثاني والثالث!. هل يبدو لنا ناظم كزار حملا وديعا قياسا بالجرائم البشعة التي ارتكبت بعد عام 1973 وذهب ضحيتها عشرات المناضلين من أهل العراق ثمنا لطموحات صدام حسين وتشبثه بمشروعه الخاص ليصبح رئيس العراق بأي ثمن، بعد أن سخّر لتنفيذ المشروع عمالقة الشر والجريمة الذين احتضنهم ورعاهم؟!. يجب أن نعلم أن كل ما حذّر منه ناظم تحقق بعد سنوات قليلة من حكم صدام.. حذّر من العشائرية في الحزب ومناصب الدولة، وتغلغل أهل العوجة من أقارب البكر وصدام، وتحقق الأمر في عهدهما، واستفحل في عهد صدام إلى درجة مقرفة، بحيث أصبح عريف في الجيش وزيرا للدفاع، وولده المراهق مشرفا على الحرس الجمهوري، ومعلم أمي مديرا للمخابرات، وفلاح بدائي مديرا للأمن العامة، ومضمد صحي في الدبلوماسية العراقية. منح عشرات الأميين رتبة ملازم، وعين مئات أخرى من دون أي تحصيل دراسي في الأمن الخاص والمخابرات والقصر والحمايات الخاصة من أقاربه وأبناء عشيرته، ناهيك باستهتار ولده عدي وفضائحه المالية والأخلاقية، وقبله جده خير الله طلفاح الملقب بـ(حرامي بغداد). ولم يكتفوا بسرقة المناصب واغتصابها من دون أي وجه حق، بل راحوا يتقافزون كالدجاج منفوش الريش للحصول على الشهادات العليا، والبعض منهم زوروا له شهادة الابتدائية والإعدادية للدراسة في الجامعة، والبعض رشحوا للدراسات العليا ونالوا الماجستير والدكتوراه مثل، الفلاح الأمي سبعاوي وسائق الدراجة موزع البريد عبد حميد حمود وعشرات الأميين الذين مكنهم ابن عمهم صدام من الحصول على (مخ الهدهد). كان الناس والبعثيون المخلصون متذمرين من استهتار أقارب صدام واستغلالهم البشع للثروات والنفوذ بحكم وجود ابن عمهم على رأس السلطة، ناهيك تجاوزاتهم على أقدار الناس ومقاماتهم وعشرات الأمثلة السيئة التي حذر منها ناظم رحمه الله. فقد حذّر كلّ من ناظم كزار ومحمد فاضل وعبد الخالق السامرائي من تحول الحزب إلى حكم العشيرة والأقارب، لكنه تحوّل فعلا وحقيقة إلى أسوأ نموذج تنظيمي في تاريخ البعث. كما كان عبد الخالق السامرائي يحذّر من سجن الحزب في (قصر النهاية)، وكان كثير الملاحظة للعاملين الكبار في قصر النهاية كناظم ومحمد فاضل وآخرين حول تجاوزاتهم بحق العناصر الوطنية والشيوعيين المعتقلين في القصر!. بصراحة شخصيا، أشك بكل الرواية الحكومية الرسمية، لأن مصدرها خصم وعدو لناظم وجماعته، فمن يؤكد أن مطالب ناظم التي دعا إليها عبر جهاز اللاسلكي هي نفسها التي أذاعها صدام من دون تحريف أو إضافة..؟!. وكيف يثبت لنا صدام وسعدون شاكر وبرزان التكريتي تورط عبد الخالق السامرائي في حركة ناظم كزار؟! ما الدليل الآخر غير الحكومي الرسمي؟!. إن صدام والسلطة هما وحدهما اللذان كانا يمتلكان الحق المطلق بالكلام والتصريح، أما المتهمون ناظم وجماعته فلم تسنح لهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم، ولم يمنحوا هذه الفرصة على الإطلاق، وما قيل عن تحقيق ومحاكمة هو مجرد أكذوبة من أكاذيب صدام حسين، وقد اكتفى صدام بالتحاور السريع مع ناظم، وهو مقيد اليدين ثم أمر ساعده الأيمن سعدون بإعدام ناظم بالرصاص!. إن جرائم كثيرة ارتكبت بعد رحيل ناظم، كان قد حذّر الرجل من وقوعها، مثل قتل الشيوعيين ومطاردتهم وإجبارهم على الالتحاق فيما سمي بالصف الوطني وتحطيم الجبهة الوطنية بتوجيهات من صدام لفرض صيغة الحزب الواحد بدلا من صيغة الحزب القائد، ثم التمهيد لصيغة الرجل القائد. إذاً كان ناظم على حق 100% في حركته الانقلابية ضد العشائريين والمناطقيين من منتسبي البعث.. وهناك حقيقة لمسناها جميعا وقد لمسها ناظم قبل الجميع بسنوات؛ وهي افتقار البكر وصدام وبعض البعثيين في القيادة إلى العمق الفكري البعثي المجرد من العشائرية والعنصرية.. كانوا عشائريين وعنصريين وطائفيين في تعاملهم. وقد منح صدام الضوء الأخضر لجميع أقاربه بالتسلق إلى المراكز العليا، وهو طبق 100% الآية الكريمة (الأقربون أولى بالمعروف)!، بينما نجده يقذف بآية قرآنية ثانية عرض الحائط (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، ولا يعيرها أي اهتمام واحترام، بحيث كان يحاسب المتهم حتى الدرجة الرابعة من أقاربه، بينما كان أقاربه وأفراد عشيرته خارج المساءلة والقانون برغم ارتكابهم عشرات الجرائم والتجاوزات، وكان صدام يطلق سراحهم فورا حال صدور الأحكام القضائية عليهم، بينما لا يتردد لحظة عن إعدام طفل باع بطارية قلم بسعر يفوق السعر الرسمي بفلس!. بصراحة؛ وللحقيقة التاريخية، أعد – من وجهة نظري وهذا ما ثبته في مقالات لي سابقة عن ناظم كزار نشرتها، وأعدت نشرها في كتابي «مجزرة قاعة الخلد» الذي طبع ثلاث طبعات- ناظم كزار؛ هو البعثي الأول الذي تمرد على عصابة البكر – صدام إخلاصا منه للحزب ومبادئه بعد أن لمسَ بشكل جلي الانحراف والتشويه في مسيرة الثورة التي رسخ من وجودها بجهوده وسهره ودم قلبه، ولاحظ ببيانات وشواهد واثباتات محاولات البكر وصدام في تعزيز قوة وجودهما العشائري والمناطقي على حساب المبادئ البعثية التي آمن بها ناظم وسجن وتشرد بسببها!. وللحقيقة التاريخية أنفي من جانبي ثورة كزار أو انتفاضته ضد البكر – صدام بسبب العامل الطائفي والعنصري.. هذا غير صحيح أبدا.. لم يتمرد كزار ويضحي بحياته ومنصبه بسبب ما زعمه الآخرون من أنه كان يشعر بالظلم الطائفي، لكونه شيعيا أو «شروكيا» من الجنوب، كما حاول أحد الكتّاب ترويجه بعد عام 2003.. لقد انتفض كزار من أجل مبادئ الحزب التي آمن بها والتي أدرك هو قبل غيره بحكم منصبه الخطير والمعلومات التي وضعت تحت تصرفه ما كان يفعله البكر- صدام بالدولة والحزب.. كما أؤكد أن ناظم لم يكن ضد التكارتة أو أهل العوجة من أقارب البكر وصدام كأشخاص، بل كان ضد خرق نسيج الحزب ومبادئه أو استغلال المواقع القيادية في الدولة والحزب لتعزيز السلطات الشخصية وتحقيق الطموحات الفردية كالتي كان ينجزها صدام حسين منذ الأيام الأولى لنجاح انقلاب 17 تموز 1968. وأود إعلام القارئ العزيز أن هذا الحوار أنجز بعد تحضيرات عسيرة استغرقت أكثر من عام.. وأود إعلام القارئ أيضا، أنني سبق أن تسلمت ردا على موضوع نشرته عن ناظم كزار في هذه الصفحة في عام 2005 وكان الرد بتوقيع عائلة المرحوم ناظم، وتحديدا بتوقيع شقيقاته الفاضلات في مقدمتهن السيدة الفاضلة نظيمة كزار. وهنا استثمر نشر هذا الحوار لأعلن للقارئ الكريم عن قرب طبع كتاب موسع ومصور من تأليفي عن ناظم كزار يتضمن حقائق ومعلومات جديدة غير منشورة من قبل عن ناظم كزار وسيرته الشخصية والسياسية وتفاصيل عن حركته في 30 حزيران 1973، كما زودني الدكتور محمود شقيق ناظم بصور جديدة لم تنشر من قبل أيضا عن ناظم ستنشر في صفحات كتابي الجديد، علما ان لناظم صورة واحدة يتداولها الإعلام العراقي والعربي فقط، فقد كان الرجل عازفا عن الأضواء والإعلام، وأخبرني الأخ محمود أن مجموع الصور التي التقطت لناظم وبقيت محفوظة حتى الآن هي (8) صور فقط!.

تعليقنا (أبو ناديا):
يُحاول الكاتب أن يعرض وجهة نظره، ويبعد أو يتغاضى عن تهمة التآمر التي أقدم عليها ناظم كزار بالاتفاق مع حافظ الأسد ضد صدام والبكر. فالأسد كان يعلم بالمؤامرة المخطط لها ولم يخبر صدام عنها، وكان ثمرة اكتشاف هذه المؤامرة القطيعة بين القيادتين العراقية والسورية. كان ناظم لطيف المعشر مع رفاقه وأصدقائه وليس متكبرا على أي فرد، وليس شريرا كما يدعي أعداؤه، بل يحب مساعدة الآخرين. هذا ما أعرفه عنه عندما كنا نسكن في نفس المنطقة في سبع أبكار الاعظمية. لقد انتقلت عائلة كزار إلى هذه المنطقة عام 1965، وترتبط سبع أبكار بالكريعات والصليخ عن طريق المزارع وبساتين النخيل التي تنتشر بكثافة في تلك المنطقة وعلى جانب قناة الجيش في ذلك الوقت. ومسقط رأس أجداده هي مدينة العمارة في ناحية (الشطانية) ولكنها استقرت في بغداد منذ فترة طويلة، وولد ناظم في العاصمة بغداد. وأتذكر بعد ثورة 17 تموز عام 1968 مباشرة اتصل بي الرفيق المرحوم سالم الشكرة والد المرحوم الوزير فهد الشكرة وقال لي أن الرفيق ناظم كزار يريد مقابلتي. فذهبت معه حسب الموعد، وقدم لي المرحوم ناظم كزار مسدسا عيار 13 ملم مرسل من صدام حسين للدفاع عن نفسي بعد ان تم اقتحام وكر للحزب الشيوعي في الوزيرة قرب السدة واكتشفوا وجود قائمة اغتيالات للبعثيين النشطاء، وكان اسمي في ضمن قائمة الاغتيالات. يذكر القاضي منير حداد، ان ناظم كزار أعدم بتقطيعه أجزاء وهو حي.. فقئت عيناه وغمس ذراعه في التيزاب الذي كان يذيب المعتقلين فيه، ولم يتخاذل أثناء مجادلته صدام، يرد عليه بأقذع الألفاظ التي تليق به. فهذا الشيء لم يحصل ابدأ فقد اعدم رميا بالرصاص ووقف بصلابة في ساحة الإعدام ولم يصبه الجزع مطلقا وفق شهادة الذين حظروا ساعة الإعدام. لقد اشتهر ناظم كزار في نضاله الحزبي مع صدام منذ بداية ثورة 14 رمضان عام 1958 وكان اليد الضاربة لحزب البعث في ذلك الوقت منذ محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في 7/ 10/ 1959 ويقول بهذا الصدد شوكت خزندار كشف ليّ هذا الأمر (سليم عيسى الزئبق) وهو أحد العناصر المشاركة لاغتيال قاسم، عندما كنا معاً في موقف التسفيرات في بغداد في أكتوبر 1962، ومن ثم في سجن نقرة السلمان آنذاك كان سليم الزئبق آمر الحرس القومي (حراسة سجن السلمان) حيث قال وجهاً لوجه: ان ناظم كزار وصدام حسين متحالفان ومتآمران معاً ضد أمين سر القيادة القطرية (فؤاد الركابي). صدام هو الذي فرض ناظم كزار مديرا للأمن العام، فهو كان «حاسوب.. لا يخطئ، وموهبة أمنية فائقة». وكان يشاع عنه انه يقضي عشرين ساعة من العمل اليومي المتواصل، ولا ينام إلا ساعات قليلة، مغرما بالتحقيق ويقال أيضا انه كان يتناول لفة متواضعة من الطعام.

الإشاعات التي انتشرت بعد فشل المؤامرة
ذكر القيادي الشيوعي شوكت خزندار في مقال له، كان أحمد حسن البكر، في زيارة رسمية الى بلغاريا، وكان موعد عودته الى بغداد هو يوم 29 حزيران عام 1973 أشيع وقيل، ان الرئيس البلغاري (جيفكوف) أخر عودة البكر بسبب الأجواء الرديئة للطيران، وقضى ليلته في مدينة (فارنا) البلغارية، على ان يعود البكر يوم 30 حزيران بدل 29 منه. أعتقد ناظم كزار، على ان خطته الانقلابية قد تم كشفها، بعد ان كان قد هيأ لعملية اغتيال البكر وصدام وعدد كبير من اركان الدولة.. وفي يوم 30 حزيران عند عودة البكر، قام كزار بعمليته الطائشة وغير المدروسة أصلاً، قيل انه كان في حالة هلع وهيجان، تمكن صدام من دفع ناظم كزار للقيام بحركته الفاشلة.. وكان صدام نفسه قد طلب من البكر بعدم عودته يوم 29 حزيران 1973 م على ان هناك خطراً يهدد حياته. أي ان صدام حسين كان على علم بتفاصيل حركة ناظم كزار، وان ما نقل عن الرئيس البلغاري في تأخير عودة البكر، كان من ضمن سيناريو وضعه صدام نفسه وبعناية. ويدعي شوكت خزندار انه في البداية بدأ صدام بتسريب أقواله الى أسماع ناظم كزار ويصفه بشتى النعوت والكلمات البذيئة.. هادفاً إثارة كزار ودفعه الى مغامرات طائشة ضد الحزب ودولة البعث وبعد ان وصل ناظم كزار الى قمة سطوته لكل ما يتعلق بأمور الدولة وكان يراقب بدقة من خلال أجهزته الأمنية، لكل ما يجري من التعيينات في مراكز الدولة الحساسة، شعر صدام بخطورة ناظم كزار، وصدام لم يكن يسمح ببروز أية شخصية أخرى، ما لم يكن تحت سيطرته التامة، فهو كان يطمح منذ البداية، أن يكون قائداً للدولة والحزب، فبدأ صدام يحبك الخطط الجهنمية، ليس للتخلص من ناظم كزار وحده، بل التخلص من كل خصومه في الدولة والحزب دفعة واحدة ونقله. ويستمر قائلا كنتُ أحد أعضاء مكتب منطقة (الوسطى) عندما استلمنا تقريراً من صديق مقرب للحزب، جاء فيه ما يلي: أحد الأشقاء الصغار (لكاكه فلاح ـ كادر شيوعي سابق) وهو من أهالي السليمانية كان قد تزوج من شقيقة (ناظم كزار) حسب رسالة الصديق، مرافق صهر كزار أفشى بسر وكلام صادر عن ناظم كزار، يقول كاتب التقرير ان كزار قبل حركته الانقلابية الفاشلة، صدر منه الكلام التالي: (هذا ليس بحكم لحزب البعث، انه حكم عشيرة وبالأخص حكم عائلة..، والله لن أجعل تكريتي يعيش حتى لو كان في آخر الدنيا، وأرض تكريت لن تعيش فيها حتى الحشرات مدى الدهر)؟ يقول كاتب التقرير نقلاً عن صهر كزار: (صدام يقول عند التحقيق لكزار، انتشلتك من سوق النخاسة، يا كلب يا شروكي.. كزار يبصق على صدام، ويقطعون لسان كــزار قبل التعذيب أو الموت ولكن لم يذكر لنا المصدر الحقيقي الذي سمع هذا الكلام منه إذن هذا الحديث الذي نقله صهر كزار لا يمكن الأخذ به!).
المشرق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here