هل الملح يضرُّ بصحتنا كما كنا نظن؟

 ترجمة/ أحمد الزبيدي

منذ زمن طويل والرأي السائد عند الكثير منا، أن تناول الملح هو أحد الأسباب المهمة لارتفاع ضغط الدم. ولكن، مع تعمق الأبحاث في هذا الموضوع، أصبح من الواضح أن القصة هي أكثـر تعقيداً. فقد ذهبت أحدث دراسة في هذا الموضوع الى اخلاء ساحة الملح من الاتهامات التي كانت توجه له في الماضي. فمجموعة كبيرة من الدراسات كانت تشير الى أن، الافراط في تناول الملح يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وحددت المؤسسات البحثية كمية الصوديوم الموصى بها للاستهلاك بحدود 2300 ملليغرام يومياً.

ومع ذلك، فإن مجموعة جديدة من الدراسات جعلت هذا المبدأ في موضع شك، والباحثون يسألون الآن، ما إذا كانت العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم والملح لها ما يسندها علمياً. وقد انتهت الباحثة لين مور. أستاذة الطب في كلية الطب بجامعة بوسطن في ماساتشوستس، من دراسة أجرتها مؤخراً مع فريق من الباحثين. وجمعت مور وفريقها بيانات من 2،632 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 30 و 64 عاماً،. وكان ضغط الدم لجميع المشاركين في معدلاته الطبيعية في بداية الدراسة.
وعلى مدى فترة المتابعة التي استمرت 16 عاماً، لاحظ الباحثون أن المشاركين الذين يستهلكون أقل من 2500 ملليغرام من ملح الصوديوم كل يوم، لديهم ضغط دم أعلى من أولئك الذين يستهلكون كميات أعلى منه .
ويبدو أن النتائج غير بديهية. وكما كتب المشرفون على الدراسة: “في حين توقعنا أن يكون تناول الصوديوم الغذائي مرتبطاً بشكل إيجابي مع كل من ضغط الدم الانقباضي و [ضغط الدم الانبساطي]، تم العثور على نتائج معكوسة”. وعلى الرغم من أن النتائج تبدو وكأنها تطيح بالاعتقادات السائدة، فإنها تتماشى مع دراسات حديثة أخرى تسأل أسئلة مماثلة. وقد أظهرت الأبحاث أن النظم الغذائية منخفضة الصوديوم والوجبات الغذائية عالية الصوديوم على حد سواء تحمل مخاطر أعلى من الاصابة بأمراض القلب.
ويشير المشرفون أيضاً “لم نعثر على أي دليل على أن اتباع نظام غذائي تكون فيه كمية الصوديوم أقل له أي آثار مفيدة على المدى الطويل على ضغط الدم، وتضيف نتائجنا إلى أدلة متزايدة على أن التوصيات الحالية بشأن تناول الصوديوم قد تكون مضللة”.
كما تم التأكيد على أهمية البوتاسيوم الغذائي في هذه الدراسة. ووجد الفريق أن الأفراد الذين يعانون من أنخفاض ضغط الدم هم أولئك الذين لديهم كميات اكبر من الصوديوم والبوتاسيوم. وعلى النقيض من ذلك، كان لدى أولئك الذين لديهم أرتفاع في ضغط الدم كمية أقل من الصوديوم والبوتاسيوم.
تقول مور: “تشير هذه الدراسة وغيرها إلى أهمية تناول البوتاسيوم، وعلى وجه الخصوص، على ضغط الدم وربما نتائج القلب والأوعية الدموية أيضاً”. كما شوهدت تأثيرات مماثلة عند تحليل المغنيسيوم والكالسيوم؛ وارتباطها بمستويات أعلى لخفض ضغط الدم، والعكس بالعكس. وخلص المشرفون على الدراسة إلى ما يلي:
“ان هذه البيانات لا تدعم اي خفض لتناول الصوديوم بين البالغين الأصحاء إلى أقل من 2.3 غرام في اليوم على النحو الموصى به.وتؤيد هذه الدراسة العثور على علاقة عكسية واضحة بين البوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم وضغط الدم وان هذه العلاقة تتغير مع مرور الوقت”. تريد رئيسة فريق البحث لين مور، أن تلعب دراستها دوراً في تغيير الانماط الغذائية في جميع أنحاء الولايات المتحدة وتشير الى ذلك بالقول: “آمل أن هذا البحث سوف يساعد في إعادة تركيز المبادئ التوجيهية الغذائية الحالية للأمريكيين نحو أهمية زيادة تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم من اجل الحفاظ على معدلات صحية من ضغط الدم “. وتوضح مور أيضاً، أنه قد يكون هناك أشخاص معينون حساسون بشكل خاص للصوديوم والذين قد يستفيدون بالتالي من تقليل الملح في غذائهم. وربما في المستقبل، ستساعد أساليب الفحص لحساسية الملح على تحديد أيّ من الأفراد يحتاجون إلى أن يكونوا أكثر حذراً. كما استنتجت المزيد من الدراسات، أن دور الصوديوم في ارتفاع ضغط الدم هو أقل مما كان يعتقد في الماضي، ومن المؤكد أن تتغير التوصيات الغذائية بما يتماشى مع هذه النتائج.
عن ميديكال مغازين
متابعة صوت العراق

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here