هل ننتحر!!

هل ننتحر!!
الإنتحار هو الإجهاز على الذات والموضوع , ويكون فرديا أو جماعيا , أو مجتمعيا مباركا بهيجان هستيري مؤجج إعلاميا وفكريا , ومؤدلج وفقا لمقتضيات تحبيب الموت والعدوان على الحياة.
الأفراد ينتحرون!!
المجاميع تنتحر!!
الشعوب تنتحر!!
الأمم تنتحر!!
الأحزاب والفئات والطوائف تنتحر!!
وتلك سنة السلوك البشري فوق التراب منذ الأزل , وبموجب إرادة الإنتحار إنقرضت العديد من الأمم والخلائق وحلّت مكانها أمم وشعوب جديدة , وكأن لكل أمة أجلها , ولكل مسيرة نهايتها , ولكل صعود هبوط بتعجيل متناسب مع ما وصل إليه من علو.
والأرض تدور , وإرادتها الدورانية تتحكم بمصير الموجودات , ولا يمكن لموجود التحرر من قبضتها , ولهذا فأن إعادة تصنيع المكونات الحية على ظهرها يتواصل بعنفوان وقسوة ونشاط دائب , وقدرات متجددة ومتصاخبة.
فلكل موجود دوره المعلوم المحسوم , ولكل غاية وسيلتها , ولكل مسيرة هدفها , ولكل تفاعل نتائجه الكامنة فيه , ولكل إرادة تأثير , ولكل فكرة صيرورة معلومة تمثلها , وما أن تحل برأس فأنها تبدأ بصياغة رمزها والتجسد بغيره من الرؤوس.
تلك بعض نواميس الأحداث الجارية فوق التراب , والمحكومة بسطوة الدوران وقدرات الأكوان , التي تفرض نواميسها على عناصر الكون المتصارعة المتأججة النيران.
فلن يكون إلا الذي يجب أن يكون , ولن يتحقق إلا ما يمثل طاقات الموجودات المتفاعلة في أي مكان وزمان , فالحياة بصورها المتنوعة مرآة لما تحتويه الموجودات حية أو جامدة.
والكينونة الكونية المطلقة مرهونة بالعناصر المعلومة في الجدول الدوري , وهي معدودة , وتؤلف أبجديات وجود لا ينتهي ويتجدد.
فهل ننتحر أو نندثر أو ننتصر؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here