زيارة مقتدى الصدر للسعودية …. خيارات امة وضرورات حكام

ناصر سعيد البهادلي

هنالك نوعين من السياسة ، نوع الدهاء والذكاء ونوع العنتريات والخطابات التسويقية للقواعد الشعبية ، في تاريخنا المعاصر وجدنا ان النظام المالكي انتج ساسة اصبحوا مدارس سياسية في الذكاء والدهاء مثل نوري السعيد الذي اطلق عليه وصف ثعلب السياسة ، ومن مقولاته التي اصبحت عنوان على تحقيق الاهداف مرحليا هي خذ وطالب ….
وجدنا ساسة ايران بعد الثورة الاسلامية من ابناء مدرسة الذكاء والدهاء فنجحوا ايما نجاح في رفعة وتطور دولتهم وبلدهم ، فها نحن وجدنا لايقطعون ادنى رابطة حتى مع الدول او الجهات التي تعاديهم ، ومن امثلة ذلك علاقتهم بحماس التي تنكرت لفضل ايران وسوريا عليها لتسرع بمناصرة الربيع العربي المشؤوم الى ان اتعظت وتراجعت عن موقفها الى الحياد اخيرا ومع ذلك لم تقطع ايران علاقتها مع حماس طوال فترة تقلب حماس .
في النوع الثاني 
امتاز الطاغية المقبور صدام كنموذج صارخ لمدرسة العنتريات فاورد نظامه والعراق الى الهلاك والدمار ، وللاسف تأثر الكثير من ابناء العراق بهذه المدرسة وبعضهم وظفوها لكسب القواعد الشعبية ، ومن النماذج الواضحة في ذلك مجمل ساسة الاسلام السياسي ، بل في دورتي السيد المالكي كان تعاطيه مع الامور والاحداث يغلب عليه طابع العنتريات فوصلنا الى احتلال داعش لثلث العراق … 
نعم كان خير من اصبح كنموذج لمدرسة الذكاء والدهاء في نظامنا الجديد هو المرحوم الدكتور الجلبي الذي تم تسقيطه من ابناء الاسلام السياسي.
اليوم
ولي عهد جديد في السعودية محمد بن سلمان يكاد ان يكون هو الراسم لسياسة السعودية مستقبلا ، وهذا الرجل ستتحول سياسة السعودية تحولات نوعية في عهده ، لا نستطيع ان نقول ان التحولات ستكون ايجابية بل الراجح انها خطة جديدة افرزتها دوائر الاستخبارات الامريكية لمواجهة ايران ، تلقى رجالات الساسة العراقية دعوة من هذا الملك الفعلي لزيارة السعودية ، وباكورتها دعوة مقتدى الصدر ، وقبلها وفي لقاء هذا الملك مع وزير الداخلية قاسم الاعرجي وماحمل من دلالات تحتاج الى قراءة كموافقته على زيادة عدد الحجيج العراقيين ……
لبى السيد مقتدى الصدر الدعوة وكان له استقبالا حافلا وحفاوة بالغة ، وبالتأكيد لانطمع بان نتصور ان السعودية تحولت الى دولة ملائكية ، بل مادام هذه الدولة ترتكز في نظامها على المدرسة الوهابية فبالتأكيد انها ستبقى مثيرة وصانعة للارهاب والاضطراب شائت ام ابت ، ولكن السؤال الملح هنا ، هل من الجيد قبول السيد مقتدى الدعوة ويزور السعودية ؟؟؟ ، لكي نجيب عن هذا السؤال لابد ان نعرج على معرفة السيد مقتدى هذا ؟؟ :
1- السيد مقتدى شاب ورث مسؤولية جسيمة من ابيه الشهيد الذي له تيار عريض وحقيقي وليس جمهور سلطة
2- على خلاف الجو الشعبي العراقي الذي فرح بالاحتلال الامريكي لاسقاط صدام فانه انبرى مقاومة ومقارعة للاحتلال مع جمهوره الحقيقي
3- لايمكن المزايدة على وطنية السيد مقتدى وحرصه على العراق وهو ينتمي الى عائلة الاكثر تضحية في سبيل العراق ولاسيما دمائهم واعلاها دماء الشهيدين باقر الصدر و محمد الصدر رضوان الله عليهم
4- مقارعته للاحتلال وشهادة السيد اكرم الحكيم * على وطنية السيد مقتدى الصدر قبيل الاحتلال تضاف الى زيادة الاطمئنان وترفع ادنى شك بوطنية السيد مقتدى الصدر
5- مواقف اثبتت حرصه على العراق منها سحب وزرائه ومطالبته باستبدالهم بوزراء تكنوقراط الا ان السيد المالكي استبدل اغلبهم بتابعين له !!! ، اضافة الى المظاهرات المستمرة ضد الفساد والتي تسبب ملل وانكفاء بعض ابناء تياره ولكن لان الجمهور حقيقي وجدنا عدم التآكل المعتد به لمساحة التيار ، اضافة لدعمه وتعاونه مع شراذم لايعتد بها كالتي تسمي نفسها مدنية محاولة منه ابعاد العراق عن حكم الاسلام السياسي .
…..

من هنا فالرجل مأمون على العراق ، ولكن مع ذلك يبقى الخوف يخالجنا من السعودية ورجل امريكا الجديد محمد بن سلمان وخطة دوائر الاستخبارات الامريكية الجديدة ، وعليه ان التعاطي بكل الاحول مع السعودية والخطة الامريكية يجب ان ينطلق من مدرسة الذكاء والدهاء ، ونتمنى بشكل ملح ان يسترشد السيد مقتدى بالسيد السيستاني حفظه الله لما عرف عن السيستاني حكمته وبعد نظره الى الامور ….
انها زيارة موفقة ان شاء الله على الرغم مما يلاقيه السيد مقتدى من مدرسة العنتريات التي تخاطب وتوجه غرائزيا القواعد الشعبية البسيطة ضده ، فالسياسة الناجحة تتبع القادة لا تتبع العمق الشعبي البسيط التفكير والذي تثيره وتحركه خطابات العنتريات ، وليس ادل من الربيع العربي المشؤوم كيف استطاع الاعلام الموجه بخطاب العنتريات المثير للغرائز لتخرب الشعوب بيوتها بايديها ، فهنالك خيارات امة وضرورات حكام .
نسأل الله اللطف بالعراق ورد كيد الاعداء الى نحورهم
…………………………………………………………………….
* صرح السيد اكرم الحكيم وهو قيادي في المجلس الاعلى وفي فترة الصراع بين التيار والمجلس الاعلى وصل الى حد الاقتتال في بعض المناطق الشعبية ما مفاده ” انه بعد الاتفاق على اسقاط صدام مع امريكا من خلال الغزو الامريكي تم ارسال وفد الى السيد مقتدى الصدر طلبا لمشاركته وموافقته ، فرفض السيد بشدة غزو العراق امريكيا بل وقال للوفد يجب ان نوصلكم الى الشمال وبحماية لكي لا تقبض عليكم المخابرات العراقية فيقولون ان الصدر سلمهم الى صدام ، وفعلا تم ايصالهم للشمال ”

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here