هل يتأثر العراق جراء موقفه بشأن الجولان؟

أثارت قضية اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية التي احتلها في عام 1967، تفاعلاً واسعاً على الصعيد الدولي. وفي سياق ردود الفعل الرافضة للقرار، كان للعراق موقفاً أيضاً؛ فقد أعرب وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم عن رفضه الشديد «لشرعنة احتلال الجولان»، واعتبر خطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعدياً على القوانين والمواثيق الدولية.

ولقي إعلان الرئيس الأمريكي، الخميس الماضي، بأن «الوقت حان للاعتراف بسيادة إسرائيل الكاملة على هضبة الجولان» السورية معارضة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وروسيا ودول المنطقة.

وتحتل إسرائيل منذ حرب حزيران 1967 نحو ثلثي مساحة هضبة الجولان السورية البالغة 1700 كيلومتر، وأعلنت عن ضمها عام 1981، لكنها جوبهت بعدم الاعتراف الدولي.

ويوم أمس، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مرسوم تعترف بموجبه بلاده رسمياً بسيادة إسرائيل على الجولان.

وفي ظل المتغيرات الطارئة على دول المنطقة، واشتداد الصراع بين الولايات المتحدة وإيران؛ فإن العراق مُلزَم بالتفكيرِ ملياً قبل اتخاذه موقفاً تجاه القضايا في محيطه؛ إذ تعد المواقف عالية النبرة مخاطرة حقيقية على وضعه السياسي والاقتصادي والأمني المترنح، وفق مراقبين.

الموقف العراقي من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان أتى سريعاً على تويتر، حيث غرد وزير الخارجية محمد علي الحكيم قائلاً، إن «العراق يعتبر الجولان المحتل أرضا سورية أصيلة ولابد من إرجاعها للسيادة السورية كاملة وحسب قرارات مجلس الأمن ونرفض ضمها إلى الكيان الصهيوني تحت أي مبرر»، ولم تمضِ دقائق حتى هاجم المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف القرار، واصفاً إياه بـ «محاولة لشرعنة الاحتلال».

وأضاف الصحاف في سلسلة تغريدات، أن «دعوة الولايات المتحدة إلى الاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيليِّ على الجولان السوريّ يراها العراق تُعطي الشرعيّة للاحتلال، وتتعارض مع القانون الدوليّ»، مؤكداً تأييد العراق «قرارات الشرعيَّة الدوليَّة الصادرة عن مجلس الأمن الدوليِّ التي تنص على إنهاء الاحتلال»، فيما أشار إلى أن «تقادم زمن الاحتلال في وضع يده على الأرض التي احتلها لا يُكسبه الشرعيّة في السيادة عليها».

المخاطر

وبالنظر إلى هذه الأجواء المتشنجة، يبدو أن العراق يفاقم الحزازية في العلاقات مع الولايات المتحدة التي تولدت على إثر تحركات كتل سياسية لإخراج القوات الأمريكية من البلاد، إضافة إلى الدعوات المنادية برفض التعاون مع واشنطن في عقوباتها المفروضة على إيران.

سيناريو المخاطر التي تنطوي عليها هذه المواقف لا يبدو حالكاً، وبخصوصية أكثر فإن الولايات المتحدة تسعى بأكبر قدر ممكن للإبقاء على حبل الوصل مع بغداد الواقعة ضمن نطاق النفوذ الإيراني المتزايد. وهذا يرجّح كفة «قرصة الأذن» على إصدار عقوبات أو قرارات تضر العراق.

وتحدثت (باسنيوز) مع أحد الموظفين الدبلوماسيين في وزارة الخارجية – وهو على احتكاك مباشر مع الوزير محمد الحكيم – بشأن توقيت الموقف بالنسبة للعراق والرد المتوقع من الولايات المتحدة تجاه بغداد.

واستبعد الموظف الذي طلب عدم نشر اسمه، أن يلعب توقيت الموقف الذي أعقب فترة طويلة من الحديث والتهديد بإخراج القوات الأمريكية من العراق، دوراً في تدهور العلاقات بين البلدين، متوقعاً أن «أقصى ما يمكن لواشنطن القيام به في الأوضاع الجارية هو التضييق أكثر في الشروط الموضوعة بشأن استثناء العراق من استيراد الطاقة الإيرانية».

ولا تضرُ هذه الخطوة إن نفذتها الولايات المتحدة على حالة الطاقة في العراق؛ إذ تحاول بغداد في الآونة الأخيرة تحسين الإنتاج الداخلي للكهرباء، من خلال ترميم وتطوير المحطات الكهربائية قيد العمل أو تلك التي خرجت عن الخدمة إبان الحرب ضد داعش.

أهمية منعدمة

في المقابل، تنظر شخصيات في الأوساط السياسية والإعلامية بعين الاستصغار للموقف العراقي الذي لا يعدو أن يكون «ثرثرة» على منصات التواصل الاجتماعي ولكن بحسابات رسمية. ويعتبر هؤلاء العراق ضعيف التأثير عند تبني هكذا مواقف، نظرًا للهشاشة التي يمر فيها بالوقت الراهن.

في حوار مع الصحفي العراقي محمد السلطان، أكد لـ (باسنيوز) أن «وزن العراق في الساحة الدولية مازال خفيفاً، رغم المحاولات التي تدفع باتجاه توثيق علاقاته الدبلوماسية مع المجتمع الدولي».

وفقاً لذلك، يرجح السلطان أن الولايات المتحدة كانت تتوقع مواقفاً كهذه من العراق؛ لذلك أحجمت عن دعمه بشكل فعّال ليعود إلى المجتمع الدولي، ويمدد جسورًا حقيقية قائمة على المصالح المتبادلة.

إضافة لهذا، يقول السلطان، إن «أهمية هذه الخطوة (الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان) لدى الولايات المتحدة تكمن في توقيتها الذي تضرب به عصفورين بحجر واحد، فمن جهة توشك إسرائيل على إجراء انتخاباتها خلال أسابيع قليلة، والاعتراف يعزز من موقف حليفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومن جهة أخرى، فإن الإدارة الأمريكية تكسب تأييدًا أكبر في ظل تصاعد زخم الشعبوية هناك».

وبينما تختلف الآراء والاتجاهات حول الأبعاد التي ستنعكس عن القرار الأمريكي وموقف العراق الداعم للموقف الدولي، تواصل الولايات المتحدة كسب ود العراق وحضه على الوقوف إلى جانبها في مواجهة إيران؛ إذ تعد هذه القضية أكثر أهمية لدى الإدارة الأمريكية من مسألة الجولان «الشكلية».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here