باحث يطرح مشروع “قناة النجف” لتقريب الموانئ الى بغداد

ان حفر قناة مائية تمتد من الخليج العربي الى بحر النجف وربطها ببحيرة الرزازة ليس حلما مستحيلا بعيد المنال، بل هو مشروع حقيقي من المؤمل تقديمه الى الحكومة العراقية لغرض دراسته بأبعاده العلمية المختلفة وتقييم جدواه الاقتصادية.
حيث يعكف باحث عراقي على دراسة مشروع حفر قناة مائية بطول 550 كلم تبدأ من اخر نقطة في ميناء ام قصر وتنتهي قرب بحيرة الرزازة غرب كربلاء، قناة قد يرى البعض انها ضربا من ضروب الخيال، الا ان الواقع العلمي والتجارب والحسابات الرياضية تثبت انه مشروع اقتصادي عملاق قابل للتطبيق، ليس هذا وحسب بل انه لن يكلف الدولة العراقية دينارا واحدا.
وذكر الباحث الذي طرح فكرة المشروع ان “تنفيذ هذه القناة بالإضافة الى كونه لن يكلف خزينة الدولة اية اموال تذكر، فانه أسهل مما قد يتوقع البعض سيما مع اعتماد اساليب عمل حديثة في مجال الحفر، وبالإمكان انجاز المشروع خلال وقت قياسي لو كانت هناك ارادة حقيقية لإنعاش الوضع الاقتصادي في البلاد”.
وأضاف، ان “مخططات وفق حسابات دقيقة للفكرة تم اعدادها، واهتمت بكل التفاصيل من حيث المسار وعرض القناة واعماق الحفر وطريقة الربط بالخليج عبر خور عبد الله والفكرة قابلة للتنفيذ تماما ولا يوجد على الارض ما يعترضها، علما ان وادي النجف منخفض اصلا”.
وتابع، ان “القناة لن تجعل الموانئ خلف بغداد وحسب، بل يمكن ان تصبح أكبر مزرعة للأسماك وغيرها من الكائنات البحرية، فضلا عن ان مسار القناة، وإذا ما أصبحت بعرض من (250_300م) سيكون أفضل حزام أمنى لمحافظات العراق الجنوبية والجنوبية الغربية”.

ويلخص الباحث مشروعه بالقول ان “مشروع قناة النجف المائية بطول 550 كلم وعرض (250-300م) تبدأ من اخر نقطة في ميناء ام قصر، وتنتهي خلف مقبرة وادي السلام في النجف الاشرف، اعتمادا على أسلوب التفجير الزلزالي كون المنطقة المستهدفة ذات طبيعة صخرية، ولان هذا الاسلوب في شق القنوات غير مكلف من ناحية الجهد والمال وكذلك الوقت، يمكن تنفيذه بأسلوب الاستثمار (اي منحه الى شركات اجنبية) مقابل اعطائها نسبة من عائداته لفترة زمنية محددة”.
وأوضح الباحث الذي طلب عدم ذكر اسمه، انه “يمكن إنشاء مصرف خاص بالمشروع وفتح باب المساهمة للمواطنين العراقيين والمستثمرين المحليين، وبذلك لا تنفق الدولة اية اموال على المشروع، كما يمكن العمل بالطريقتين في آن واحد، اي انشاء مصرف وفتح باب المساهمة ليصبح للمواطن العراقي دور هام في حماية وادامة المشروع، وللاستفادة من خبرات وامكانيات الشركات الاجنبية، فضلا عن نفوذها الاقليمي والدولي، حيث يحتاج مثل هذا المشروع الى مساندة قوية كونه قد يتعارض مع مصالح بعض الدول المجاورة ويدفع بها الى عرقلته”.

ويكمل الباحث العراقي حديثه قائلا: ان من بين اهداف المشروع:
أولا: تحفيز الأساطيل البحرية على الدخول الى العراق وصولا الى غرب بغداد مما سيلغي مسافة (550كلم) من النقل البري المكلف.
ثانيا: إحداث تغيير جغرافي مهم في خارطة العراق وبالتالي حدوث تغيير بيئي سيؤدي الى تغيير مناخي في مناطق جنوب وجنوب غرب العراق.
ثالثا: تعتبر القناة المائية بمثابة حزام أمنى مهم للغاية، سيطوق محافظات العراق الجنوبية ويحدد حركة الدخول اليه.
رابعا: استثمار القناة لتربية الكائنات البحرية وإنماء الثروة السمكية بما يوفر عائدات مهمة جدا.
خامسا: انشاء موانئ جانبية وتحديدا قبالة ذي قار(منطقة اثار أريدو) واخرى قبالة السماوة (منطقة اثار الوركاء) مما سيسهم وبشكل كبير في احياء السياحة الاثارية، سيما مع الاقبال المتزايد عليها نتيجة ضم هذه المناطق الى التراث العالمي، فضلا عن دور القناة في احياء السياحة الدينية حيث ستكون النجف وكربلاء قبلتان مهمتان لابحار للسفن الاسيوية وغيرها.
سادسا: توفير الالاف من فرص العمل اثناء وبعد انشاء القناة.
سابعا: امكانية تحويل جهد الحشد الشعبي للعمل في هذا المشروع بعد الانتهاء من تحرير الموصل، وبهذا يضمن البلد مكافئة هذه القوة الشعبية، وكذلك ايجاد بديل عملي مناسب لوجودها.

وحول المشروع يقول الباحث ان هناك مجموعة ملاحظات مهمة يفترض اخذها ايضا بنظر الاعتبار ومنها:
1ـ طرحت السعودية مثل هذه المشروع في العام 2012، حيث فكر بعض خبرائها بإنشاء قناة مماثلة لربط الخليج بالبحر الاحمر، لكن القناة السعودية واجهت صعوبات أكبر، بسبب ارتفاع اراضيها حيث يبلغ معدل ارتفاع اراضي السعودية عن سطح البحر، حوالي (600م) بينما ارتفاع اخر نقطة في وادي النجف عن سطح البحر، هو (32م)!.
2ـ يحتاج المشروع الى اعادة كري القنوات الرابطة، اي قناة خور عبد الله والزبير، لتحقيق الاعماق المناسبة لابحار السفن.
3ـ يحتاج المشروع الى انشاء من (4-6) جسور متحركة لعدم عزل بقية الاراضي العراقي (جنوبا) عن امتدادها الوطني.
4ـ التفاصيل الفنية لإنشاء القناة كلها موجودة ومدروسة بشكل دقيقة ولا توجد اية معرقلات للعمل، لكن يحتاج الامر الى قرارات حكومية لإمضائه والبدء بوضع التصاميم النهائية.
5- بالنسبة الى تسمية القناة بقناة النجف العراقية، فذلك لعدة اسباب اهمها هو كون القناة تسير بالضبط في اراضي بحر النجف القديم ولان القناة تنتهي خلف وادي السلام بالنجف.
من جهته، يقول المهندس رياض علي، “انا مهندس مدني وساهمت في مشاريع عديدة منها المصب العام، والفكرة صحيحة وقابلة للتنفيذ لان هذه القناة في أصعب مناطقها سوف يصل العمق فيها الى 50 مترا وهذا قابل للتطبيق”، منوها الى ان “مستوى سطح البحر يعتبر صفر ومنسوب بغداد 32 م وهذا ليس اعلى من مستوى البحر ما يجعل المشروع قابلا للتنفيذ، بينما مثلا يبلغ منسوب حديثة 800 متر مما يجعل ربط هذه القناة بالبحر الاحمر او المتوسط مستحيلا”.
وأضاف، ان “العالم يتجه الى الاعتماد على الماء والكهرباء والطاقة الشمسية والنووية وغيرها بديلا عن النفط والفحم والبنزين ونحوها كمصادر طبيعية للطاقة، وحققت فعلا خطوات متقدمة جدا في هذا المجال لا سيما وأنها كرست جهد علمائها للبحث عن مصدر اخر للقوة غير النفط، وهذا ما يجعل مستقبل النفط الى زوال، وذلك من شأنه بالتأكيد ان يساهم في ايقاف عجلة البحث عن مصادر الطاقة الفحمية والبترولية وتهميشها تماما ما يعني انخفاض قيمتها المادية الى أدني مستوياتها وبالتالي تغيير خارطة العالم الاقتصادية”.
الى ذلك، قال المواطن لطيف السيد، ان “العالم متجه الى الطاقة النظيفة والى مشاريع الاكتفاء الذاتي ويخطط الى اليوم الذي لا يمكن فيه ان يشتري النفط ويفكر مليا في الابتعاد عن هذا المصدر المهم للطاقة ولا بد ان يأتي يوم يصبح فيه النفط مجرد مادة بسيطة حالها حال الفحم الذي كان يوما ما مصدرا مهما للطاقة وثروة عظيمة لكل البلدان وكيف أصبح اليوم لا يساوي شيئا امام ثروة النفط، ولا بد ان يأتي مثل هذا اليوم على العراق فيفقد قيمته لذلك يجب ان يفكر العقل العراقي بمشاريع وبدائل تساهم في إنعاش الواقع الاقتصادي”.

من الوهلة الاولى يبدو ان الفكرة غريبة او طريفة، لكنها بالحسابات العلمية ممكنة جدا وما يجعلها ممكنة واكثر واقعية، وبالحسابات العلمية بإمكان اي باحث ان يكتشف بان فكرة انشاء قناة في العراق كقناة السويس ممكن جدا، وهذا ما سيساهم في اتساع الرقعة الجغرافية الزراعية والسكنية وتشغيل الالاف من الشباب في مشروع كهذا لن يأخذ من ميزانية العراق اكثر مما تمت سرقته وتبذيره من قبل الحكومات المتعاقبة على حكم العراق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here