المناطق السورية التي تسيطر عليها تركيا تصبح ملاذاً لمسلحي داعش

أرمين تيغراناكيرت
إنتشرت الأسبوع الماضي أنباء حول العالم عن القضاء على زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو إبراهيم القرشي على يد القوات المسلحة الأمريكية في إدلب السورية.  ونزلت قوات أمريكية خاصة من مروحيات في مدينة أطمة القريبة من الحدود التركية في الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس، وبدأت بعد ذلك بإقتحام المبنى الذي كان بحسبهم زعيم المسلحين. خلال المعركة فجر القرشي نفسه مما أدى إلى وفاته. ووفقا للخوذ البيضاء، قُتل إلى جانبه 13 شخصًا، بينهم أربعة أطفال وثلاث سيدات.
 
وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية كانت الأخطر على القوات الأمريكية الخاصة منذ عامين. كما تم القضاء على “الخليفة” السابق ، أبو بكر البغدادي، على أيدي الأمريكيين في نفس المنطقة في تشرين الأول/أكتوبر 2019. يشار إلى أن قياديي إحدى أخطر التنظيمات الإرهابية كانا يختبئان في مناطق شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا.
 
أثارت حادثة اغتيال القرشي تساؤلات كثيرة لدى الخبراء العسكريين. أهمها – كيف سمحت الأجهزة الأمنية التركية مرة أخرى بوجود مثل هذا الإرهابي رفيع المستوى في منطقة نفوذها؟ يتفق العديد من المحللين على أن أنقرة متورطة بشكل مباشر في إيواء مسلحي داعش، لأن تركيا لديها عشرات من نقاط المراقبة العسكرية في محافظة إدلب، التي لطالما كانت “مقاطعة تركية”.
 
الحقيقة التي لا تقل أهمية هي العلاقات الطويلة الأمد بين القرشي وتركيا. في يونيو 2014، قاد مفاوضات بين داعش وأنقرة لإنشاء قنصلية تركية في الموصل العراقية. في ذلك الوقت، قام القرشي شخصيًا بنقل موظفي السفارة من المدينة إلى منطقة آمنة، ومن هناك، بمساعدته الشخصية، تم إعادة توجيههم إلى تركيا. علاوة على ذلك، وبحسب بعض التقارير، فإن “الخليفة الثاني” لتنظيم الدولة الإسلامية كان من أصل تركماني، مما يدل على تعاطف القيادة التركية معه.
 
في المقابل، يشعر السكان المحليون بالقلق من هذا القرب الشديد من مقاتلي داعش. وأشار أحد سكان مدينة عفرين، الملقب بـ “نزار”، إلى مخاوف المواطنين المتعلقة بسلامتهم. وأضاف في الوقت نفسه: “تخطر ببالنا أسئلة كثيرة ، أولها كيف يمكن لمثل هذا الإرهابي رفيع المستوى التسلل إلى الأراضي الواقعة تحت السيطرة الكاملة للجانب التركي ومخابراته العسكرية التي تدعي أنها تقاتل الإرهاب، بما في ذلك مع داعش”.
 
كما أعرب ساكن آخر في مدينة عفرين، رغب في إخفاء إسمه، عن حيرته بعد الأحداث. “كيف يمكن أن يكون مقر إقامة القرشي على بعد كيلومترات قليلة من الحدود التركية؟ علاوة على ذلك، لطالما اعتُبرت هذه المنطقة آمنة، لا سيما وأن على بعد أمتار قليلة منها حاجز هيئة تحرير الشام ومنشأة عسكرية تركية.
 
إضافة إلى ذلك، يُشار إلى أن بعض الإرهابيين الذين فروا من سجن الصناعة في مدينة حسكة اختبأوا في تركيا نفسها. إضافة إلى ذلك، وبحسب منظمة “المرصد السوري لحقوق الإنسان” البريطانية، فإن اثنين من “أمراء” داعش الهاربين، إلى جانب أنصارهم، موجودون الآن في مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة مجموعات موالية لأنقرة شمال محافظة حلب.
 
 يتضح أن أنقرة تواصل دعم الجماعات الإرهابية في سوريا، رغم تصريحاتها بشأن محاربة الإرهاب الدولي. يعيش مقاتلو داعش بهدوء في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية، جنبًا إلى جنب مع المدنيين الذين لا يعرفون حتى ذلك. يطرح سؤال منطقي – إما أن أجهزة المخابرات التركية غير كفؤة، أو متورطة في إيواء إرهابيي داعش.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here