الفوضى السياسيّة فـي الموصل ترشِّح العبيدي لمنصب المحافظ

بغداد / وائل نعمة

عاد إلى الضوء مجدداً اسم وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، الذي أقيل قبل أكثر من عام في جلسة برلمانية مثيرة، كمرشح محتمل لمنصب محافظ نينوى.
لكنّ العبيدي، الذي يستعد بقوة على وفق مقرّبين منه، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، لايملك “غطاء سياسي” داخل مدينة الموصل يؤهله لشغل المنصب.
وينفي (ائتلاف النهضة)، الذي يزعم امتلاكه الاغلبية في مجلس المحافظة، الاتفاق على اسم العبيدي كمرشح عن المحافظ المقال نوفل العاكوب، الذي ينتمي الى نفس الكتلة.
وكان اسم الوزير السابق قد طرح أكثر من مرة، قبل وبعد تحرير الموصل، كرئيس لإدارة انتقالية أو كحاكم عسكري، من دون أن تعرف الجهة التي تقف وراء ترويج اسمه.
وإلى جانب العبيدي تطرح أسماء شخصيات “سُنّية- عربية”، كما جرى عليه التوافق منذ سنوات في إدارة المحافظة، كمرشحين محتملين لمنصب المحافظ.
لكنّ اللافت وجود شخصية أخرى ذات خلفيات وانتماءات سياسية متناقضة تسعى وراء المنصب، بحسب بعض مصادر محلية.
لكنّ هذه السيناريوهات تبقى طي الكواليس، إذ قد يتمكن المحافظ العاكوب من إجهاض ترتيبات معارضيه ويعود الى منصبه مرة أخرى بقرار قضائي. وينتظر المحافظ المقال أن تبتّ المحكمة الاتحادية بطعن تقدم به ضد قرار إقالته.
ولم يستبعد مقرّبو العاكوب أن يفتح النار، في حال عودته، على التحالف الذي أزاحه من المنصب اعتماداً على ملفات الفساد التي بحوزته. لكنّ الاغلبية التي أطاحت بالعاكوب تتوعده بإقاله أخرى.
ووافق مجلس محافظة نينوى بالإجماع، مطلع تشرين الثاني الجاري، على إقالة العاكوب على خلفية اتهامه بـ”الفساد وهدر المال العام واستغلال السلطة”.
وأكد مجلس نينوى عزمه إحالة “الأوراق والأدلة كافة التي تثبت تورط المحافظ المُقال في تلك القضايا” إلى القضاء. بدوره نفى العاكوب، الذي لم يحضر جلسة الإقالة، الاتهامات الموجهة له، ووصف إقالته بـ”غير القانونية”.
وكان ائتلاف مكوّن من قوى عربية وكردية في مجلس نينوى، يمتلك الاغلبية بـ21 عضواً من أصل 39، قد نجح بالاتفاق على تغيير المحافظ.

في الغرف المغلقة
وبحسب كواليس مجلس نينوى، فإن كتلة النهضة صاحبة الكتلة الأكبر في داخل الائتلاف، اشترطت ان تكون هي صاحبة الحق بتقديم المرشح.
وائتلاف النهضة، هو اسم بديل عن (متحدون) الذي كان يتزعمه المحافظ الاسبق أثيل النجيفي.
وفتح مجلس نينوى، الاحد الماضي، باب الترشيح لشغل منصب المحافظ، مشترطاً أن يكون مقيماً في نينوى لـ”10 سنوات” بشكل مستمر، وأن لاتكون إقامته في المحافظة لـ”غرض التغيير الديموغرافي”.
ويقول مصدر قريب من الحوارات السياسية لـ(المدى)، وطلب عدم ذكر اسمه، إنّ من شروط المتحالفين مع النهضة أن يكون المرشح “غير متورط بالتعاون مع داعش وتكون لديه مواقف وطنية واضحة بعد حزيران 2014”.
ويتكون التحالف الجديد من 10 أعضاء يتبعون كتلة النهضة، التي يتزعمها عضو مجلس المحافظة عويد الجحيشي، بالاضافة الى 8 أعضاء من الحزب الديمقراطي، و3 من الاتحاد الوطني.
بدوره يؤكد داود جندي، عضو كتلة الاتحاد الوطني في مجلس نينوى، أن التحالف الذي أقال العاكوب، ويضم أطرافاً كردية وإيزيدية، اشترط أن “يناقش اسم المرشح، وان لايكون قبوله مطلقاً”.
ولهذا السبب بالذات، يستبعد جندي، في تصريح لـ(المدى) أمس، ان يتم قبول ترشيح وزير الدفاع خالد العبيدي ، لأنه “سيواجه أسئلة كثيرة من المتحالفين مع كتلة النهضة، عن سبب إقالته من البرلمان” .
وتبدو بعض الاطراف، بحسب المسؤول المحلي، قلقة من أسباب إقالة العبيدي، الامر الذي سيحرمه من الظفر بالمنصب.
وصوّت مجلس النواب بالأغلبية، في آب 2016، على سحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي، على خلفية الاتهامات المتبادلة بينه وبين رئيس المجلس سليم الجبوري حول شبهات فساد.
وخلال الاسبوعين الماضيين تردد اسم العبيدي، كأحد أصحاب الحظوظ الكبيرة في شغل المنصب بديلا عن نوفل العاكوب.
لكنّ علي خضير، عضو ائتلاف النهضة، نفى أن تكون كتلته قد طرحت اسم وزير الدفاع السابق أو أي اسم آخر بديلاً عن العاكوب
وأكد خضير، في حديث لـ(المدى) أمس، أنّ “وزير الدفاع السابق ليس لديه حظوظ في ذلك المنصب”. وأضاف “لايملك العبيدي أي كتلة سياسية في نينوى، وليس لديه عضو في مجلس المحافظة”.
وخالد العبيدي، كان عضواً في ائتلاف متحدون الذي شكل الحكومة المحلية في نينوى بعد انتخابات 2013. وقبل إقالة رئيسها المحافظ أثيل النجيفي في أيار 2015، شهددت الكتلة انشقاق أغلب أعضائها وتأسيس (كتلة النهضة) ثم قرروا إقالة زعيمهم السابق.
بالمقابل يقول زهير الجبوري، وهو قيادي في (كتلة متحدون) في الموصل، “لا أتوقع أن يقوم خالد العبيدي بتقديم نفسه لشغل منصب المحافظ”.
ويقول الجبوري، في اتصال مع (المدى) أمس، ان “العبيدي لايمكنه القبول بمنصب أقل من وزير”، مضيفا “بحسب علمي انه يخطط لإعلان كتلة سياسية وخوض الانتخابات البرلمانية”.
وعلى وفق المصدر المطلع على نقاشات القوى السياسية في الموصل، فإن “جهات في بغداد قد يكون من بينها رئيس الوزراء حيدر العبادي وراء دفع العبيدي لذلك المنصب”.
وكان العبادي متمسكاً، حتى الاوقات الاخيرة بوزير الدفاع السابق. ورجح بعض المراقبين آنذاك ان يكون رئيس الوزراء من دفع العبيدي للحديث عن ملفات الفساد الشائكة في جلسة إقالته.

من يفوز بالمنصب؟
وعن المرشحين الآخرين، يقول المصدر القريب من الكواليس إن “عويد الجحيشي، وهو رئيس ائتلاف النهضة، يسعى الى المنصب، فضلاً عن ابنيان الجربا وهو من نفس الكتلة”.
بالمقابل يبرز اسم عبدالرحمن الوكاع، وهو من فريق العاكوب، كأحد أبرز المرشحين. وما يعزز ذلك أن أوساط العاكوب تؤكد أن “المرشح المقبل سيكون من نفس كتلة المحافظ المقال”.
كذلك يؤكد المصدر أنّ زهير الأعرجي، الذي ظهر بشكل مفاجئ في الموصل بعد فترة من الغياب، قائممقاماً للمدينة، طرح اسمه كأحد المرشحين لشغل منصب المحافظ. ويعتبر الأعرجي أحد الشخصيات الموصلية المقربة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، لكنه الآن متحالف مع أطراف كردية، بحسب المصدر ذاته الذي يستغرب ترشيح الأخير “لأنه شيعي والاتفاق السياسي في نينوى أن يكون المحافظ سنّياً عربياً”.

مفاجأة العاكوب
إلى ذلك يتوقع أن يحضّر المحافظ المقال مفاجأة لمعارضيه من شأنها أن تعيده الى المنصب.
ويقول عضو في مجلس نينوى مقرّب من العاكوب لـ(المدى)، ان الاخير “يقترب من الحصول على قرار قضائي بإعادته الى منصبه السابق”.
وبعد جلسة إقالته، قال العاكوب، الذي ينتمي الى ائتلاف يتكون من 15 عضواً يرأسه وزير الزراعة فلاح زيدان، “لايوجد ضدّي أي ملفّ فساد وسأطعن بقرار الإقاله أمام المحكمة الإدارية”.
ويؤكد العضو في فريق العاكوب، الذي طلب عدم كشف اسمه لحساسية الموضوع، أن “المحافظ حين سيعود سيفتح النار على الجبهة التي أقالته، عبر فتح ملفات فساد ضد بعض الشخصيات”.
وكشف العاكوب، في وقت سابق، عن إقامته دعاوى قضائية ضد 13 عضواً من مجلس المحافظة بتهم فساد إداري ومالي.
بدوره يؤكد علي خضير، من فريق المعارضة، أن “العاكوب يبحث في بغداد عن مخرج لإعادته الى منصبه”. ويردف بالقول “إذا عاد ستجري جلسة استجواب ثانية ثم نقيله”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here