أدب الطفل في العراق منذ العام 1922 ومراحل تطوره وتعثره حتى اليوم ندوة لتجمع شارع المتنبي الثقافي

تضامن عبدالمحسن

تصوير محمد فاضل


اقام تجمع شارع المتنبي الثقافي محاضرة اقترنت بالعلمية لما تضمنته من احصاءات وقراءات بحثية، قدمتها الاستاذة الجامعية في جامعة بغداد الدكتورة طاهرة داخل، صباح يوم الجمعة في المركز الثقافي البغدادي في المتنبي، وشهدت حضورا متنوعا من مختلف الاوساط الثقافية.

بدأت الدكتورة محاضرتها مستشهدة بمقولة لتولستوي، “من السنة الخامسة الى سن الخمسين خطوة واحدة، ولكن من الطفل الوليد الى السنة الخامسة مسافة شاسعة جدا”، اي ان الخمس سنوات الاولى هي التي يبنى فيها عقل وفكر الطفل وثقافته، ويتم فيها توجيهه، وذلك ما اثبتته جميع الدراسات التي صبت في علم النفس الاجتماعي والتربوي من خلال احصائيات ودراسات مكثفة على مختلف الاطفال، وبضمنهم الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

متى بدأ أدب الاطفال في العراق

أكدت د.طاهرة (نشأ أدب الاطفال في العراق عام 1922 وهناك حقيقة ملازمة لنشأة ادب الاطفال والتي تقول ان الأدب نشأ على صحافة الطفل وان المهتمين الذين اسسوا لثقافة الطفل وادبياته هم من فئة المعلمين وفيما بعد دعم الادباء ثقافة الطفل).

فأول مجلة ظهرت في صحافة الطفل كانت بعنوان (التلميذ العراقي) بادارة سعيد فهيم صاحب الفكرة، والتي تعد القاعدة الاساسية لأدب الطفل، ولكنها لا تعد التجربة الفنية التي تحتوي على جميع اشتراطات الكتابة للطفل.

مشيرة الى انه بسبب قلة الخبرة وانعدام الاصدارات في هذا المجال، فقد كانت القصص تقريرية تتحدث عن التلميذ بالدرجة الاولى وبشكل تربوي. وبعد ذلك تناول الادباء العراقيين الرواد ادب الطفل من امثال الرصافي والزهاوي وسواهم.

وفي عام 1969 صدرت مجلة (مجلتي)، للأطفال من عمر 3-10 والتي مازالت تصدر الى اليوم، وبعدها صدرت مجلة (المزمار) عام 1970، للأطفال من عمر 11- 15 سنة.

مرحلة 1980

وهي المرحلة التالية بعد رخاء السبعينات والاستقرار الاقتصادي، وتعتبر الاهم في ثقافة الطفل إذ اصبحت الفكرة ناضجة للكتابة وظهر عدد كبير من الاصدارات التي تنوعت كما نوعا، منها سلاسل ادبية مختلفة وقصص ومجلات ومجلدات، بالاضافة الى مجلتي والمزمار. كما اخذ الكتاب يكتبون بطريقة جميلة، متناولين كل مايخص الطفل وبناء شخصيته.

لافتة الدكتورة طاهرة الى ان بظهور الحرب العراقية الايرانية اخذت الكتابة تميل الى العسكرة، وتناول القتل والموت وظهور رسومات الطفل العسكري، وجندت جميع المطابع لطبع القصص واصدار المنشورات المتعلقة بالحرب، داعية الى ان هناك مضار في هذا المجال بسبب تناول قصص الموت وعودة الروح والخلود، مشيرة الى انه (في هذا المجال لم نستطع ان نعطي اراءً علمية دقيقة سوى انطباعات ووجهات نظر، وقد طلبت وبحثت في دراسات علم النفس في جامعات بغداد، ولكني لم اجد شيئا في ذلك المجال). ولكن في عام 1986 تضاءلت هذه الاصدارات.

في التسعينيات

وهي مرحلة الحصار الاقتصادي التي انعكست بشكل كبير جدا على هذا المجال، حيث اتسمت بالجنائز الجماعية والتي انعكست على شعر الاطفال وقصص امريكا والحصار ايضا كانت من ابرز المواضيع، وبالعودة الى الخطوط الحمراء في ادب الاطفال تقول الدكتورة طاهرة انه لايجب تناول السياسة والحرب والموت، ولكن في الثمانينيات تكلموا عن الحرب وفي التسعينيات تناولوا السياسة.

وهنا توقفت المطبوعات تماما، ووالتي ظهرت باللونين الاسود والابيض، واحيانا يضاف الاحمر فقط، وهو لون الدم.

بعد 2003

خلال اربع سنوات، تشير طاهرة، الى ان دار ثقافة الاطفال طبعت ثمان مطبوعات فقط، بعدها تم معاودة الطبع والنشر لكتب كانت جاهزة قبل 2003، وتم طبعها في دار الشؤون، وبالنسبة لمجلتي والمزمار فانها صارت تطبع كل ستة اشهر.

اما مايحدث في الشارع الادبي الآن في مجال الطفل، فقد اصبحت معظم المؤسسات تكتب للأطفال وكذلك جميع العتبات الدينية وبعض منظمات المجتمع المدني، وذلك يعد سيف ذو حدين، اذ هل ان كل ماينشر هو بمستوى الطموح، حيث تعتبر “طاهرة” ان ادب الاطفال هو ادب عالمي، اي ان القيم التربوية واحدة في كل العالم باستثناء مايتقاطع مع الدين، وان مايصدر عن هذه المؤسسات يتناول القيم الاخلاقية التربوية الاجتماعية فقط، وكأن الحياة لاتتوافر فيها سوى هذه القيم الثلاث، رغم اهمية هذه القيم ولكنها تشبه وضع المسطرة التي تجعل الطفل تابع بشكل اعمى، ولكن ماينبغي فعله هو خلق عقل مفكر ومبدع وباحث.

كما عرجت الباحثة في محاضرتها قضية رسم هيئة البنات في القصص والتي غالبا تأتي وهن يرتدين الحجاب، ولكن (يجب خلق حرية الاختيار لدى الاطفال من خلال القصص لصناعة طفل قادر على اتخاذ القرار) دون مصادرة حريته.

اما مايخص المناهج التربوية فقد أكدت بانها تطورت في تناول القصص، حينما ضمنتها حقوق الانسان والمباديء الاخلاقية المختلفة، ولكن في دراسة عن (الانثى) اتضح انها مهمشة ودورها بسيط، وحوارها قليل وليس لها اي دور ايجابي وبدراسة قدمتها الدكتورة طاهرة حول المنهاج اكدت فيه على اهمية تنمية دور المرأة في القصص فيما يخص وضعها الاجتماعي والعلمي والوظيفي.

كما اشارت الى ظهور اصدارات للديانة المسيحية، حيث لم يكن لهم الحق في الكتابة قبل 2003، في حين ظهرت مجلة الزنبقة بعد 2003 وتناولت قصص مختلفة. وهذا دعا الى تنوع الكتابات من مختلف الاديان والطوائف.

كان للحضور مشاركات ومداخلات أكدت خلالها رئيسة رابطة المرأة العراقية شميران مروكل على أهمية التنسيق بين وزارتي التربية والثقافة للإهتمام بأدب الطفل لما له من أثر في تنشئة جيل أرشد الوتري على اهمية تنوير فكر الطفل من خلال القصص والاحتفاء بالمبدعين منهم وبنتاجاتهم الفكرية.

واختتمت المحاضرة بتقديم الشهادة التقديرية تثمينا للدكتورة طاهرة داخل وكل ماتقدمه للطفولة في بحثها العلمي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here